حليل أيامك يا دكتور أكرم. . فقد شعرنا خلالها بجرعات اهتمام وحرص على صحة المواطن بالرغم من استهتار هذا المواطن بصحته وعدم اصغائه لمن يكافحون من أجله. . الغريب أننا كنا نسمع في تلك الأيام صريخاً مستمراً وتذمراً لا يتوقف من الإغلاق. وتكذيباً متواصلاً لوجود المرض في بلدنا وكأن هذا السودان واقع في الفضاء لا في هذه البسيطة التي شكت عن بكرة أبيها من انتشار الوباء الفتاك. . وها هي الأيام تثبت أن دكتور أكرم سابق غيره وأنه لا يشبه غالبية مسئولي هذه الحكومة. . ففي الوقت الذي كان يعمل فيه من أجل محاصرة المرض منذ أيام ظهوره الأولى تحسباً لسرعة انتشاره في بلد مثل السودان، نرى القوم حالياً وكأنهم يقولون لنا موتوا حتى نرتاح من الصرف عليكم. . " ما البلد أصلاً ماشة بقدرة قادر" علي قول (الخبيرة الاقتصادية) الدكتورة هبة. . وطالما أن الكفاءات والخبراء الدوليين ينظرون للأمور بهذا الشكل فمن الطبيعي أن يقولوا لنا صراحة أو ضمناً " من لم يمت بالجوع، فليمت بالمرض والإهمال". فما شاهدناه في يوم حفل النصري أكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الحكومة غير مسئولة وغير وطنية وغير جادة. . إذ كيف يعلنون عن تأجيل المدارس بسبب الداء اللعين، وفي ذات الوقت يسمحون بمثل هذا السفه والتزاحم من أجل الرقص والطرب! . وها هو المشهد العبثي يتكرر مع اختلاف المقام. . فقد توفي الإمام الصادق المهدي (رحمه الله) متأثراً بإصابته بالوباء الفتاك. . وبدلاً من أن نشهد جنازة محدودة العدد وأن يُمنع اقامة عزاء، (شفنا) التخلف يمشي على رجلين اثنتين. . المتوفى بأي سبب غير الكورونا في هذه الأيام لا يُسمح بتشييعه سوى لأفراد بالحساب من عائلته. . فما بالكم بمن يُعلن علي الملأ أن سبب وفاته هو الفيروس المُهلك! . مثل ما جرى ويجرى في عزاء الإمام الراحل لو وقع في بلد يحترم مواطنيه ويحرص على سلامتهم لعُوقب كل من شارك فيه أشد العقاب. . لكن كيف يتم ذلك في سودان (الثورة المُجهضة)! . من يعاقب إذا كان المسئول أول المخالفين للنظم الصحية! . فقد رأيت بأم العين بعضهم وهم (يقالدون) بعضهم البعض. . والمضحك في الأمر أنهم يفعلون ذلك في حضور الكمامة وكأنها صارت مُكملاً لزينة الرجال مع الجلباب والعمامة البيضاء. . تدافع الجميع رجالاً ونساء للعزاء وتشييع جنازة الفقيد وكأني بهم يقولون " الإمام أبقى من الأحياء"! . ما حدث فضيحة لبلد تحكمه (كفاءات) مفترضة واستهتار ما بعده استهتار بصحة البشر. . ولكم أن تتخيلوا كم كان عدد المخالطين، وكم من الأفراد اختلطوا بهم بعد مغادرتهم عائدين إلى منازلهم وأعمالهم. . أي حديث من المسئولين عن الكورونا بعد اليوم سيكون نوعاً من الكذب الصراح، ولا أظن أن المواطنين سيعيرونه أدنى اهتمام. . فالنظم والبروتوكولات الصحية تطبق على الجميع، بل يجب أن تبدأ بالكبار ليكونوا قدوة لمن هم دونهم في المكانة والعمر والفهم. . لكن كما هو معلوم فالكثير من أفراد الشعب العاديين قد سبقوا قياداتهم ومسئوليهم وأحزابهم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.