في قلب قارات العالم القديم والحديث، ربما تدفعك نفسُك أنه مجرد إنتماء إلا أنه بمكاشفة الحقيقة ، والغوص الماهر للتاريخ ستشهد جميع أزهار بستان الوجود الإنساني ؛ أنها بدأت في رقعة مُحددة عبقرياً على الكوكب الأزرق ، فكان قدرُها المحتوم نقل تلك الجينات الوحيدة والأولى من نوعها إلى العالم أجمع ليستنشق الهواء الصحي ؛ فقد جاءت مصر ثم جاء التاريخ مصبوغاً بها .. منذ سبعة آلاف سنة .. وما نمت بذور الحضارة إلا على تلك الأرض المباركة بما تحتويه من الكنوز التي لا تنتهي ، ولا تتكرر بمكان آخر . ومن لطائف القدر أن تتلاقى مع دوائر المعارف والخبرات ، لتسكن عقول مبدعة راقية أحالت التراب أحجاراً كريمة ولم لا ، فقد اتحدت الإرادة مع الإدارة لتدب الحياة على مُتحف العالم ، وتولد الزراعة والصناعة والتجارة تحت مظلة البحث العلمي الدؤوب للتطوير المستمر، فتختصِر للإنسان خطوات وقروناً من الظلام والتجارب ؛ لتخطو بالإنسانية جمعاء خطوات لا تقل أبداً عن قفزة الإنسان علي القمر بل تزيد. وقف العلماء والباحثون علي مدار التاريخ ، صفوفاً في مدرسة الحيرة من تلك الحضارة التي أبحرت بالعقول ؛ حتى ترسو بها على شاطئ التسليم التام وهم في ذهول مريع أمام معجزات تلك الحضارة الشامخة علي مر الزمان وفق كل المقاييس ، ليس فقط في زمانها بل في بطون الأيام اليتيمة الحالية الخالية من المضمون الحقيقي ، المشبع لأي حضارة عريقة تريد أن تقف على قدميها ، وقد شهد العلماء على منزلة مصر وفضلها على العالم وكيف لا ، ولها أعظم تاريخ للبشرية فقد أطلق عليها جيمس هنري " فجر الضمير " لأن تاريخ البشرية كان مظلماً قبل الحضارة المصرية القديمة ؛ وقال كارن شوبر عمدة برلين " كيف كان سيكون شكل العالم اليوم لولا الحضارة المصرية القديمة " وقال وارن داون " العلوم جميعاً خاصة الطب نشأت في مصر نحو خمسين قرناً من الزمان " ، وما زالت أسرار الأهرامات العظيمة تتمايل مع أمواج الزمن وقَلّما تبوح بها لأحد الغواصين . ولقد جاء أفلاطون مصر لتعلم الفلسفة في ثلاثة عشر عاما؛ وكتب في قانونه القديم " ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه من مصر " ونجد أن تاريخ مصر كله فنّ تجلى في الرسوم على جدران المعابد ؛ على مدار سبع آلاف سنة حتى لغة مصر كانت رسوم بدأت مع نعومة أظافر مصر ، ولذلك حين سألوا فرانسيس بيك " كيف تتقدم أوروبا قال حين يكون لها تاريخ وإن لم يكن لها تاريخ فلتأخذ التاريخ اليوناني الروماني المبني على التاريخ المصري " . وسط ذلك الزخم الثري عبر العصور لمدح مصر ، وحضارتها الفريدة وأهلها تطل الأسئلة الحائرة لتبحث عن سر تلك الأرض وذلك الإنسان ؛ وماذا ينقص المصري ليحتل المقدمة بما له من مخزون حضاري ، ليس له مثيل من الجينات البشرية الخاصة جداً ؛ فمصر الوجه الأسمر والحب الذي لا ينضب ، والجمال الذي لا يفنى، فهي كنانةُ الله في أرضه وستظل شامخة أمام أي عدوان ؛ فهي تؤثر بتراثها وثقافتها ولا تتأثر ولها شرف الذكر في الديانات الثلاثة ؛ وتحمل على كاهلها سجل الوجود الإنساني بثلثي آثار العالم للأجيال القادمة فماذا تبقى لتاريخ البشر . وما أكثر ما قيل عن مصر على مستوي الحضارة العريقة ، التي علمت العالم القيم الرفيعة و تحلت بها على مر العصور ؛ فما أروع أن يعرف الإنسان تاريخه قبل أن يقول أنا مصري . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.