كان ومازال بي اعجاب شديد لحد الوله لشاعر الرومانسية والحنين عبد المنعم عبد الحي وقد بدأ ذلك الاعجاب منذ بواكير شبابي، حينها لم احفل بمعرفته ولا اصله وفصله الا ان بدات التفت الي الشعر الغنائي ومفرداته ثم تطور الامر وبدأت احس بالحوجة الي موضوع تصنيف هذا الشعر والسؤال الملح حول كيفية توثيقه بل تصنيفه ويبدو ان الامر لم يتعدى التفكير وهوس التوثيق الذي كنت ومازلت مفتونٌ به او قل فعلت ذلك شفاهةً والشفاهة شقيقة النسيان اما افة النسيان يا سادتي فهو بمثابة السوسة كل عمل انسان لقد اشرنا واشار كثرٌغ غيرنا الي عاقبة عدم توثيق تراثنا حتى يصبح ملكاً وارثاً مشاعاً للاجيال اللاحقة بعد ان شفنا تلك الكارثة التي ابتلينا بها وورثناها ممن سبقونا الا وهي طمر تاريخنا، نعم نعم سادتي تعلمون انه قد طُمر تاريخ بلد ويعمد- يجمع الكثير من المؤرخين وعلماء الحفريات بانه اصل الحضارة الانساني دعك عن هذا فقد ترى فيه شئ من المبالغة وقد يعتبره الحاسدون هراء..لكن تامل معي احبك الله ونحن نسأل مع شيخ الاتحاديين واحد ابرز مؤسسي حركة الخريجين العظماء المرحوم مدثر البوشي الذي بح صوته وهو يلح ويسأل اين ذهبت مداولات مؤتمر الخريجين ونحن نصرخ معه اين اختفت مخطوطات مملكة سنار التي محيت اثرها وطمست مخطوطاتها وامعاناً في قتلها سميت بالسلطنة الزرقا ومن عجب ان تختفي مخطوطات بذل فيها اصحابها مابذلوا حتى ان بعضهم قتلته اتربة الكتب وبلاهة تلك الغرف الطينية الضيقة وسوء التغذية وذهبت عقول الكثيرين وهم في ريعان شبابهم لتنهب مجهوداتهم ويتغول عليها انصاف المثقفين واشباه المبدعين ولا مبدعين.. صاحب الفرائد والغناء العفيف المتفرد عبد المنعم عبد الحي ذلك الولهان الذي تغنى بصوت حنون لمحبوبته ام درمان ولم تتغنى له امدرمان كما تغنت له الخرطوم وشدت طرباً باسواط مبدعيها: لوعبرة بتزيل غصة انا الغصة يا امدرمان وتمايل اليُفع وسالت دموع العذارى وهن يتحرقن شوقاً ولهفة لحبيب غائب في تلك الايام والذي في الغالب يكون معلماً او ضابطاً بالجيش او سافر يجيب المال ويدخل بيت الحلال كما شدى شاديهم ولكانه اصبح لسان حالهن... عبد المنعم كُتِب عليه ان يسافر شمالاً لارض الكنانه ويستقر هناك ضابطاً بالجيش المصري ويهجر محبوبته ام در التي سكنته جوه الضلوع وبكى فراقها: لو ذكرى بتهادي حنان ولو انسان صبح قصة انا القصة يا امدرمان حقيقة اليس عجيب امر الانسان فهو من يختار حياته ورغم ذلك تجده يندب حظه ولنفترض انه اجبر على شي كالهجرة مثلاً ولنقل في بواكير حياته وهو لا يملك قرار نفسه ثم شب عن الطوق وقوي عوده ونال حظه فيما هاجر اليه الم يفكر جاداً في العوده الي مرتع صباه؟ ثم ان تعذر ذلك وهذا وارد فلم التباكي إذاً واهلنا قالوا: التسوي ايدك يقلب اجاويدك واردفوا: حفر ايدك وغرق ليك لكن كنّا اسلفنا تلك هي حال النفس البشرية لا يهدأ لها بال ولا ترضى بما عندها وهي في حالة صراع واستحواذ وتغير ولن ترتاح حتى ان بلغت الثرياء.. انصفوا عبد المنعم عبد الحي..كرموه اكرمكم الله.. دام عزكم ومني ليكم كل الود عثمان يوسف خليل عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.