[email protected] جمع مؤتمر جوبا "حردانين" سوق الإنقاذ وأوعى. ويقول المثل حردان السوق من يرضيه. فالحردانون خسروا صفقتهم مع الإنقاذ. وبالطبع هذا عيب أساسي فيها لأن الحكم مهارة في التحالف. ولكن من قال إن الإنقاذ حكومة؟ لقد وصفتها دائماً بأنها عصبة عسكرية أسرعت للحكم بليل بينما تباطأ الآخرون. ومن الحردانين من بلغ به الحرد مبلغ اليأس فصارت السياسة عنده "تسدي". أي أنه يرد صاع الإنقاذ له صاعين رداً لا اعتبار فيه لمقتضى السياسة التي هي استراتيجية مخدومة بتكتيكات ذكية. والدكتور حسن الترابي بالطبع سيد الحردانين. ولا نفصل. أسفت جداً وأنا أقرأ كلام ومواقف هؤلاء الحردانين في جوبا. فلم يكن خطابهم موجهاً إلى عامة الناس يعدل رأسهم في الهرج السائد حول تنفيذ اتفاق نيفاشا المفصلي. فلم يحرصوا ليكون مؤتمرهم موضعاً للنظر في مسائل الخلاف حول الاتفاق بالقسط. أي بالنظر إلى ميزانها في الحق لا إلى من تبناها. فقد تكرر مثلاً عند الترابي قوله إن الانفصال هو الغالب في الشارع الجنوبي. وهذا الرأي صدي لمقالة السيد باقان أموم التي "تجنن" عبد الواحد. وعبد الواحد هنا هم الإنقاذيون. لم يحتاج الترابي في مقالته لعرض حيثياته. ولم يكلف فريقاً بحثياً من مؤتمره الشعبي لاستطلاع رأي الجنوبيين في الوحدة بما يزاول شغل معهد قلوب في استبيان الرأي. واستغربت لرجل قدوته النبوة الفطنة يلقي القول على عواهنه هكذا. من الجهة الأخرى وجدت السيد مبارك الفاضل، حردان السوق الآخر، يدفع تهمة الفساد عن حكومة الجنوب جملة وتفصيلا. وهو شديد الاقتناع بأن كل مليم نفط وصلت الجنوب قد تم التصرف فيها بأمانة. وهذا شطط. فالسيد سلفا كير نفسه كان أكثر واقعية من مبارك بشأن فساد الجنوب. فلربما بالغ الإنقاذيون في الحديث عن الفساد في الجنوب ونسوا أنفسهم. ولكن مما فخر به سلفا أنه كون مفوضية لتحري الفساد في دولته بل طرد وزيريّ مالية بشبهة الفساد. وقد أثنيت من قبل على المكتب السياسي للحركة الشعبية في دورة انعقاده الأخير لقوله إن الفساد مشكلة وطنية عامة وينبغي ألا نجونبها أو نشمألها. أين هذا من قول مبارك العالم ببواطن مصارف نقط الجنوب يتسمع دبيب الجنيه في أروقة حساباته الرصينة؟ الجنوب حقيق بحلفاء شماليين لا يفرغون حردهم الشمالي في مسألته. ربما احتاجت الحركة الشعبية إلى مثل هؤلاء حلفاء من حردانيّ الإنقاذ. ولكن من قال إن الحركة هي الجنوب؟ فهي ربما احتاجت إلى مثل السيد علي محمود حسنين (المحموق من الإنقاذ ومعه ألف حق) الذي جاء كالسيف وحده للمؤتمر وهو الأمين العام لحزب في سعة الاتحادي الديمقراطي الأصل. ولكن قضية الجنوب تحتاج لحسنين ل "يقوم بجماعته" لا أن يقوم برا" كما في لعبة الأطفال المعروفة. فقضية الجنوب تحتاج إلى غزارة شمالية بخاصة في حزب كالاتحادي الذي حالف الحركة دهراً طويلا. لماذا أعد ظاهرة الحردانين الفصيحين خطراً على مسألة الجنوب؟ لسببين. أولهما أن نصرهم للحركة أعوج عديل كيداً للإنقاذ سيقوي النزعة الانفصالية الشمالية التي اصبحت لها منابر علنية تضرب بقوة على وتر أن قسمة نيفاشا "طيزى" وإن الإنقاذ قد استسلمت بالاتفاق للجنوبيين والغرب. السبب الثاني أن الحردانيين "بمعاكم معاكم" هذه يحرمون الحركة الشعبية من النظر إلى داخلها طلباً للحكمة (بجانب ملاواة الإنقاذ). فالحركة في نظر الحردانين صائبة دائماً لأن الإنقاذ مدمنة للخطأ. ومن يتأمل ذاته إذا لم يجد من يؤأخذه ويراجعه؟ وفي كلمة الغد أوضح ما أعنيه بتأمل الحركة ذاتها طلباً للفطانة. [email protected]