عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. حين أعلن الرئيس ابراهيم عبود قبيل منتصف الليل حل المجلس اصابتنا هستريا الفرح المدهش والمزهل ، جرينا نحن مجموعة العزاب كل في وجهته من يبحث عن حذاء اي حذاء ليس شرطاٌ ان يكون خاصته اشتراه بحر ماله ومن يلهث يبحث ما يردتيه على جسده النصف عاري ، سواءاً كان جلباباًِ على مقاسه او مقاس شخص اخر او بنطالاً ، حتي لو كان لمن هو اقصر او اطول منه لا يهم . ولم تمر علينا هذه الهرجلة الهستيريه ، وبعد بضع دقائق وبضع مترات حين وجدنا او بالاحرى وجدت نفسي - لاننا مجموعة العزاب لم نر بعضنا الا بعد العودة ، اما انا فقد كان لقائي حاراً وعاطفيا وان شابته قليل سخرية / لان احد الساخرين قال لي لاداعي لتعليق الجلابية فقط أتكيها على الجدار ،تقف لوحدها..!!! -لانه اتى بعد مخاض ظل يؤرقهم وجودي علي مدى ثلاثة ايام أين انا ؟؟ لايعرفون انها كانت لي بمثابة ثلاثة دهور حسوما . لا علبكم سيأتي ذكرها لاحقاً - ما جرى اننا وجدنا انفسنا وسط موج هادر من البشر قد آتى في لحظات من كل فج عميق من حارات الديوم والصحافات وما جاورها . الأعمى يحمل المكسر والمكسر يكاد يحمله المغمى عليه وهكذا التحمنا واندغمنا داخل هذا السيل العرمرم من البشر والكل يهتف ما تجود به قريحته و فرحته من انتتصار هذا الشعب الاعزل على العسكر المدجج بالسلاح والبمبان والمٌدعم بالعصي والسيطان هؤلاء العسكر الذين اذاقوا البلاد المر الذي لم تتذوقه من قبل حتى ايام الاستعمار وان اكتشفنا ان هناك الأمر والأمر منه فيما يلي من دكتاتوريات وخاصة اخيرتها . وكنا فقط نتقدم ولا احد يدري الي اين ولم بكن احد منا يدري ان كان يمشي على قدميه ام طائراٌ محلقاٌ في الفضاء كما طيور الراحل العظيم مصطفى سيداحمد (لاتعرف ليها خرطة ولا ليها جواز سفر) في هذه اللحظة الطيرانية اكتشفت انني اسير حافياً لا ادري إن كان فقدت حذائي (سفنجتي ) اثناء هذا الطيران ام انني لم الحظ انني خرجت لابساً بدون حذإء!! . لا ادري كم من الزمان مشينا ولكنني وجدت نفسي داخل السجن الرهيب المهيب الذي اشرف على ادارته بعد تشييده الجنرال كوبر والذي سمي السجن باسمه مع كامل تلك التظاهرة الهادرة حتى بالقرب من زنازين الشرقيات والغربيات والسرايا وحتى زنازين الاعدام والتي تعرفت على خارطتها من الزيارات المتكررة فيما اتت من سنين في زياراتي المتكررة لها ليس كما انا احكي الان اقتحاماً ولا باوامر قضائية وانما بأوامر عليا امنية . ويبدو اننا ومجموعة ليست بالقليلة لم نضل طريقنا بل عمداً ساقتنا الى هناك اقدامنا او بفعل فاعل من اولئك الرفاق أرباب السوابق السياسيه حيث وجدنا انفسنا وجه لوجه مع المعتقلين السياسيين الذين نعرف بعضهم من صورهم في الصحف أو المعرفة الشخصية واخريين لا نعرفهم واختلطت اصوات حناجرنا باصوات حناجرهم تحية لنجاح الثورة وحملهم بعضنا على الاعناق يريدون بهم طريق الخروج واسكتونا فجأة وخطبوا فينا أن وقت خروجهم لم يئن بعد وسوف تخرجهم الثورة بقراراتها وامرونا بالخروج فوراًِِِ والا سنواجه المتاعب ، وقد صدقوا وما أن خرجنا باتجاه البوابة الرئيسة ، وقد خلت ساحة السجن من المتظاهرين ، حتى وجدنا أنفسناوقد إغلقت دوننا البوابة الكبيرة وفتح بابها الصغير ، وخروجنا كما امرونا أن يكون فردياً ، وبمجرد خروجك يحشرك العسكري في كومرهم المنتظر خارجاً وملأوا بنا كومرين واصبحنا حشراً محشوراً وتحركت بنا هذه الكوامر .، ولم نكن ندري الي اين يسوقونا وبعد مسيرة ليلية طويلة وجدنا انفسنا ونحن في سجن ام درمان حين فتحت بوابته العتيقة واغلقت علينا ولم تفتح هذه البوابة الا بعد ثلاثة أيام . لم يقترب منها او يدخل عن طريقها بشر بما في البشر من شرطة . ظللنا خلف بوابتها ثلاثة ايام بلياليها دون اكل او شرب غير مياه الحنفية التي تحتفظ بحرارتها حتى المساء. كما افترشنا ما علينا من ملابس وتزاحمنا في حمامها الوحيد وان لم نكن في حاجة اليه. ،فقط من باب تغيير الامكنة والترويح عن البطن الجوعانة لا غير .!! وفي نهار اليوم الثالث فتح باب السجن وخرجنا جماعات جماعات دون ان يودعنا أحد او حتى يردعنا أحد عن الخروج من مسؤولي هذا السجن العتيق ، وفور اطلالتنا على الشارع حتى فوجئنا أن هناك حظر تجول وكما قررنا طائعين ان نشارك شعبنا فرحته وتابعنا تظاهرتنا من الخرطومجنوب مشياً وتحليقاً حتى سجن كوبر. ، كتب علينا بغير ارادتنا هذه المرة أن نعود بذات الاقدام من سجن ام درمان حتى الخرطومجنوب وعلى اية حال كنا شباباً لنقول الا ليت الشباب يعود يوماً لنخبره بما فعلته بنا وفينا تلك الثوره العظيمة والتي بدات كالثورة الفرنسية في اقتحامها لباستيلها وانتهت بديسمبرها الاعظم في تفوقها على التورة الفرنسية بسلميتها وتطوير شعارات الثورة الفرنسة الى حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب وانتصرنا في ثلاثياتنا ثوراتنا العظميات وطردنا عسكرها .. وليعش سوداننا عالياً بين الامم .. نتحدى الموت .. نتحدى المحن .