رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل إدارة وزارة الصحة هي المشكلة؟ .. بقلم: د.سيد عبد القادر قنات
نشر في سودانيل يوم 16 - 05 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
الصحة تاج علي روؤس الأصحاء لا يراها إلا المرضي ، والصحة كمفهوم شامل لا تعني الخلو من الأمراض فقط، بل تشمل السكن والغذاء والماء والملبس والعمل ، ونعلم جيدا أنه واجب علي الدولة وفي كل الدساتير أن تكون الرعاية الصحية جزء أصيل من واجباتها ، بل إن حق الحياة في ظروف صحية تليق بالإنسان الذي كرمه الله هو لا بد أن يكون شغلها الشاغل، كيف لا وإن من متطلبات تقدم الدول والشعوب ونهضتها والعمران والحضارة ، هو العقل السليم في الجسم السليم، وهذه لن تأتي إلا بتضافر الجهود وتحمل الدولة لمسئوليتها كاملة تجاه المواطن، بل لنسأل هل يعقل لمواطن سقيم مريض جاهل أن تأتي من عنده النهضة والحضارة والرقي والتقدم؟ كلا وألف كلا ، لأن كل جهده وأسرته والمجتمع سيكون إهتمامه منصبا في كيفية علاجه من هذا المرض أو ذلك الداء لأن تركيبة مجتمعنا السوداني والأسرة الممتدة تفرض علينا ذلك.
ثم إن الغياب عن العمل بسبب المرض، وفي جميع موءسسات الدولة أو القطاع الخاص له آثار سالبة علي التنمية ، وكذلك الغياب المرضي للمزارع والمهندس والطالب والقاضي والمحامي ، بل لنقل أن جميع المواطنين بغض النظر عن موقع العمل والمسئولية ، فإن المرض الذي يُغيًبهم عن العمل أو التحصيل أو الدراسة أو أي نوع من الإنتاج سيؤثر سلبا علي عجلة التنمية، ولهذا فإن الصحة وقوة العقل والجسم جزء لا يتجزأ من التطور والبناء، بل إن درهم وقاية خير من قنطار علاج، والوقاية خير من العلاج دون أدني شك، بل إن الدول التي تهتم بمواطنيها وصحتهم وعافيتهم تصرف مليارات الدولارات من أجل توفير تلك البيئة الصحية المتكاملة لأنها تدرك معني الصحة الأشمل وتدرك معني الوقاية وأهميتها للمواطن قبل العلاج.
من أجل توفير تلك البيئة الصحية المتكاملة لابد من توفر إشراطاتها حتي ينعم المجتمع بها، وهذه علي سبيل المثال تشمل:
1/ مباني متخصصة بغرض توفير الخدمات الصحية تثقيفا وتدريبا وعلاجا، وتلك المباني تختلف بحسب موقعها الجغرافي والهدف الذي من أجله تم إنشائها،وتتدرج الموءسسات الصحية من المعاون الصحي أو نقطة غيار كأدني مستوي وتصل في قمة الهرم إلي المراكز العلاجية المتخصصة، ولكن أعتقد أنه في وطننا السودان لاتوجد خارطة صحية للحوجة الفعلية لتلك الموءسسات وكيفية توزيعها جغرافيا وديموغرافيا، وذلك لأن علم الإحصاء وإن وجد عبر التقرير الإحصائي الصحي السنوي ، فإن مكانه ربما رفوف الدواليب، ولا ينعكس ذلك الإحصاء علي وضع تصور لمستقبل تلك الخدمات، وهذا هو الواقع الذي تعيشه الصحة وزارة وخدمات وكوادرا، وضع متدهور، وحالة يرثي لها، وموءسسات تفتقد لإبسط المقومات حتي داخل العاصمة القومية وإن كان علي أبوابها لافته تدل علي أنها مستشفي ...... التعليمي ، فكيف بالوضع في الأقاليم، أطباء يتخرجون من كليات الطب ويقضون ربما عام قبل التعيين، وعندما يتم تعيينهم ، فإن بيئة ومناخ العمل طارد، والتدريب معدوم، والعائد المادي كما قال أحد المسئولين سابقا مرتب العاملة عنده أحسن منه، علما بأن أسرة الطبيب تنتظر منه الكثير لأن ولدم بقي دكتور، ولكن ومع ذلك فإنه يشيل حق المواصلات والفطور من أبوه، أليس هذا مخجلا ومخزيا ومحبطا؟؟؟ ثم بعد إكمال الإمتيازخدمة وطنية هي أقرب للسخرة!!! ثم مجلس محاسبة للغياب ولا ندري أي غياب هذا؟؟؟ ثم بعد التخصص عطالة لإسباب عدة، ومع ذلك يظل الأطباء يكافحون ويجاهدون من أجل هذا الوطن دون إكراه، لأنهم رضعوا من ثدي وطنية ورثوها من أجيال أساتذة كانوا خلص ميامين لهذا الوطن،إضافة إلي ما نهلوه من علم ومعرفة وخبرة وتدريب وحذق للمهنة الإنسانية ، ولهذا صاروا اللبنة واللحمة والسداة للخدمات الطبية في الخليج والسعودية واليمن وليبيا ، بل إن سمعة الطبيب السوداني لجد واضحة في المملكة المتحدة، فهل تري كلياتنا وطلبة اليوم ذلك الماضي التليد مرة أخري؟ هل يملك القائمون علي الأمر الإرادة السياسية؟؟ هل من يملك الإجابة؟؟.
