أي دولة في هذا العالم الفسيح لها قانون ودستور تسير على هديه ، وحدها الدول المتخلفة هي من تحكمها قوانين الغاب ، وبهذا يمكنك بسهولة أن تحكم أين موقعنا في العالم ؟ هل نحن دولة يحكمها قانون أو دستور ؟ أم دولة تحكمها قوانين الغاب ؟ والحكم فيها للقوي فقط ؟ والاجابة واضحة لا لبس فيها ، وهي للأسف إجابة ليس في صالحنا بالتأكيد . نحن يا سادة دولة كل واحد منا فيها دولة هو رئيسها ، كل واحد يتدخل فيما يعنيه وما لا يعنيه من محمد أحمد الجالس عند " ست الشاي " على ناصية الشارع وصحبه من العواطلية وعديمي الشغلة إلى قمة أهل السلطة . وإن كان محمد أحمد المسكين يمارس السياسة من موقعه الذي لا يتعدى محيط " ست الشاي " فهناك من ينصب نفسه راعيا للدولة وممثلا للحكومة في كل مجال. والغريب أن ( الفريق أول بوضع اليد ) حميدتي ظل يقول عقب كل مسألة أن ذلك يكون " القانون " يقولها بطريقتنا السودانية ، ولا يهم كيف قالها ، لكن يهمنا أن يطبقها عملا لا قولا . فهو أي الفريق حميدتي أبلغ ممثل رسمي لمحمد أحمد العارف بكل شيء لكن بطريقة الفعل لا القول ، فدعنا من رئاسة اللجنة الاقتصادية التي تضم خبراء دوليين بدرجة الدكتوراه ومنهم رئيس الوزراء نفسه ، ودعنا من قيادته لأكبر فصيل مسلح خارج اطار القوات المسلحة وإن ألحق بها شكلا ، ودعنا من كلامه ولقاءاته مع رؤوساء العشاير والقبائل في الشرق والغرب ، وعمله كنائب لرأس الدولة . كل هذا " كوم " وسفرياته الخارجية كوم آخر . ما نراه هو أن حميدتي الآن هو الدولة والدولة هي حميدتي ، فهو الآن يلعب دور وزير الخارجية دون تفويض منها أو من رئيس وزراء الحكومة المحلولة . ولا أحد يدري هل فوضه مجلس الوزراء للقيام بهذا الدور أم لا ؟ وفق الوثيقة الدستورية التي هي القانون كما يجب أن يعرفه الجميع بمن فيهم حميدتي وحمدوك والرهان ، أن مهام المجلس السيادي معلومة ومنصوص عليها ، وليس من بينها أي مهمام تنفيذية ، وأن وزارة الخارجية هي المسؤولة عنها من الألف للياء . صاحبت زيارة ( الفريق ) حمدوك للدوحة أحدوثة تناقلتها وسائل الإعلام عن سفيرنا هناك والبيان الذي أصدره عن تلك الزيارة قبل حدوثها وأن حميدتي قادم لتهنئة القيادة القطرية بما سماه انتصارها في ما كان قائما من نزاع قطر مع جيرانها الخليجيين . وعلى أثر ذلك استدعت الخارجية سفيرها لتجاوزه العرف الدبلوماسي في تكسير " التلج " ربما ظن بفكره خارج الصندوق أن ذلك يسهم في تمهيد الطريق لانجاح الزيارة ، ويا له من تفكير . يبدو أننا فعلا نشهد فصولا من رواية سيئة الإعداد والإخراج في ضعف الحكومة وتشتت مهامها التي أصبحت ارثا مباحا للجميع بدءا من محمد احمد قرب ست الشاي وانتهاءا بحميدتي في قمة السلطة . سيقولون لك أن الزيارة تمت بمشورة رئيس الوزراء ، اذا لماذا لا يذهب رئيس الوزراء بنفسه للزيارة لدولة غنية وفيها آلاف السودانيين ليتباحث معهم ويستجديهم لدعم الخزينة الخالية ؟ ولتعرف كيف تتداخل السُلطات فتصبح " سَلطات " استمع لما يروج اليوم من أخبار التدخل الفاضح لرأس الدولة ولحميدتي في أعمال النائب العام وضغطهما عليه لأخلاء سبيل فاسدين في العهد المباد وأولهم وداد حرم المخلوع ، فقط ألفت النظر لكا قاله عضو لجنة تفكيك النظام البائد وما قاله ع النائب العام . بغض النظر عن كلام السيد مناع إلا أن ما نراه من تدخل من جهات كثيرة في أعمال مجلس الوزراء يثير غبارا كثيفا عن مدى تمتع هذا المجلس بصلاحياته التنفيذية وعدم تغول الآخرين عليها . وأول هؤلاء هم أعضاء مجلس السيادة من المكون العسكري . إن غياب المجلس التشريعي والذي غيب عن عمد هو من أطلق كثيرا من الأيادي للتدخل في أعمال لا تخصهم ، فليس هناك جهة رقابية للمحاسبة ولا لسن القوانين اللازمة للعمل . قانون الغاب هو السائد الآن وهوسبب الفوضي في سوق العملات وهو السبب في انفلات الأسعار ، وما دام كل من يملك يحكم فإن الحكمة السائدة هي " القوة هي الحق ؟ وليس العكس . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.