* أعرف أنَّ قصتي تشبه قصص كثيرٍ من البنات اللاتي يعشن في هذا الزمن الذي لا أريد أنْ ألقي عليه اللوم، لأنّني مقتنعة بأنَّ العيب فينا وليس في الزمن، وأنَّ الذين يتحدثون عن الزمن الجميل هم في حقيقة الأمر من جعلوا زمنهم جميلاً؛ لأنّهُم كانوا يحملون الجمال في دواخلهم. * هكذا بدأت (ر. م) تحكي تجربتها في الحياة، وهي - كما قالت - لا تنتظر مني حلاً، وإنّما هدفها إلقاء الضوء على الواقع المر الذي تعيش فيه هي وغيرها من بنات الجيل الحالي، الذي تضافرت فيه عوامل كثيرة؛ جعلتهم نهباً لأسباب القنوط واليأس. * تقول (ر.م): أنا في ريعان شبابي، والحمد لله، ولكنْ مرّت بي تجارب قاسية، بعضها طبيعي مثل ما يحدث للبنات في سنوات التفتُّح وبداية المراهقة، وبعضها يفرضه القدر بلا رحمة، كما حدث لحلمي الأول الذي اختطفه الموت في حادث حركة مروّع. * لا أخفي عليك رغم مضي سنوات على هذا الحادث، فما زال الجرح في داخلي لم يندمل بعد، رغم محاولاتي الكثيرة في الاستغراق في العمل، وفي قراءة القصص والروايات ومشاهدة المسلسلات التي ضاعفت من إحساسنا بالضياع العاطفي، لكنني فجأه وجدت نفسي متعلقة بإنسان، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ. * لا يهم أنْ تعرف أو أنْ يعرف الذين يقرؤون كلام الناس هذا من هو، يكفي أنه دخل حياتي بسلام وأشعرني بالأمان بجانبه، وبدأت شخصيته تطغى على حزني القديم، لكن للأسف أعرف مسبقاً أنها علاقة لن تصل إلى نهايتها السعيدة، لكنني أكتفي بهذا السلام النفسي الذي أحس به في الوقت الذي يجمعنا سوياً، قبل أن نفترق بعد ذلك - كل في طريق - . * هو أكبر منّي كثيراً، ولديه أسرة مكونة من ثلاثة أولاد وبنتين، أكبر أولاده تخرّج في الجامعة، وإحدى بناته صديقتي الشخصية، وهي التي جمعتني - لا إرادياً - به، لكنّني حريصة على ترك مساحة كبيرة بيني وبينه. * لا أخفي عليك هو أحس بمشاعري تجاهه، ولكنه أيضاً لا يتمادى كثيراً في إظهار مشاعره بل إنه يحتفظ بذات المساحة ويعاملني بطريقة أبوية ربما هي التي جعلتني أتعلّق به أكثر، أعرف أنّك ستقول إنَّ هذه علاقة مرضية أو إنِّني مصابة بعقدة (إلكترا)، لكنني أقول بصراحة وصدق إنَّني أعرف حدود نفسي وليس لديَّ تطلُّع أكثر مما أجده بالفعل من راحة نفسية إلى جواره. * انتهت رسالة (ر.م)، التي تستحق منا إشادة لصدقها مع نفسها، لكنني أقول لها ولغيرها من البنات اللاتي يعشن حالات مماثلة: عليكن تجاوز هذه المحطة بأمان.. فالحياة عامرة بمحطات الأمل. * لا يكفي مثل هذا الإحساس الإنساني المجرّد لإنجاز المهمة التي من أجلها خلقنا الله سبحانه وتعالى، وليس من العدل حبس النفس في حالة "محلك سر" في علاقة مسدود الطريق أمامها؛ لأن الحياة مثل النهر تماماّ تتجدّد من تحت أقدامنا حتى وإنْ كُنّا نقف حائرين في خضم تياراتها المتلاطمة. نورالدين مدنى [[email protected]]