2/ تلك الموءسسات لابد من تجهيزها بما يلزم من معدات وآلات وأجهزة مساعدة بحسب مهمتها المناط بها تنفيذها والهدف الذي من أجله أنشئت، بل فيما مضي كانت الخدمات الطبية في السودان عبر تلك الموءسسات مضرب المثل ، والطبيب السوداني كان مفخرة، علم وأدب وأخلاق وقيم وسلوك،والكبير هو الكبير، ولكن؟ ماذا دهانا؟؟؟
3/ من أجل تسيير تلك الموءسسات بالصورة المثلي وتحقيق الأهداف والرؤيا لابد من وجود العنصر البشري وجميع الكوادر الطبية والإدارية ورفدها بالخبرات والتدريب اللازم، بل وتوفير جميع المعينات زمانا ومكانا حتي تتمكن من تحقيق الأمثل ومواكبة التطور العالمي ، هل تصدقون أن الطبيب الأستاذ بكلية الطب جامعة الخرطوم كان متفرغا بالكامل للعلم والطلبة والرسالة الإنسانية، ولكن كانت الدولة توفر له جميع معينات الحياة ، بل إن مرتبه كان الشي الفلاني ونقول أن المرتب الأعلي منه هو مرتب رأس الدولة، ولكن اليوم حدث ولا حرج، ومع ذلك الدولة سادة دي بي طينة ودي بي عجينة، فوصلت الخدمات الطبية إلي هذا المستنقع وذلك التدهور، لأن المابعرف أدوهو الكاس يغرف ، فغرف وكسر الكاس وحيًر الناس.
4/ من أجل توفير بيئة ومناخ صالح لتلك الموءسسات للقيام بدورها علي أكمل وجهة، فإنه مناط بالدولة أن تتحمل مسئوليتها كاملة دون تجزئة لها، فهل يعقل أن تطالب الدولة بخدمات طبية وصحية متكاملة وتعجز عن توفير المعينات وبيئة ومناخ العمل؟
هذا يقودنا إلي الوضع المتردي اليوم للخدمات الصحية في جميع مستشفيات الوطن، بل إن الدولة قد رفعت يدها نهائيا عن توفير أدني مقومات العمل الطبي المتكامل من أجل خلق العقل السليم في الجسم السليم، وهذا لا يحتاج لشرح أو لتشريح الحالة التي تعيشها مستشفياتنا اليوم ، إنها حالة مأساوية بكل ما تعني الكلمة.
