محاولة للقراءة والتحليل بين آمال الشارع السوداني العريض الذي إنجز الثورة، وبين اعداءها صناع المؤامرة والمتحكمين في مجريات الأحداث من وراء الستار.! الغوص في وحل الفترة الإنتقالية، يفرض علينا قراءة المشهد السياسي السوداني، بعقل متحرر من منطق التبرير والأماني الفارغة التي يروج لها البعض دون وعي حقيقي بأبعاد اللعبة والفاعلين الحقيقيين والمستفيدين من إفراغ الثورة السودانية من مضمونها الوطني والقومي والإنساني التحرري، سياسيا وإقتصاديا و إجتماعيا وثقافيا، لصالح مشروع هدفه الأساسي قطع الطريق على الديمقراطية في بلادنا.! هذا المشروع بطبيعة الحال يقف على رأسه الكيزان ومن يأوئهم ويدعمهم ، ممثلا تركيا/ قطر، وإلى ما حد ما إيران. ومعسكر آخر يتشكل من العسكر، يدعمه محور، الإمارات/السعودية/ مصر، زائد الكيان الصهيوني وراعي صفقة القرن ترمب الذي غادر البيت الأبيض مؤخرا. هذه المقدمة تساعدنا للإحاطة بعبثية المشهد السياسي السوداني بكل تجلياته لاسيما الوضع الإقتصادي وحجم المعاناة التي يكابدها المواطن في كل مفردات حياته اليومية المبددة بين صفوف رغيف الخبز والبنزين والغاز والدواء والعلاج ومن إستطاع إليه سبيلا، كان الله في عون الفقراء .! كما نعلم إن أخطر سلاح لتركيع الشعوب وإخضاعها، هو سلاح الإقتصاد، وهذا ما يركز عليه المحورين: المحور الداعم للكيزان وتوجهاتهم الظلامية.! والمحور الآخر الداعم للعسكر وخياراتهم العدمية.! الضحية بطبيعة الحال هو الوطن والمواطن. لذلك جدير بنا قراءة المشهد، قراءة صحيحة حتى ندرك ما يحاك ضد بلادنا في الخفاء، بغرض تجويع الشعب وتركيعه لصالح المشروع الصهيوني الإمبريالي وتحالفاته مع طرفي النقيض الذي أشرنا إليه آنفا.! أي معسكر تركيا/ قطر/ إيران من جهة، ومعسكر الإمارات والسعودية ومصر والكيان الصهيوني من جهة أخرى. المعسكرين يختلفان في الوسائل لكنهما، لكن يلتقيان عند الهدف وهو محاربة الديمقراطية. لأن الديمقراطية تشكل، لكل الجهات مصدر خطر، لأنها أنظمة أغلبها قائمة على إنتهاك حقوق الإنسان ومعادية الحرية والديمقراطية. لذلك لابد من الإستقافة من حلم الظهيرة الذي غرق فيه البعض.! أعضد تحليلي هذا ، بحديث الأستاذ تجاني حسين عضو اللجنة الإقتصادية لقوى الحرية والتغيير، صاحب الخبرة والتخصص في المجال الإقتصادي الذي أوضح بجلاء منقطع النظير حقيقة الوضع القائم ومالآته. من أبرز ما قاله في هذا الصدد ( أن ميزانية 2021، لم يتم إعدادها بوزارة المالية، وإنما وضعها أربع أو خمسة عملاء لصندوق النقد الدولي، وأجازها مجلس الوزراء بشكل مريب في ساعة واحدة، وهو زمن لا يكفي لقراءتها) إذن هذه الإفادات وغيرها من العثرات والتجاوزات تفتح أذهاننا جميعا لمعرفة المداخل التي تتسلل منها المؤامرة ، لحرف مسار الثورة وحرق شعاراتها، وتسكين اليأس في نفوس الشعب وبالتالي جعله قابلا للتكيف مع حكومة يضع سياساتها الإقتصادية عملاء صندوق النقد والبنك الدوليين، الذين خصصوا ما قيمته 34 مليار من موازنة 2021 لقوات الدعم السريع، هذه النسبة تفوق ما خُصص للتعليم والصحة والزراعة بأربع مليار.! إذن المؤامرة القذرة، تشتغل على أكبر من جبهة، لضرب عصفورين بحجر واحد، مستغلة ضعف رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك، وعمالة العسكر الملخطة أيديهم بدماء شهداء مجزرة فض إعتصام القيادة العامة، وما سبقها من جرائم مروعة ضد الإنسانية، لتمرير مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي ذات الوقت تدمير الإقتصاد ونهب ثروات البلد في وضح النهار، وفي هذا تتلقي مصالح كلا من تركياوإيران وروسيا والصين والكيان الصهيوني، والسعودية وغيرها من الدول الطامعة في ترابنا الوطني وما فيه من خيرات. إذن المرحلة الإنتقالية، مواجهة بعوامل فشل منها ما هو موضوعي، منها قلة الخبرة وضعف القوى السياسية وتكالبها على السلطة، بجانب على عدم إتفاقها على برنامج سياسي واضح المعالم يحدد الأولويات الوطنية ويبدأ يشتغل عليها. لكن التحدي الأكبر يتمثل في المؤامرة الخارجية الساعية لإفشال، الفترة الإنتقالية للحيلولة دون تحقيق أهداف الثورة في الحرية والعدالة والسلام الشامل، وبناء دولة القانون والمؤسسات. إذن ما هو المخرج من هذا المشهد العبثي ..؟ المخرج، هو الإقلاع عن نهج المحاصصة، والتشظي والإنقسام، لأن مثل هذا الخيار هو المسؤول عن تعقيد الأمور وإطالة الأزمة. الحكمة تحتم الإسراع بعقد مؤتمر وطني جامع لكل القوى السياسية للإتفاق على مشروع وطني عريض يوفر أسس بناء الدولة، ويلبي طموحات الثوار ويحقق شعارات الثورة، على رأسها العدالة ومحاسبة الفاسدين والمفسدين في الأرض، والقتلة، وتحصين بلادنا من التدخل الخارجي السافر. رغم ضخامة التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية، ما زالت الفرصة مؤاتية، بعد مغادرة ترمب البيت الأبيض ومجيء إدارة أمريكية جديدة بقيادة جو بايدن ونائبته كاملا هريس، للضغط على العسكر، والأطراف الخارجية التي تعمل على تفويض الفترةالإنتقالية ونسف آمالنا في ترسيخ دعائم الديمقراطية. المعطيات الراهنة تفرض علينا جميعا بمختلف توجهاتنا، الإرتقاء لمستوى التحدي والتصدي بقوة ووعي لسياسات الفشل التي يمررها عملاء صندوق النقد الدولي على حساب معاناة الشعب.! ومخططات الإفشال التي ينفذها العسكر أعضاء اللجنة الأمنية التابعة للنظام السابق على حساب المصلحة الوطنية العليا.!! الطيب الزين عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.