نحن خمسة آلآف في هذا المكان الضيق من المدينة نحن خمسة آلآف أتعجب كم عددنا في كافة مدن البلاد فهنا فقط نحن عشرة آلآف يد تزرع الحبوب وتعمل في المصانع إذن كم هو عدد الجائعين، الخائفين والذين يلسعهم البرد ويسحقهم الألم ويجلدهم الرعب وسياط الجلادين! ........ عشرة منا أختفوا هكذا وكأنهم ذابوا في الفضاء العريض مات أحدنا.......وآخر خضع لنوبة تعذيب ما رأيت وما تخيلت أربعة آخرون قرروا الخلاص قفز أحدهم إلى المجهول هشم آخر رأسه خبطا على حائط وإثنان لا ندري أين ذهبا لكنهما ماتا والآن يزين الموت أعينهم الواسعة يا إلهي أية قسوة ينضح بها وجه الفاشية! ......... هؤلاء السفاحون يتقنون القتل حد الدهشة لا يأبهون لشئ سفك الدماء في عقيدتهم نياشين وأوسمة والذبح بطولة يا إلهي، أهذا هو العالم الذي خلقت في أيامك المذهلة السبعة؟ ......... في جوف هذي الحوائط الأربعة يحيا بضعة أشباح تتناسل رغباتهم في الموت إلا أن إحساسي يصحو فجأة ولا أجد قلبا يخفق لا أسمع إلا نبض الماكينات والجند يستعرضون بنادقهم القاتلات! نحن عشرة آلآف يد لا تنتج سوى العدم كم هو عددنا في مدن البلاد الفسيحات؟ ..... كم يكون الغناء صعبا حين يكون الغناء للرعب والألم رعب أن أموت رعب أن أحيا وسط كل هذه اللحظات السرمدية التي يختم صمتها وصراخها أغنيتي! .... الذي أرى كما لم ار من قبل الذي أحس كما لن أحس من بعد تربتان خصبتان للحظة الإنعتاق الوشيكة فيكتور هارا - شاعر ومغني من شيلي- نظمها و لحنها وغناها بيديه المكسورتين وشفتيه المشقوقتين قبل أن يقتله جنود الجنرال بينوشيه في إستاد سنتياغو عام 1973، بعد الإنقلاب الشهير على سلفادور الليندي.أعضاء فرقته تجمعوا في فرقة موسيقية تلبس الأسود وتغني له. كان أسمها بلغتهم "كيلا بيون". شاهدتها عام 1974 بمدينة موسكو. ما يزال فيكتور، ولا تزال الفرقة تحتكر الذاكرة. كيف ينمحي فيكتور وفرقته من ذاكرة الشعوب المناضلة؟؟
رأيت فيكتور هارا الليلة رأيت فيكتور هارا ينسل من السكة الثانية الشمالية ولم تكن يداه مكسورتين كان يضع قبعته السوداء ولم يكن حليق الذقن وكان شعره ينز منه المطر كان يرتدي الأسود الكامل كان مرهقا من طول السفر إلا إنه لم يكن حزينا كان حيا وفي صحة جيدة "أنا حي أرزق ليس عليك أن تقلقي بعد الآن لا يمكنهم قتلي"، قال ثم إبتسم .................... أوقفت سيارتي وسط الطريق ترجلت لأ تأكد لم أتوقع أن أراه لدي الكثير لأبوح له به الكثير من الأسئلة وفجأة إختفى لكنني أسمعه الآن "أنا حي وفي صحة جيدة، أتسمعينني الآن؟" وضع مرآة أمام وجهي رأيت إبتسامته إنه يبتسم لي! لقد رأيت الليلة فيكتور هارا! كلوديا بيريز- شاعرة من السلفادور. كانت محبة لمواقفه وشعره وصوته. وكانت تقدمية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ////////////