إن تقديم خدمات صحية وطبية متكاملة ، لايعني المباني والسيراميك والكلادن، بل إن تقديم تلك الخدمة كل لا يتجزأ، وأساس تقديم الخدمة هو العنصر البشري شاملا كل الكوادر ذات الصلة من أطباء وصيادلة وتمريض وفنيين وإداريين وغيرهم. هل يمكن للطبيب أن يؤدي دوره كاملا في حالة نقص أي كادر طبي آخر؟ كلهم جميعا خلية نحل من أجل المريض وسلامته وشفائه وأي خلل في هذه الخلية سيقود إلي تدهورها وفشلها الذريع وعندها ربما نفقد نفسا زكية تتحمل مسئوليتها الصحة وقياداتها لأنها تقاعست عن توفير بيئة ومناخ العمل المطلوب، ليس عن ضعف إمكانيات، ولكن لأن الشخص المناسب غير موجود في ذلك الموقع، بل لنكون أكثر شفافية وواقعية إن من تعاقب علي قيادات وزارة الصحة بمختلف مسمياتها ، بإستثناء منصب الوزير الإتحادي والذي هو منصب سياسي في المقام الأول يأتي عن طريق إتفاقيات وعهود مع الطرف الآخر في الحكومة فيما بعد 2005، إلا أن كل المناصب كانت من نصيب أهل الولاء فقط ولا أحد غيرهم يجرؤ أن يتبوأ أي منصب حتي مناصب إدارات المستشفيات ومساعدي المدراء العامين وجيوش المدراء الطبيين، كانت حكرا فقط عليهم، وهذا كان سالبا في تقديم الخدمات الطبية وتطورها والإرتقاء بها نحو مصاف دول كانت خلفنا بعشرات السنون، ولكننا اليوم نلهث خلفها علنا نصل إلي ما وصلته من تقدم ورقي وكفاءة ومقدرة في تقديم الخدمات الطبية، وهذا ليس لأن الطبيب السوداني تنقصه الخبرة و الدربة والمهارات والكفاءة ، بل لأن الدولة رفعت يدها نهائيا عن دعم الخدمات الطبية وأبلغ دليل علي ذلك ما نعيشه اليوم من مأساة قبيلة الأطباء ، والتي ظلت تراوح مكانها منذ أمد بعيد ربما كان إلي حوالي عام 2002م، وطفحت إلي السطح في بداية 2010م، ومازالت آثارها السالبة ما بين الهجرة لِآلاف الأطباء من خيرة الكفاءات والمقدرات إلي حيث يجدون مهنتهم وكرامتهم وآدميتهم وإنسانيتهم، ويتركون وطنا أدار لهم ظهر المجن ما بين شتم وذلة وإهانة ومماطلة في نيل الحقوق والتدريب وبيئة ومناخ عمل طارد ونقض للعهود والمواثيق ، وإدارات لاتدرك مدي خطورة تدهور الوضع الصحي ، وكفاءات كان نصيبها الحرمان حتي من أبسط حقوقها، لا سكن ، لا ترحيل ، لاعلاج ، ولا حتي مجرد تحديد ساعات العمل للطبيب صار كالعنقاء والخل الوفي ، أما مقابلة المسئول فهذه ربما كانت أبعد من زحل،ذلك المسئول والذي لولا وجود الأطباء لما وجد من يكون مسئولا عليه، بل لنقل إن هاجر من تبقي من الأطباء وبقية الكوادر وتمت أيلولة مستشفيات وزارة الصحة الإتحادية للولائية، فماذا يبقي لهذا المسئول ليديره؟ بل لنكون أكثر وضوحا وشفافية كما قال دكتور ياسر ميرغني رئيس جمعية حماية المستهلك أن يتم إلغاء وزارة الصحة، ونزيد فنقول ، بل يجب محاسبة كل من تقلد منصبا داخل ذلك الحوش مع فرش المتاع وجرد الحساب وماذا قدم للمواطن وللصحة عبر ذلك المنصب؟
هل تدار وزارة الصحة من داخل حوش الصحة؟؟
ربما نعم أو ربما لا ، ولكن إذا تمعنا في حيثيات إستقالة دكتور عبد الله تية، بأنه وهو الوزير الإتحادي للصحة آخر من يعلم بما يتخذ من قرارات داخل حوش وزارة الصحة وهو الوزير المسئول لدي رئاسة الجمهورية وقد تم إختياره ليكون هو المستشار الأول للدولة عن الخدمات الصحية ، ولكن أن يكون هو قابع في مكتبه والقرارات ذات الصلة بالصحة، بل ومصيرية ، ولكنه آخر من يعلمها، ألا يدل ذلك علي أن وزارة الصحة تدار من خارج حوش وزارة الصحة؟؟
الفساد ووزارة الصحة؟؟؟
