عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. لك أن تتخيل عزيزي القاريء واحدة من (الممسوخات) والمشوهات تمسك بالمايك لتغني " صف العيش أحلى حاجة.. صف البنزين أحلى حاجة.. السوق الأسود أحلى حاجة"، وبدلاً من أن ينفض الناس من حولها تجد العشرات، وربما المئات ممن يتراقصون على أنغامها وكلماتها الماسخة! وفي مشهد آخر لا يقل قُبحاً عما تقدم تُعقد جلسة مصالحة بين (ممسوختين) وتنتهي (مراسم الصلح) المزعوم بوضعهن على كراسي يتولى حملها عدد من حراس (الممسوختين). والمؤسف أن مثل هذه المشاهد لا تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تتناقلها بعض صحفنا ومواقعنا الإلكترونية كأخبار تستحق المتابعة. تتكرر مثل هذه المشاهد البائسة في بلد أشعل أهله واحدة من أعظم الثورات في عصرنا الحالي. ولا أدري كيف نسمح كقوى ثورة وكمجتمع وقادة ومسئولين بمثل هذا العبث بالرغم من زهونا المستمر بثورة ديسمبر التي أطلقنا عليها (ثورة الوعي)!! معلوم أن أولئك (المقاطيع) ما كانوا سيطيلون أمد ظلمهم وطغيانهم لو لا وجود بعض الساقطين الذين ساندوهم وهيئوا لهم الأجواء لإفساد ذوق وحياة السودانيين. لكن ما الذي تغير بعد الثورة في هذا الجانب تحديداً؟! لا شيء. فما زالت الأخبار التافهة تحظى بالاهتمام أكثر من غيرها، وإلا لما تجرأت الصحف والمواقع بتداولها. لو كانوا يؤمنون حقيقة بأن هذا الشعب قد فارق توافه الأمور لما تجاسروا بالنشر والترويج. ولو وجدوا حكومة ثورة جادة وصارمة في التعامل مع كل ما يفسد الذوق العام ويروج للسقوط الأدبي والفني والأخلاقي لما أقبلوا على مثل هذا الغثاء. لكن المؤسف أن قوى الثورة انشغلت بالمناصب دون أن تعد مجتمعها الذي ساندها طوال أيام الثورة للمرحلة الأصعب. كثر من رددوا الشعارات الجاذبة مثل " حا نبنيهو"، لكن لم يسأل أحد كيف سيتسنى لهم بناء الوطن في وجود مثل هؤلاء الساقطين دينياً وفنياً وثقافياً وأدبياً وأخلاقياً. كيف سيبنون وطناً لا يشعر فيه بعض من يطلقون عليهم لقب فنانات وفنانين بأوجاع أهلهم ولا حجم المآسي والموت والخراب الذي يعم الكثير من المدن السودانية! لو استجابت قوى الثورة للمناشدات منذ أيام الاعتصام وقبل اكتمال هذه الثورة وعملت على تنظيم الفعاليات التوعوية وبرامج تعزيز السلم الاجتماعي لإعداد أفراد هذا المجتمع للتغيير القادم لجنبوا البلد الكثير من الأزمات التي نعيشها اليوم. لو ركزوا على البرامج الثقافية ونشر أدبيات الثورة لتغير حال الكثيرين ممن أغراهم إعلام السقوط بالجري وراء الفارغة والمقدودة طوال سنوات حُكم المخلوع. لو توفرت مثل هذه البرامج حينذاك لما اشتعل شرقنا الحبيب، ولما وجد المخربون العملاء الفرصة لإشعال الفتن وخلق البلبلة فيه. ولو نشطت قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين في الأنشطة التوعوية وجابوا مختلف مناطق السودان كما دعوناهم آنذاك لسدوا الطريق أمام بعض سواقط المجتمع الذين يُسمون مجازاً ب (النجوم). ولو ركزت وزارات الثقافة والإعلام والرعاية الاجتماعية والشباب والرياضة بعد تشكيل حكومة الثورة على توعية وتثقيف الشريحة الأهم في هذا الوطن لما شُنفت آذاننا ولا تأذت أعيينا بسماع ورؤية مثل هذه الأغنيات الهابطة والمشاهد المؤذية في سودان الثورة. ولا أدري ما موقع هؤلاء (الهايفين والهايفات) من ثورة الوعي التي بُذلت من أجلها الأرواح ؟! /////////////////////