كمبوديا ذات التاريخ الثوري وبخلفيتها الخارجة من أتون حرب أهلية قوامها الفلاحين والعمال ترسل 52 جندياً لإزالة الألغام في مهمة حفظ السلام في دارفور.المفارقة في من يحفظ سلام من ، فثورة الخمير الحمر في شبه جزيرة الهند الصينية تركت الإيمان بمباديء الثورة ورجعت تؤمن باعتقادات ضاربة في جذور تاريخها فأقبلت على توقعات وتنبؤات ثيرانها المقدسة التي يقام لها احتفالاً سنوياً يسمى احتفال الحرث يقدم فيه للثيران الملكية الستة ،سبعة أوعية مكونة من الماء والكحول والعشب والسمسم والذرة والفول والأرز . ولكل محتوى من محتويات الأوعية هذه دلالة عظيمة لدى الشعب الكمبودي الذي يعتمد على الزراعة ، فإذا اختارت الثيران الكحول مثلاً فهذا يعني الحرب وإذا اختارت الفول والأرز فهذا حسب توقعات الثيران المقدسة يعني أن العام سيشهد محصولاً طيباً ، والماء بذلك تعني الرخاء . الجنود الكمبوديون الذين سيحلون أهلاً وينزلون سهلاً من سهول دارفور الواسعة هم الدفعة الرابعة التي تحل بأرض السودان لأغراض إنسانية تحت مظلة الأممالمتحدة . ولا عجب في أنني إطلعت أيضاً على وصايا القائد العام لقواته وهي في طريقها إلى السودان فقد حملهم أمانة عليهم أنه بجانب المساعدة في إزالة الألغام أن يساعدوا في شؤون إنسانية أخرى مثل تنقية المياه وحفر الآبار وبناء المنازل.فيحمد للقائد وقواته اهتمامهم بالشأن الإنساني والتنموي وأن أولويات مشاركتهم جاءت بحل المشاكل المتصلة بالضحايا من أبناء دارفور وإحساسهم بإخوانهم في الإنسانية الذين فقدوا بيوتهم ومصدر رزقهم . فمرحباً بالجنود الكمبوديين ترحاباً وسعه من الميكونج إلى النيل ولكني أتأسى دوماً لحال قوم يتم إسعافهم وحفظ سلامهم بآخرين آتين وصور الحرب ساكنة في قلوبهم وعقولهم وأرواحهم . جاءت قضية (ضريبة الثقافة) التي تدور رحاها بين البرلمان والصحافة الأردنية في نشرات الأخبار على استحياء كحال كل القضايا المتعلقة بحرية التعبير والإعلام في الوطن العربي. وخلفية الصراع جاء إثر قانون أصدره البرلمان في العام 2008 , يفرض ما نسبته 5% سنوياً من إيرادات الإعلان المنشور في وسائل الإعلام لمصلحة الثقافة. الملك عبد الله الثاني يؤكد على أهمية تعزيز الحرية الصحفية والبرلمان يكبل هذه الحرية بقوانين تحد من تطورها وتوقف نموها. والصحفيون الأردنيون يحتجون بأن حرية الإعلام في بلادهم لا يجوز أن تدفع ثمن الصراع الخفي بين الحكومة ومجلس النواب، ولا يجوز أن تكون ضحية لعبة الشد والجذب بين مراكز النفوذ والقوى البرلمانية. المفارقة في من يدعم من ،فقطاعي الثقافة والإعلام من أفقر القطاعات في المنطقة العربية فلو أن الضريبة قُبل بها كمبرر لعجز الحكومة عن القيام بدورها وواجباتها في دعم قطاع الثقافة فعلى الدولة السلام. وحتى لا نذهب بعيداً فالحال هذه ومعكوسها أيضاً واضحة ومتحققة في العلاقة بين الصحافة والبرلمان السوداني .والأعباء المالية الملقاة على كاهل المؤسسات الصحفية ابتداءً من الدمغات وانتهاء بالضرائب ذات الأثر الرجعي تكبد ميزانيات الصحف مبالغ طائلة. وصعب جداً في هذه الحالة إقناع العقلية الجبائية بأن الإعلام تاريخياً لعب وما يزال يلعب دوراً مهماً في الثقافة، فما ذروة صحيفة وسنامها غير المساحات المخصصة لتغطية الأحداث الثقافية ومناقشة همومها .