تم إعفاء دكتور حسب الرسول بابكر وزير الدولة بالصحة لأنه أفصح عن أن هنالك فسادا داخل وزارة الصحة، ولن نزيد غير أن نقول أن دكتور حسب الرسول هو جزء من التنظيم الحاكم، ولكن قيمه وأخلاقه وقداسة الرسالة التي يحملها بين جوانحه أفصحت عن ذلك الفساد، فكان نصيبه الإعفاء، ونحن نسأل مجرد سؤال، : متي يكتمل المجمع الجراحي لمستشفي أمدرمان؟ كم قيمة تشييده؟ هل إدارة مستشفي أمدرمان شاركت في وضع الخرط والمواصفات وإستشارت الإختصاصيين أو الإستشاريين المعنيين بالأمر في مستشفي أمدرمان؟ هل تمت دراسة طبقات الأرض تحت المبني سلفا؟ هل يمكن أن يتعرض المبني للطفح المائي مستقبلا ، بل أن يغرق الطابق السفلي بالكامل؟ مبني وسيكتمل، ولكن أين المعدات والكوادر والتجهيزات؟ لماذا تم تأجير المستشفي الجنوبي؟ لمن تم التأجير؟ هل كان ذلك بشفافية ووضوح وعطاءات؟ هل تمت إستشارة الأطباء بمستشفي الخرطوم في أمر تسييره ذاتيا؟ مستشفي البقعة أمدرمان، من قام بتأجيره؟ كم المبلغ؟ هل تمت إستشارة أطباء مستشفي أمدرمان أو نقابة المهن الصحية أو إتحاد الأطباء من أجل تسييره ذاتيا؟ من الذي قام بتأهيل مستشفي البقعة وكم كانت التكلفة ؟
الأطباء ومذكرتهم والإضراب
أعلنت لجنة أطباء السودان عن تنفيذ إضراب عن الحالات الباردة يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين وذلك بسبب عدم إيفاء الوزارة بتنفيذ مذكرة تحسين شروط الخدمة، وأكدوا إلتزامهم بالعمل بالطواريء طيلة هذه المدة،
نعم إن الإضراب في حد ذاته وسيلة من أجل نيل الحقوق ، وقبيلة الأطباء تعلم سلفا معاناة المواطن السوداني وهو في أسوأ حالاته _ المرض_، ولكن لماذا أعلن الأطباء الإضراب؟ هل سأل المسئول بوزارة الصحة عن ذلك؟ هل جلس وتحاور معهم دون فرض وصاية أو أبوة؟ بل هل جلس مع الإستشاريين والإختصاصيين وتدارس معهم هذه المشكلة من جذورها وأنجع السبل لحلها حلا شاملا كاملا؟ أم أن المسئول كل همه هو كيفية تفشيل هذا الإضراب بغض النظر عن قانونيته وأهدافه ومراميه، بل إن الإجتماعات تعقد ، ولكن ليس لدراسة المشكلة والعمل علي حلها، بل لدراسة تفشيل الإضراب، ، ونسأل بكل صراحة ووضوح قادة وزارة الصحة: ماهو السالب في مذكرة تحسين شروط خدمة الأطباء؟ أليس لهم الحق بالمطالبة بتحسين شروط خدمتهم؟؟ أليس لهم الحق بتحديد ساعات عملهم أسوة بجميع موظفي الدولة؟ أليس لهم الحق في إمتلاك وسيلة مواصلات؟ أليس لهم الحق في إمتلاك منزل؟ بل هل يعقل أن يقوم الطبيب بتقديم خدمة العلاج والتطبيب للمريض، ولكن عندما يحتاجها هو أو أحد أفراد أسرته لا يجد من يتكفل بعلاجه؟ الأطباء ليس تفكيرهم ملاليم أو حوافز ، بل شغلهم الشاغل وهمهم الأكبر هو تحسين بيئة ومناخ العمل من أجل تقديم خدمات طبية متكاملة للمواطن وفي جميع بقاع السودان، الأطباء همهم الأكبر هو التدريب المستمر من أجل رفع المقدرات والكفاءة، هل في ذلك عيب أو خطر علي قيادة وزارة الصحة؟؟؟هل قام المسئول بزيارة تلك المستشفيات وجلس مع الأطباء والكوادر ليسمع منهم بدلا عن تلك التقارير كلو تمام؟؟؟ هل جلس مع لجنة المساعي الحميدة للتشاور والتفاكر؟ هل جلس مع لجنة الجهود الخيرة؟ هل جلس مع بروف غندور ريئس إتحاد عمال السودان من أجل التشاور والتفاكر؟؟ هل دعي لورشة عمل من أجل نقاش قضايا الأطباء؟ إن كان قد جلس مع إتحاد أطباء السودان أو نقابة المهن الصحية ، فكليهما يعتبرهما الأطباء جزء لا يتجزأ من النظام ، بل ربما يعتبرهما البعض حجر عثرة أمام تطور الخدمات الطبية وحلحلة مشاكل الصحة والتطبيب.
