في خضم أزمة الوقود، وأزمة الحبس الحراري الذي بات يهدد العالم، نُصبت الأنظار تجاه التعمق في الطاقة المتجددة، والنظر فيها بعمقٍ، حيث برزت فكرة الطاقة الخضراء، وهي البديل الأفضل واقعياً للنفط والوقود الأحفوري عموماً. والطاقة الخضراء هي الهايدروجين المستخرج من المياه بعملية التحليل الكهربائي، والذي يحتاج إلى طاقة هائلة مبدئياً تكون من الغاز (وقود أحفوري). في الشرق الأوسط، فكرة توفير تلك الطاقة بطاقة متجددة بدأ يدخل الواقع بعد أن وافقت المملكة العربية السعودية على إنشاء مولد وقود أخضر ضخم على ضفاف البحر الأحمر وعلى توفير الطاقة له من الشمس والهواء، فتعاقدت مع شركة أمريكية عام 2020 في مشروع قيمته 500$ بليون لتنفيذ البرنامج الذي سيكون جاهزاً في عام 2024، بإنشاء توليد طاقة شمسية وطاقة هوائية من صحارى المملكة. يقول ثوماس كوخ بلانك قائد الأختراق التقني التابع لمعهد روكي ماونتن، "إن الشمس مطمئنة طوال نهارات السعودية، وكذا الهواء مطمئن طوال لياليها" عيب الطاقة الخضراء أن الهايدروجين يحتاج إلى ضغط 700 مرة ضغط جوي، ودرجة حرارة -253 درجة تحت الصفر، وهو بالطبع إنفجاري جداً، ويحوي طاقة ربع مقدار الطاقة في الغاز الأحفوري، وقد يصلّب المعادن وهو مسبب للتسرب كذلك، وبهذا يحتاج إلى برنامج دقيق الضبط والمراقبة. أستراليا أيضاً سعت للإستفادة من صحاريها وحرارة جوها فقررت بناء مصنع طاقة خضراء في "بيلبارا" في غرب استراليا لتصديرها إلى سنغافورة. المشروع يحوي 1،740 صاحونة هوائية كبيرة، و30 ميل مربع من صحون الطاقة الشمسية، لتوفير 26 قيقاواط لمولد التحليل الكهربائي. ميزة المشروع أنه يحسّن برامج الطاقة الشمسية والهوائية بتخزينها في فصول الخريف والربيع في شكل طاقة خضراء يمكن تخزينها أو مدها في أنابيب لأماكن الإحتياج. وعموماً، في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، عديد من الدول والشركات بدأت تحتضن الفكرة لتنفيذ هذا البرنامج. ولكن أمريكا تتخلف في ذلك إذ ان الغاز الطبيعي لديها متفوق إقتصادياً، ولكنها تعي أهمية اللحاق بهذا التطور الطاقي، وقد بدأت برامج صناعة الطاقة الخضراء في يوتا لتحل محل محطات التوليد من الفحم الحجري في جنوب كاليفورنيا ونيفادا ويوتا ذاتها، علماً بأن كاليفورنيا في عام 2009 أصدرت منشوراً يوصي بالطاقة الخضراء والكهربائية للسيارات، وحديثاً طالب تحالف الولايات الغربية من أجل الهايدروجين بإنشاء خلية هايدروجين لتموين الشاحنات والبواخر والطائرات بالطاقة الخضراء اليابان افتتحت حديثاً أكبر مصنع للطاقة الخضراء قرب فوكوشيما والتي أختير موقعها رمزاً لعزمها هجرة التوليد الذري الذي دمره السونامي عام 2011. أوروبا خططت لاستثمار ما يعادل 550$ بليون هكذا مشروع. في بريطانيا الطاقة الخضراء مستعملة الآن في القطارات والشاحنات واليصات ذات الدورين. الهايدروجين هو طاقة المستقبل، وكما رأينا أن كل القارات في العالم إتجهت صوبه. من في إفريقيا أجدى باعتلاء المنصب الأول في ذلك المضمار خلاف السودان؟ مساحة السودان الشاسعة والتي لا تغيب عنها الشمس ولا يهدأ فيها الهواء، والتي هي ميزة أيضاً للزراعة المتطورة في تنمية مستدامة، ذات الحاجة القصوى للطاقاقة، تطابق الميزة الممتازة بتوفير تلك الطاقة الشمسية والهوائية، ليس فقط لمشاريع الزراعة وتعمير الصحارى والسهول، بل أيضاً لإرسال الطاقة إلى منطقة البحر الأحمر لاستخراج الطاقة الخضراء بمصانع التحليل الكهربائي من مياه البحر الأحمر، وسينطلق بعدها السودان في استثمار كل مزاياه من معادن وصناعة و...و... إلخ، ويجلس على ميزة عليا من قلة السكان باستيعاب الهجرة الممتازة المرشدة من دول الجوار وخلافها لتعمير السودان وتأمين حدوده. إن زمامير الحرب التي تنطلق من أفواه الجهلاء من دعاة العنصرية الغبية والتي لا مكسب فيها لأحد، وتحكيم السلاح والعسكرية، وممارسة الإرتزاق، ومن صقور الحرب في اثيوبيا وإرتريا وحركات التمرد في شرق السودان، وإقحام مصر السودان في مغامرات حروباتها التي لا تتعظ بمآسيها التي أورثتها إياها، لن تجلب للسودان سوى الدمار. ها هي فرصة التنمية المستدامة، ألا هدى الله قلوب السودانيين وهدّأ روعهم ليفكروا ولو لأوّل مرة في جمال الحال في السودان الآن قبل أن يلحق الهاوية ويهوى. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.