في عالم الاعمال والاقتصاد كثيرا ما نجد بعض المجموعات شركات وأفراد تجدهم فجاة ينسحبون من سوق العمل بتجميد النشاط التجاري او الاستثماري فعند السؤال عن الاسباب الرد هو بسبب الضرائب الباهظة على كاهلهم فلقد اصبح الاستمرار. في التجارة او العمل في السوق مستحيلا ولذلك تم إغلاق النشاط فهل يا ترى الضرايب غير ضرورية ام ان المشكلة تكمن في طريقة التطبيق وازدواجية المعايير وعدم الاستفادةبتوجيهها في جوانب الخدمة المقدمة للمواطن نظير المبالغ المحصلة . وقبل ان نتعمق في لُب الموضوع دعني اسرد بعض الحقائق عن الضرائب وهي عبارة عن مبلغ نقدي تفرضها الدولة على الافراد والشركات بهدف تمويل النفقات والمدفوعات ولتامين الاحتياجات والخدمات الضرورية للاستهلاك ومدخلات الانتاج وبناء البنى التحتيه كالطرق والجسور والطاقه . وللضريبة ثلاثة وظائف رئيسية اولها الوظيفة المالية وثانيها الوظيفة الاقتصادية والثالثة هي الوظيفه الاجتماعية وهنالك انواع متعددة في الية التحصيل منها الضرائب المباشرة وتؤخذ نسبة محددة من دخل الفرد او الشركات عن فترة محددة وغالبا عن فترة عام وهنالك دول تطبق نظام التحصيل الشهري والنوع الثاني تسمى الضريبة الغير مباشرة كالقيمة المُضافة على السلعة الاستهلاكية والمعمرة حيث تقوم محلات المبيعات بعملية تحصيلها نيابة عن الدولة . إذن تاتي اهمية الضرائب في انها تعتبر من الحلول المالية للاقتصاد بغرض احداث التوازن المالي للدولة باعتبارها مصدر دخل رئيسي لخزينة الدولة لتصريف أعمالها والقيام بدورها في توفير السلع الضرورية والسيادية والخدمات لجميع مكونات المجتمع ويستفاد منها كل المواطنين بغض النظر عن قدراتهم المادية وأوضاعهم الاجتماعية ومراكزهم الوظيفية وقد يختلف معدل الضرائب وأنواعها من دولة الي اخرى لاسباب متعددة كاختلاف الأنظمة الحاكمة للدول مثال النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي وهنالك خليط من الأنظمة لا تعرف هي اشتراكية ام راسمالية في بعض الدول وتوجد كذلك الأنظمة الاستبدادية العسكرية والقمعية والتي تبنى اقتصادها على فرضية مصدر السلطة والقوة لتخدم مصالح ديمومة النظام نفسها بالاضافة الي نوع الأنظمة السائدة هنالك الوضع الاقتصادي للدولة نفسها تحدد معدل ونوعية الضرائب بحيث تناسب وضع الدولة وهنالك بعض الدول والتي تحتفظ بمصادر دخل ثابتة وكبيرة من منتجات وخدمات تتميز بها كالبترول والغاز الطبيعي كدول الخليج العربي مثلا ولديهم ما تكفي من الاموال والاحتياطيات وهنالك دول ليست لديها مصادر دخل رئيسية وثابتة واعتمادها غالبا على الضرائب كمصدر دخل رئيسي وتبنى على مقدارها وقيمها المتوقعة موازنة الدولة كالسودان ومصر على سبيل المثال ومعظم الدول النامية على شاكلة الدولتين اما الدول الأوربية وأمريكا وكندا واليابان فهي دول تؤمن بالخصخصة الاقتصادية ولاتمتلك او تدير الدولة الا نسبه قليلة من الشركات الإنتاجية ولكنها تسهم فقط في رسم الادارة والتوجيه وتوفير البيئة الأمنية الملائمة ووضع السياسات وتفعيل العدالة في توزيع الثروات متمثلة في الصرف على الأمن المجتمعي والصحة والتعليم وعلى مراكز الأبحاث والمعرفة والتركيز في تطوير وتحديث أساليب الانتاج ومدى جودة المنتج وأمريكا مثال حي لهذا النموذج و معظم اعتمادها على الضرائب . فالضريبة وضعت ليست من فراغ وعبئا على المستهلك او المنتج انما الدافع منها لتصحيح مسار الاقتصاد الكلي والجزئي وتعزيز مبدا الحياة الاجتماعية والعدالة للمجتمع ولتطوير قدرات الدولة لتتشكل القاعدة الاقتصادية حتى تمكن الدولة من الاعتماد على نفسها والمضي قدما نحو تخفيض معدلات الضرائب مستقبلا وخاصة على الطبقات ذوات الدخل المنخفض بتطبيق الية دعم السلعة الضرورية لحياة الناس الا ان عدم التطبيق بالطريقة الصحيحة واسلوب بعض الدول والحكومات في التعامل معها وكأنها ملك خاص لهم أفرغت الضرائب من مضمونها الاقتصادي والاجتماعي وجعل الناس يتنافرون حتى من سماع كلمة الضرائب بالرغم من اهميتها و في دولة مثل السودان لا مفر من الضرائب وستظل عنصرا هاما داعما لموارد الدولة حتى تعود الاقتصاد بشركاتها ومؤسساتها تستطيع توليد السيولة النقدية الا ان عشوائية التعامل والتطبيق الغير موفق واستغلال أموال الشعب في اغراض غير موضعها اصبح حاجزا تسبب في فقدان الثقة وتسبب في تباطؤ وركود الأنشطة لدى القطاعين الخاص والعام وبروز العطالة المقننة والتي قادت الي ان يصبح اكثر من 50 ./، من القوة العاملة يشتغلون في مهن هامشية والسوق الأسود. ولتصحيح المفهوم الخطا والسائد لدى الافراد والشركات جراء تطبيق السياسات المزيفة عليه يجب على الدولة ضمن مساراتها المستهدفة لتصحيح مرتكزات الاقثصاد ان تضع نهجا جديدا مغايرا في مسالة تطبيق الضرائب تراعى فيها مبداء العدالة والشفافيه والمساواة للمواطن والدولة والقيام عبر قنوات الاعلام المتعددة بنشر ثقافة تنويرية وتمليك الحقائق عن دور الضرائب في تعزيز التنمية وذلك من باب الفهم وليعلم مواطني الدولة ما عليهم وما لهم من ايراداتها اذا ما تم تطبيقها بمنهجية مدروسة وادارة محكمة و نزيهة للتحصيل وللتوجيه والتصرف للمصلحة العامة. الشعب يتابع عن كثب ويتوقع التفاعل والعمل بجدية من مسئولي وزارات القطاع الاقتصادي لإحداث النقلة النوعية وإعادة صياغة المنظومة الاقتصادية للاستفادة من التقنيات ومع فرص انفتاح علاقات الدولة مع العالم بعد ازالة اسم السودان من قائمة الارهاب وتوقعات قيام شراكات اقتصادية نتامل خيرا ان تجد الحراك الدائر ضالتها في بيئة ملائمة ومستقرة وتستطيع الحكومة الانتقالية ان تضع بصمتها لبداية نهضة جديدة للبلاد بسواعد ابناء الوطن والاستغلال الأمثل لكل الموارد المتاحة بما فيها الضرائب بعدالة واتقان وما التوفيق الا من عند الله . دكتور طاهر سيد ابراهيم عضو الأكاديمية العربية الكندية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.