والي الشمالية يصدر أمر طوارئ عاجل    تصريحات جديدة لبولس بشأن أزمة السودان    ركابي حسن يعقوب يكتب: مؤشرات نجاح المبادرة السعودية في إسكات البنادق في السودان    الاعلان عن فتح الباب لتسجيل حكام جدد بسنار    الهلال يغادر إلى لومباشي يوم الجمعة لمباراة لوبوبو    الإعيسر: حديث ميليشيا الدعم السريع المتمردة عن هدنة إنسانية مناورة سياسية مكشوفة تتناقض بشكل صارخ مع الواقع    مصر تتهم إثيوبيا باتباع "نهج عشوائي" بإدارة وتشغيل سد النهضة    لماذا يصعب الإقلاع عن التدخين؟    الموردة تكسب امير في افتتاحية مشوارها بدوري الأبيض    المريخ يواجه كييفو سبورت في أولى مبارياته بالدوري الرواندي    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    (صمود) يرحّب بتصريحات ترامب بشأن اعتزامه تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    الأخوان المسلمين: ليست فوبيا وانما مخطط.    بنك الخرطوم: استوفينا جميع المطلوبات لافتتاح فرع للبنك في مصر    التضخم ..."غول" يحد من قدرة السودانيين على الشراء    السودان.. قرار بحظر نشاط صيد الأسماك وإغلاق لبحيرتين    شاهد بالصورة.. تمثال "حميدتي" بدارفور يتعرض لسخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان    شاهد بالصورة.. القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تضع الفنانة هدى عربي مكان "البرهان" في قاعدة التمثال المثير وتقول: (الوحيدة اللي تستاهل وبعرف مليون واحد ممكن يجي يحج عديل أمام تمثالها)    شاهد بالفيديو.. أقسم بالمصحف على صدق المعلومة.. الناشط عثمان ذو النون يفجر مفاجأة كبيرة ويشعل النيران وسط "الدعامة": كيكل اشترى كمية كبيرة من الأسلحة من القائد الميداني للدعم السريع "السافنا"    شاهد بالصور والفيديو.. "حنة" عريس سوداني تثير تفاعلاً واسعاً على السوشيال ميديا وشقيقة العريس تخطف الأضواء    لجنة عودة المواطنين للعاصمة تتفقد أعمال تأهيل محطات المياه والكهرباء بمحلية الخرطوم    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تمنع الرجال من الصعود للمسرح لمنحها "النقطة" وأحدهم يسقط على الأرض بعد محاولته الوصول إليها    شاهد بالفيديو.. اللاعب بلة جابر: (هيثم مصطفى دخل في خلافات مع مدرب المنتخب الوطني بسبب "الثلج" وعندما عرف قيمته وأهميته بعد سنوات أصبح يشتريه من ماله الخاص)    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم وقف أمامه وأنشد قصيدة.. "تمثال" قائد الجيش "البرهان" يثير جدلاً واسعاً وسط تعليقات متباينة ما بين مشيدة ورافضة (الكاهن يستحق أكثر من ذلك ورجعنا لعبادة الأصنام)    فينيسيوس يسير عكس ريال مدريد    شاهد بالصور.. المقرئ السوداني الشهير "شيخ الزين" يثير تفاعلاً إسفيرياً واسعاً بعد ظهوره بإطلالة شبابية ب"الجينز" والجمهور: (أنيق تبارك الله ما يسحروك وأعمل حسابك واتحصن من عين البنات)    من عامل يومية بسيط إلى رجل أعمال بثروة تقدر ب 7 مليار دولار.. قصة بداية رجل الأعمال والبر والإحسان أزهري المبارك صاحب مخيمات اللاجئين بالولاية الشمالية تثير تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    لاعبو ليفربول "يفسدون" احتفال صلاح بليلته التاريخية    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجاني سعيد من "أرحل" إلى "من غير ميعاد" .. موسم العودة إلى الألق مرة أخرى .. بقلم: حاتم الجميعابي
نشر في سودانيل يوم 26 - 01 - 2012

الشاعر الفذ الأستاذ التجاني سعيد محمود حسنين، أحد الشعراء الذين خُلدوا في ذاكرة الأغنية السودانية بأعمال رائعة وجميلة، فأصبح بذلك رمزاً رائعاً في سماء الأغنية والكلمة، سطر هذا الشاعر أسمه من نور من خلال إنتاجه لمجموعة من الأعمال والنصوص التي رفد بها مكتبة الأغاني السودانية. شخصية التجاني التي أتحدث عنها هنا ليست مثالية وليست نادرة بل تمشي على قدميها من خلال جملة من الأعمال الخالدة ، صدرت له في منتصف السبعينات من القرن المنصرم مجموعة نصية تحت عنوان (قصائد برمائية) وهي المجموعة الوحيدة لهذا الشاعر الذي صمت عن الشعر تماماً، حيث يعرفه جمهوره من خلال أغنيتين جميلتين هما (من غير ميعاد) و(قلت أرحل) للفنان الموسيقار محمد وردي وهذه المجموعة الشعرية (قصائد برمائية) تعلن وتعبر عن خيال جامح ووقفات ذات أبعاد جمالية مشكلاً بها لوحة رائعة للكلمة وبحور من الشعر، وقدرة على توليد الصورة ذات الكثافة الشعرية العالية للشخصية السودانية، بل على التفكيك التعبيري للجملة الشعرية واللحنية من خلال جعل الكلمة تتفرد بموسيقى إستثنائية من أهم سماتها الوضوح والقافية والاتزان اللغوية والطرب الشعري،والتي تشاهد تعبيراتها من خلال قراءة هذه المجموعة الشعرية التي تتفرد فيما تتفرد بالنضج الأدبي الفائق الدقة في التعبير، المجموعة تناولت مجموعة من الأعمال وهي (مدخل عدمي- الإنسان والأسماك- ورقة ميتافيزيقية- أغنية عن التفرد-حديث عن رقم بالغ الأهمية تقرير-مدينة من البلاستيك- أحزان صالحة للنشر- الديمقراطية والصابون- من سلسلة إكتشافاتي الذاتية- تلخيص لما دار بيني وبين هجسياس الناصح بالموت دعوة قابلة للنسيان-تمييز-قصيدة البحر- ميلاد- قصة الخروج- كلمات صنعت خصيصاً للسودان) حملتها لنا هذه المجموعة عنواناً للألق والتفرد الإستثناءات الشعرية في تجربة "التجاني سعيد" .