قضية الأطباء قضية عادلة ولا تحتاج للتسويف والمماطلة ونقض العهود والمواثيق ، بل حتي لاتحتاج لدليل، وحلها جذريا وبأسرع ما يمكن هو صمام الأمان لخدمات طبية ينعم بها المواطن السوداني، ولكن الهروب من المشكلة ومحاولة التنصل من المسئولية سيفاقم المشكلة، وعندها ستكون الحلول باهظة الثمن الذي يدفعه الوطن والمواطن. وإن تقاعست قيادة وزارة الصحة عن كل تلك الخطوات وبالسرعة المطلوبة ، فإن أرض الله واسعة والرزق ليس في السودان وحده ، بل إن الرزق ليس في ممارسة الطب ، ومع كل ذلك هل سأل المسئول بوزارة الصحة عن هجرة خمسة ألف طبيب ربما في إزدياد عن سبب تلك الهجرة وبهذه الأعداد وفي زمن وجيز جدا جدا إرتبط بما بعد الإضراب وما أصاب قبيلة الأطباء من إحباط تجاه قيادة وزارة الصحة؟؟
منصب الوكيل
تعارفت قبيلة الأطباء علي مر العصور، أن منصب وكيل وزارة الصحة هو منصب له من التقدير والإحترام وعظيم المكانة الكثير، وقد كان الوكيل هو الشخص التنفيذي الأول في الوزارة بغض النظر عن من هو الوزير، وهو قد عرف بوادي وحضر السودان وطاف أصقاعه وأحراشه وخبر الدروب والدهاليز ونتج عن ذلك خبرة تراكمية تجعله يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب والحاكمية هي المصلحة العامة التي لا تعلو فوقها مصلحة، ولكن صار الولاء هو الآمر الناهي، وأهل الخبرة والكفاءة والمقدرة والتجرد، أبعدوا في مكان قصي.
وهذا ينطبق علي مدراء المستشفيات ومساعدي المدراء والأمين العام وكذلك جيوش المدراء الطبيين الذين تعج بهم المستشفيات، فالولاء هو السمة الغالبة، بل إن بعضهم درجته الوظيفية في بداية سلم الخدمة المدنية، ولكن الولاء هو الولاء، بل لنسأل بعد أيلولة هذه المستشفيات للولاية ، ماذا أنتم فاعلون؟؟ أنتم وتلك الجيوش الجرارة داخل الحوش أو في إدارات المستشفيات؟
ما قبل الأخير، إن قبيلة الأطباء جسم واحد لايمكن تجزئته ما بين إمتياز وعمومي ونائب وإستشاري، وفوائد الإضراب وتلك المطالبات ستشمل الجميع بغض النظر عن موقفه، وفي هذه الحالة نقول إن الخير يعم، فلا يمكن أن تأتي فائدة للطبيب المضرب وتترك الغير مضرب، علما بأن الأطباء المضربون يحز في نفوسهم تنفيذ الإضراب ولكن إجبروا علي تلك الخطوة بسبب تقاعس قيادة وزارة الصحة عن تنفيذ ما تم الإتفاق عليه في العام السابق، خطوة نتمني أن لا تعقبها خطوات أخر ، بل أن تُحكّم وزارة الصحة صوت العقل وتسمع لظلامات الأطباء ومباشرة وفي شفافية ووضوح وصراحة، ولا توجد مشكلة دون حل، ولجنة أطباء السودان ومن خلفها قبيلة الأطباء تملك من الحنكة والدراية والكياسة الكثير، وفوق ذلك الوطنية ورسالة الإنسانية وقداسة المهنة، أفبعد كل هذا لا تجلسون معهم والإستماع إليهم اليوم قبل الغد، لأن ضحي الغد إن ولي ربما لاتسلم الجرة.
نختم فنقول إن حل مشاكل الأطباء خاصة والصحة عامة تحتاج إلي إرادة سياسية، فهل تملك قيادة وزارة الصحة تلك الإرادة السياسية؟وإلا فإن تسونامي يهزها ويقتلعها لهو الأفضل من أجل المواطن السوداني .
يديكم دوام الصحة وتمام العافية
sayed gannat [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.