تفاصيل المباحثات الأمنية التي جرت في مدينة زيورخ السويسرية    جابر: يثمن دور القطاع الخاص و عودته للعمل من خلال التطواف علي شركة الصناعات الكيميائية السودانية    الفاشر تصد بنجاح الهجوم رقم 228 الذي شنته مليشيا اسرة دقلو    رباعية نظيفة.. كيف تفوق المنتخب السوداني على نيجيريا في الشان    الخارجية الأمريكية: نعمل على تصنيف "الإخوان" تنظيماً إرهابياً    البرهان لم يذهب بمفرده لمقابلة مسعود بولس    إسرائيل تناقش إعادة توطين فلسطينيين من غزة في جنوب السودان    الدقير .. الجلوس إلى طاولة التفاوض ليس خيانة    معاناة محمد صلاح قبل انطلاق الموسم    مفاوضات سويسرا المستأصلة للمليشيا وللخونة اللئام لقيت قبولاً    الاعيسر .. السودان يقف اليوم أمام مفترق طرق مصيري    مدرب السودان: لم أتوقع فوزًا كبيرًا.. مدرب نيجيريا: 4 أخطاء، 4 أهداف*    ((سيد الاتيام في أختبار اللتوال))    صقر جديان افريقي محنك    كرتي يتوعد السيسي والبرهان: الإفراج عن المصباح أو مواجهة تداعيات خطيرة    "نعم، لقد قبلت!" جورجينا رودريغيز توافق على الزواج من كريستيانو رونالدو    بسبب ريال مدريد.. الاتحاد الإسباني يعلن سياسة جديدة مع الحكام    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    وفد الادارة العامة للرقابة على شركات صادر الذهب يختتم زيارته للولاية الشمالية    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    شاهد بالصور.. روماني الهلال يفاجئ جماهير فريقه بعد توقيع العقد ويظهر بالزي القومي السوداني    النصر السعودي يحسم صفقة كومان    شاهد بالفيديو.. بعد أن عثرت على صورة فاضحة لخطيبها مع عشيقته المتزوجة.. فتاة سودانية تفتح بلاغات في "نسابتها" وتقوم بسجن والده وشقيقته    شاهد بالفيديو.. أخذت تتفاعل في الرقص.. سيدة سودانية تفاجئ المعازيم وتقتحم "صيوان" فرح بأحد الأحياء وهي راكبة على ظهر "حمار"    بادي يستقبل وفد الامانة العامة لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب    10 أشياء توقف عن فعلها على موبايلك لتحسين البطارية    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    مصرع وإصابة عشرات المهاجرين بينهم مصريون وسودانيون    وزير المالية يوجه بسداد مستحقات الحكومة على قطاع الاتصالات في وقتها    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    كارثة تحت الرماد    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشاد .. المحلية والناس .. بقلم: كباشي النور الصافي
نشر في سودانيل يوم 27 - 04 - 2014

هل هنالك من رأى الأمانة تسير أمامه على قدمين؟ من لم يفعل ولم ير الأمانة تسير أمامه فليذهب إلى مدينة رشاد بولاية جنوب كردفان. حديثي هنا عن رشاد القبيلة الناس البشر .. رجالاً ونساءً شيباً وشباباً.. معرفتي بهم كمعرفتي لنفسي.. منذ نعومة أظفاري وأنا معهم ووسطهم بهم ولهم.. أُناس يجبرونك على إحترامهم.. يفرضون عليك أن تقف لهم تحية وتقديراً. يحيرونك بسلوك حضاري تعلمه الكثيرون من كتب الأتوكيت وأفلام البرستيدج السينمائية.
من هي رشاد القبيلة؟ إنها أحد أفرع وبطون قبيلة تقلي المعروفة للجميع. أهل دين وخلاوي وعلم .. ونصرة المك آدم أم دبالو للإمام المهدي هي حجر الزاوية في نجاح الثورة المهدية وبناء السودان الحديث. فلولا كرم المك آدم لما كان ما نحن فيه من وطن الآن. تتفرّع قبيلة رشاد لبطون كثيرة لن أذكرها حتى لا أنسى بعضها وأُلام على ذلك فكلهم أهلي وعشيرتي. ولكن الغرابة تكمن في أن كل هذه البطون تشترك في صفات تكاد تكون كالبصمة الوراثية أو الDNA باللغة الحديثة.
رشاد إحدى مراكز مديرية كردفان القديمة من زمن ماكمايكل وسليمان أكرت. تقع المدينة على مرتفعات تجعل جوها الأفضل في السودان خاصة خلال أشهر الخريف. لا يوجد بها ناموس ولا باعوض. أرضها صخرية ممزوجة بالرمل وتصلح للزراعة في الوديان بين الجبال وفي زراعة المدرجات. بها مخزون استراتيجي من الذهب معروف من زمن الحكم الثنائي ولكنه لم يستغل بعد.
