وما الموت إلا سارق دق شخصه، يصول بلا كف ويسعى بلا قدم، وكل مصيبة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جلل، أي صغيرة لا تذكر، بيد أن فقد رجل بقامة أخينا جماع مردس، رحمه الله وغفر له، هو بلا شك مصاب عظيم. ومهما يكن الأمر فإن الموت نقاد، والدهر يرمي من بنيه أعفهم! وعلى كل حال فإن أخبث سبب للموت عرفته البشرية هو هذا الطاعون اللعين، كوفيد 19 المستجد، الذي ضرب أصقاع الأرض وأودى بحياة ملايين البشر. لقد أصابنا هذا الداء القاتل في عزيزنا الحبيب المستشار القانوني، وأبن المعاليا البار الأستاذ جماع مردس الذي كان مثالاً للكرم والنخوة ونكران الذات. لقد عرفنا جماعاً منذ فترة ليست بالقصيرة، وألفيناه جامعاً للفضائل كلها، ومن معدنه لا يستغرب الشيء؛ ذلك لأن الراحل هو سليل دوحة عريقة النسب؛ إذ جده لأبيه هو الفارس المغوار الناظر حنيطير الذي سارت بذكره الركبان والحقب، ومن ناحية الأم ينتمي جماع إلى الأمير سيماوي ود أم بدة وهو غني عن التعريف فقد طبقت شهرته الآفاق. كان جماع سنداً للضعيف، يساعد الكَل، ويعين على نوائب الدهر. وقال عنه الأستاذ عبد الرسول النور: "كان الناظر جماع مردس زينة المجتمعات وعطرها الفواح، يبذل وقته وماله لخدمة الناس بصدر منشرح وحديث لين، تتخلله ضحكاته المميزة المريحة التي تفتح الأبواب للتفاؤل والأمل. كان بيته في المهجر والوطن قبلة للناس ومقصداً." لقد بكى جماعاً خلقٌ كثير من جدة على الساحل للبحر الأحمر، وحتى دار المعاليا في شرق دارفور، مروراً بالخرطوم ودار حامد في شمال كردفان، فالكل يبكي "تقول معضوض" من شدة ما أصابته الحسرة وأعتصره الألم بسبب رحيل هذا الرجل الأمة الذي يعد هلكه ليس هلك واحد بل بنيان قوم تهدم. ولما كن جماع قد حاز كل تلك المكارم فقد رثاه كثير من الشعراء، بقولهم: رحل ناظر القبيلة البفرج الضيق رحل جماع فارسنا العشاري أبزيق رحل يا حليلو كان للعشاما رفيق يا ربي الصبر لي فراقو ما بنطيق رحل ود الكرام أهل الأصل والشيمة فحل أمات شواشي البطبق الزيمة رحل جماع أخوي التركتو قديمة بعدك دارنا خالية لا طعم لا قيمة رحل الما بخون العشير لا بعقرو مقنع الكاشفة كل الداخرو ليها بمرقو وارث الكرم عندو واحد غناهو وفقرو سائل ربي يمحا ذنوبو ويوسع قبرو محمد التجاني رحل العزو موروث من قديم مو الليلا رحل الفقدو عام مو داب الأهل والعيلا رحل فارس عركة اليوم البجقلب خيلا خلا الكيفنا يبكيهو ويقول يا حليلا رحل الفقدو مو داب القبيلة وعايله رحل الكفو عطاية ونديه وخايله رحل الفارس النشمي البعدل المايله شيخ جماع نسل البواسو الطايله محمد عوض يا ود قش رحل جماع فارس القبيلة اللي أم خدود مقناع عقيد القوم خبير أمات كبيرن زاع رقد خلانا بتّ قلوبنا بي الأوجاع وين الفي الحمول لا بوح ولا بتأنا وين القلبو كان مليان يقين ومحنا بركت الصلو في مكة الفرض والسنا يغفر ذنبو ربي ويعلي مقامو فوق الجنا رحل جماع لا ودعنا لا كلمنا مالو علينا بي خبر الرحيل هاجمنا فرقو علينا حار خشا الضمير وهزمنا رحماك ربي بي حبل الصبر ألزمنا محمد علي ود كرنو فقد العامة ما فقد المعاليا براها النوق ترزم والخيل فارقت مجراها دخري الحوبة سيرتك كلما نقراها شجاع وكريم ونفسك دنيا ما غاراها وين يا محمد اليالف العديم ويحسو عشى البايتات وصمد القالو ما بنجسو الما سمعنا بالعيب في المجالس حسو جاك يا ربي في غمرة جنانك دسو أبو النور الهادي رحل فارس اليوم البجيك طيرو كريماً إيدو عطايا ومدفق خيرو رحل مقنع الكشحن رماد لي خبيرو شيال حمولاً ما بشيليهن غيرو رحل البِعجن الفجج الوطاتهن ماحلة رحل العقبو سادات القبايل الراحلة رحل الاسمو في فخر اللرايل الكاحلة رحل النضمو من طعم التنوني نواحلة جندي الناقة فقيد دار حامد الغبش البعدلو المايله فتّق جرحنا وخلا المدامع سايله يا مقنع الكاحلة أم مسيرتن جايله يكون سكونك دار خلود ما زايله فانيا الدنيا من زمنا قديم يا سادة كم أخدت جرارق وكم رمت لي قادة القدر البياخد زولو دون إذن كالعادة ليهو نخت حساب ما الأخرة دايرة زوادة كل من فيها برحل والعمر محدود وفي قول المثل قالو البخيل ما بجود زعيم دار حامد وارث الكرم والجود من دار المعالية اليوم صبح مفقود الأمين البغدادي يرحمك الله يا فقداً عزيز ما ساهل كم عزيتنا في لمة شيوخ وجحافل روحك تلقى يا نجم السما الما آفل شربة هنية من الحوض ونبيّك كافل جهودك ديمة لي خدمة الأهل باذلها إيديك للصعاب العاصية بتذللها دعوةً اتمني ما تصادف ظرف يخذلها روحك تلقي في عالي الجنان منزلها مأمون البغدادي رحم الله فقيدنا الراحل جماعاً وأسكنه فسيح جناته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.