لا يستطيع أحد إنكار قدرة المخابرات السودانية (العامة والعسكرية) في عهد عمر البشير على إختراق وإدارة أخطر الملفات الاستخباراتية والأمنية على مستوى المنطقة والمستوى الدولي على حد سواء ، إبتداء من المكاسب المزدوجة التي تحققت لنظام البشير من فرنسا وايران من صفقة تسليم كارلوس ومحاولة تسليم بن لادن الولاياتالمتحدة وإلي لعبة صناعة الارهاب وبيع الملفات للسي آي إيه . كما إستطاعت التعامل بذكاء مع الملف الإسرائيلي بإتباع تاكتيك دعم حماس وتسليحها وفتح أبواب البحر الأحمر لايران لتستخدمها في تحقيق أهداف غير مباشرة تؤدي إلي تسويات بمساعدة إسرائيل أقلها تخفيف أو رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان وإيقاف أو تجميد ملاحقة البشير من قبل الجنائية الدولية . نجحت المخابرات السودانية في تحقيق هدفها الاستراتيجي في ليبيا من خلال إستغلال أهداف الدول الكبرى التى أطاحت بالقذافي وهو هدف استراتيجي مرغوب بشدة للخرطوم وما تبعه من أدوار مهمة للمخابرات السودانية أثناء وبعد سقوط طرابلس من دعم وتخطيط لحلفائه الإسلاميين هناك . أضف الي ملفات هامة تتعلق بجنوب السودان والصومال وإثيوبيا ومالي والنيجر وغيرها ، كل هذا مفهوم في عمل المخابرات ومصالح الدول . لكن هناك ملف مرتبط بحدث لم يكتمل ظل غامضا وأثار كثير من الشكوك لدى كثير من رجال المخابرات ، هذا الحدث كما سنرى من خلال إعترافات مسؤول يعكس مدى خطورة نظام البشير على جيرانه ويثير تساؤل حول النوايا الحقيقية لنظام البشير تجاه دولة تشاد في الفترة التي تزامنت مع القبض على الشيخ موسى هلال ووجود تيمان اردمي في الخرطوم . اعترافات مسؤول : بعد بحث مضني وجدنا حل اللغز في إعترافات مسؤول رفيع عن سر إرسال الخرطوم قوى عسكرية بأعداد كبيرة مزودة بمختلف الأسلحة والمعدات الحربية من مدفعية ثقيلة ومدرعات وصواريخ متنوعة التي تستخدم عادة في مواجهة قوات لدولة معادية . توجهت هذه القوة إلي دارفور قبل أيام قليلة من القبض على موسى هلال . الاوضاع الأمنية هادئة وليس هناك مهدد جدي في دارفور على الحكومة خاصة بعد هزيمة وانحسار التمرد كليا وفرار بقاياهم الي ليبيا ، قوة موسى هلال كانت ضعيفة واغلب المركبات قديمة وكمية ونوعية الأسلحة بحوزته غير مزعجة للحكومة ، مع العلم بأن هناك قوة عسكرية كبيرة ومجهزة تابعة للدعم السريع بالقرب من منطقة مستريحة مقر موسى هلال . إذن إلي أين كانت تتجه هذه القوة العسكرية الضخمة ؟ وما هو الهدف الرئيس المراد لهذه القوة تنفيذه ؟ صدر قرار من أعلى مستوى في الدولة وعلى نطاق ضيق جدا لتنفيذ مهمة تغيير نظام ادريس دبي في انجمينا بشكل سريع وخاطف رغم أن العلاقة بين البلدين كانت على أفضل حالاتها وان رئيس تشاد أصبح يأمن الجانب السوداني بعد أن التزم جانب عدم دعم الحركات الدارفورية المسلحة ونجاح القوة السودانية التشادية المشتركة في تأمين الحدود واحداث التنمية ! (محمد حمدان دقلو (حميدتي) أفشل مهمتنا بالكامل في تغيير نظام إدريس دبي) لقد علم حميدتي بوصول هذه القوة العسكرية الكبيرة إلي دارفور وهو لا يعلم أي شئ عن مهام هذه القوة بالضبط ولم تبلغه القيادة العليا في الخرطوم سبب إرسالها ، وفي تلك الاثناء تدور في الإعلام حملة ضد موسى هلال ، مع التزامن مع وجود المعارض التشادي تيمان اردمي في الخرطوم الذي غادر إلي الدوحة مباشرة عقب فشل الخطة . الخطة الجهنمية : تقول الخطة حسب معلومات المسؤول السوداني الرفيع أن يتم إيهام موسى هلال وتشاد بأن المستهدف من إرسال تلك القوة العسكرية هو موسى هلال حتى يفر إلي تشاد ومن ثم وبحجة مطاردته داخل الأراضي التشادي يتم تنفيذ الخطة بتغيير نظام إدريس ديبي وهو في غفلة من أمره أي ضرب عصفورين بحجر ، ولكن كيف أفشل حميدتي الخطة ؟ تزامنا مع وصول القوة العسكرية الكبيرة إلي منطقة مستريحة ، أرسل حميدتي شخص إلي موسى هلال يطلب من موسى تسريح قواته وعدم إبداء أي مقاومة وقام حميدتي بإرسال قوة لاستلام موسى هلال وإرساله إلي الخرطوم وسط أجواء مشحونة وارتباك وسط القوات المتواجدة هناك والقادمة من الخرطوم . فشلت خطة مطاردة هلال نحو تشاد وتغيير النظام هناك . السؤال الذي طرحه المسؤول الرفيع هو: ما هي دوافع حميدتي التي دفعه للإسراع بقواته الي مستريحة ؟ وما طبيعة علاقته بادريس ديبي في تلك الفترة ؟ وكيف علم بنوايا الحكومة الحقيقية تجاه تشاد ، وما دور الصراعات الداخلية بين أنصار البشير والاجنحة الاخرى في تسريب المعلومة وإفشال المخطط ؟ محمد إسحق دربين 17/ يناير/2021 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.