لا يكتمل الحديث عن رشاد إلا بالحديث عن الإنسان الرشداوي- الصحيح رشاداوي – لكنها تنطق رشداوي. بالنسبة لي تعني الرجل الراشد الرشيد المُرشِد. عندما تتحدث عن الرشداوي فإنك تتحدث عن الصدق والأمانة تمشي على قدمين. الرشداوي - وهنا نعني الرجل والمرأة- يمكن أن نقول عليه العبارة المشهورة (تاكل وتقش في طرفه) فهم من الطيبة بمكان. ومما لا شك فيه فالآية الكريمة التي تقول: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) هي تنطبق على الرشداويين بنسبة 110%. لا يتحدث الرشداوي إلا همساً وهذا دليل تقافة القوم وعلو كعبهم وأن جذورهم ضاربة في الحضارة. ودونكم سويسرا فيندر أن تجد سويسريان يتحاوران بصوت مرتفع.
دليلي على أمانة الرشداوي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فلم أسمع في حياتي برشداوي سرق أو خطف أو نهب. إلا من شذّ والشاذ لا حكم له. وكمثال على الأمانة يكفينا دليلاً أنه خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي كان كل العاملين في دكاكين سوق أبو جبيهة وهو الأكبر في المنطقة من أولاد رشاد. ولا تخطئ عين الزائر لأبو جبيهة هذه الحقيقة. فيمكنك أن تأمن الرشداوي على القناطير المقنطرة من الذهب، فلا يسيل لعابه لها ولا تمتد يد رشداوي لما ليس ملك له. وبرهان آخر هو أن قاضياً مشهوراً نُقل إلى محكمة رشاد في سبعينيات القرن الماضي. مكث القاضي ستة أشهر لم يتخاصم أمامه رشداويان. قال القاضي قولة مشهورة: ( دا منو المغفل العمل المحكمة في البلد دي. ديل ملائكة مش بشر). كانت كل القضايا تأتيه من أبو جبيهة فقرر نقل المحكمة إليها واستقر به المقام هناك وكان لا يزور رشاد إلا لماماً.
بدأ التعليم باكراً في رشاد فمن أساتذتها المشهورين الموسيقار يوسف محمد القديل وقبله آخرون لم أتشرف بالدراسة على أيديهم ولكنهم قاموا بتدريس أعمامي في مدرسة رشاد. كثيرون من أبناء رشاد زاملونا في مدرسة أبو جبيهة الوسطى عندما كانت مدرسة أبو جبيهة هي (توب صالحة بت الحطابي) في المنطقة الشرقية لجنوب كردفان من العباسية تقلي وحتى الليري جنوباً. من زملائنا مثالاً لا حصراً دكتور عبد الرحيم أحمد المصطفى، رجب محمد القديل وشقيقه مصطفى، محمد علي المشهور بدريسة. محي الدين آدم عثمان خبير الغابات المعروف والذي استقر بأبو جبيهة أخيراً بعد أن تقاعد بالمعاش. وسليمان الشهير بورقة. وعبد الرحمن أبكر وغيرهم كثيرون.
ما يحيرني الآن أن الطائرات تقذف بحممها في محلية الرشاد كما أسمتها الإنقاذ، والجنجويد يهجمون ليل نهار على قرى رشاد وذلك بدعوى أنهم متمردون ويقفون ضد الحكومة.. هذه كلمة (باطل) أريد بها باطل. الرشداوي بطبعه لا يحب العنف ولا يلجأ إليه، فكيف بالله يقفز مرة واحدة لمحارب يحمل الدوشكا ويقود الراجمات والدبابات؟ هذا حديث إفك لم أفهم القصد منه وما هو السبب في إختيار رشاد لتكون مسرحاً لعمليات الجنجويد والطائرات. إنه الفشل في كراكير كادقلي وكودة ولهذا لجأ الفاشلون لمنطقة رشاد التي ليس بها محاربون لا قدامى ولا جدد. ليسوا بجبناء ولكنهم لا يحبون الدماء وغير متعطشين لها دون سبب وجيه. فهلا رفعت الحكومة يدها عن منطقة رشاد. وهلا قامت الحركة الشعبية بسحب منسوبيها إن كان لها منسوبين في المنطقة ليجنبوا المنطقة ويلات حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ألا هل بلّغت .. اللهم فاشهد. (العوج راي والعديل راي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.