في هذه المجموعة (قصائد برمائية) الفريدة التي قدمها شاعرنا، كل عنوان فيها له من المعاني والصفات التي لا حصر لها من خلال تلك المجموعة الرائعة، كيف لا وهو أبن أرقو (بالولاية الشمالية)، حيث عمق المعاني وصلابة الفكرة وإنسياب الكلمة، فقد دخل التجاني سعيد إلى الشعر من بوابات عدة كالفكر والسياسة والفلسفة فكان شاعراً فيلسوفاً ومفكراً، ومعبراً عن مكونات الشخصية السودانية بكل عنفوانها الشعري والأدبي،فمنذ نعومة أظافره كان ملهماً بالشعر وتناوله فصيحه وعاميته، بالتالي أصبح الشعر في حياته كممارسة أي واجب يومي فقد توفرت أدوات الشعر عند هذا الرائع من حيث البيئة المحيطة به واللغة الرصينة والتي يحمل فيها معجماً لغوياً ضخماً وكذلك خيال شعري منبعث من البيئة التي خرج منها، بالتالي ساهم في إضافة ممكنات جميلة للكلمة المدوزنة التي يسطرها خياله وعالمه الشعري، فضلاً عن أن دراسته بجامعة القاهرة فرع الخرطوم والتي كانت لها مجتمعاً ثقافياً شكل مجموعة الشعراء الأفذاذ في ذلك الجيل، كان إضافة نوعية لتجربته، ولا يمكنك أن تجاري روعة الكلمة الشعرية في ذلك الزمان إلا إذا امتلك نفس الأدوات التي يمتلكها شاعرنا الفذ. وأيضاً أتاحت معرفته الكبيرة بالشعر العربي القديم مجالاً للقول وثراء في اللغة مما جعل قاموسه الشعري يمتاز بالقوة والمرونة والرصانة وحيوية عذبه في كل ما يدونه من كلمات، وكان لتشرب التجاني سعيد بالشعر العربي القديم الأثر الواضح في مسيرته كشاعر، ففي شعره شيء من كبرياء المتنبي ووميض من بريق أبي تمام وبعض من تمرد دعبل الخزاعي وربما غيض من فيض أبي نواس، أما العاطفة المتأججة فهي واضحة ولا تحتاج لبيان. ساهمت كل هذه المعاني والأدوات والتفاصيل في تشكيل شاعرية التجاني سعيد ذات الأبعاد الجمالية والتي عبرت عنها الأغنيتين التي تغنى بها الموسيقار وردي (أرحل) و (من غير ميعاد).
إن حالة الثبات التي تكتنف شاعراً بهذا الحجم و الضخامة في المعاني والكلمات تحتاج منا كإعلاميين إلى إعادة نفخ الروح في هذه الجسد الذي يضج بالحيوية، فخسارة على الشعر والأغنية السودانية أن تفقداً هرماً جميلاً بهذا المستوى وهو في عز شبابه الشعري، فالتحدي الذي أمامنا هو كيفية إخراج هذا الهرم من غفوته ليزين هذا الجمال السوداني بأعزب الكلمات وأجملها رصانة ومعنى، فتجربته تحتاج إلى مزيداً من تسليط الضوء عليه وعلى ما قدمه من مساهمات واضح في خارطة القصيدة والغناء السوداني، وأعتقد بأن كل الذين تعاملوا مع هذا الشاعر واجبٌ عليهم أن يعيدوا التجاني سعيد إلى حضن هذا الوطن الجميل شعراً وموسيقى وكلمات ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.