كثيراً ما نسمع روايات تروى وقصص تحكى عن ( الكهرباء فى محافظة وادي حلفا ) وكل مسؤول ياتى ويترك المواطنين فى حالة خيال وفرح وسعادة وهمية عندما يتحدث عن الكهرباء .. ويقول أن هناك ربط سيتم قريباً للمنطقة بالكهرباء القومية .. حتى يعيش المواطن هناك كبقية مواطني هذا البلد ( أو ليعيش كبني آدم ) وكلها ( وعود للإستهلاك السياسي ).. تخيلوا منطقة إلى يومنا هذا لم ترى الكهرباء !!.. أنا شخصياً فى حالة ذهول من هذا الأمر .. نحن الآن فى عصر التكنلوجيا .. عصر وصل فيه الإنسان للقمر .. عصر كل شي فى المنزل يعمل بالكهرباء .. كل حياة الإنسان اليوم تعمل بالكهرباء .. كل هذا كوم والتنمية المتوقفة فى المنطقة فى إنتظار الكهرباء كوم آخر .. ذهبت أجيال وهي فى حالة إنتظار للكهرباء المزعومة ويجلس اليوم جيل آخر وهو يسمع ويصدق وعود الحكومات المتعاقبة بتوصيل الكهرباء .. تخيلوا نحن الآن فى العام الإثنى عشر بعد الألفين من الألفية الثالثة .. من الميلاد .. (ومحافظة وادي حلفا) بالتسمية الجديدة للحكومة الحالية وهى المنطقة التى تضم وادي حلفا وقرى السكوت وقرى المحس .. تخيلوا كل هذا الشريط الواقع على النيل يعيش سكانه حياة بدائية .. حياة العصر الحجري .. فى ثقافتهم اليومية .. من ري بالجازولين .. وري بالشادوف .. وطرق زراعة يدوية وبدائية .. وتوليد كهربائي لبعض القرى عن طريق ( إستهلاك الجاز ) .. وإنارة ليلية (بالفوانيس) التى يراها باقي مناطق السودان ( من التراث الغابر ) .. لا والله هذا ليس تراث مايزال أهلنا هناك عندما تميل الشمس للغروب ينظفون الفوانيس التى تعمل بالجاز لينيروا منازلهم .. !! كل هذا يحدث لأهالي محافظة وادي حلفا الذين أقل ما نستطيع أن نوصفهم به إنهم ( بدائيون ) فأراضيهم الزراعية شاسعة وجبالهم حبلى بالذهب والفضة والمعادن .. والنيل يجري طول العام .. والأيدي العاملة متوفرة .. رغم كل هذا مايزالون يعيشون على الطريقة البدائية .. وكل هذا بسبب عدم دخولهم الحضارة الحديثة التى بدأت بإكتشاف الكهرباء .. فالإنسان إنتقل لمرحلة جديدة من الحضارة بعد هذا الإكتشاف الكبير .. ولكن تلك المنطقة لا تزال فى مرحلة ماقبل إكتشاف الكهرباء .. على الرغم من سهولة إنتاجها وعدم إرتفاع تكلفتها عن طريق الخزانات والسدود .. وأشد ما يحزنك عندما تعرف أن النوبيون هم سبب النعمة التى تعيشها مصر بسبب السد العالي الذي بسببه هجر النوبيون وتبعثروا فى الأمصار ( وبخلوا عليهم بالكهرباء رغم الوعود وذهب عبود وذهبت الوعود ).. وهديتهم اليوم محاولة تهجير أخرى بسبب سدين آخرين ليستفيد منهما ذات المصريين ..ومحاولة إعادة ذات السيناريو القبيح ..!! واليوم يحدث نهب منظم لثروة تلك الأرض من الذهب عن طريق التنقيب العشوائي شركات خاصة وافراد .. ويكسبون المليارات والمواطن هناك ينير منزله بالشمع .. وهذا الأمر يذكرني ( بالمستعمر ) الذى جاء وسرق خيرات هذه البلاد وبنا حضارة عن طريق نهب ثروات هذه البلاد وتركهم فى تخلفهم وبدائيتهم .. وهذا بالضبط مايحدث هناك اليوم .. سيأخذون كل قنطار موجود فى تلك الأرض من الذهب ويتركون أهل المنطقة فى ظلام دامس وتخلف مستمر .. فعلى مواطني محافظة وادي حلفا .. الوقوف بكل صمود وشرف أمام هذا النهب لثروة الأرض .. وان يضعوا للحكومة خيارين .. إما أن تترك ذهبهم ليستفيدوا منه بطريقتهم أو ( الذهب مقابل الكهرباء ) .. وهذه هى الفرصة الأخيرة لتلك المنطقة وإلا .. سيندمون حين لا ينفع الندم .. ولكم ودي .. الجريدة [[email protected]]