عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. يحتاج السودان الى نقلة نوعية تاريخية، تخرج الناس من ظلم السياسة الأحادي النظرة، الى آفاق أرحب. تظهر فيها بصمات العلوم والتكنولوجيا، بدلا من تنظيرات السياسة والعسكرية. يكون الصوت الأعلى فيها صوت الأكاديميين، الذين يخططون للمشاريع فيتبعهم السياسيون والعسكر من اجل نظم الادارة وفلسفة الحكم والتشريعات والتأمين. هذه الدعوة تهدف لتجمع الأحزاب التي التزمت الحياد والصراع من أجل القيم والتي ما تزال تبحث عن جو سياسي معافى، ويقوي لحمة الوطن، ومن ثم بناء جو ايجابي لممارسة سياسية رائعة وراشدة تفوق أفكار أصحاب المآرب الذاتية المتشظية عن تلك الأحزاب الرئيسية في السودان في فترات زمنية مختلفة. فقوتنا في وحدتنا ونجاحنا في اختلافنا وكيفية ادارته والقبول بالآخر. لن نستطيع كشعب مثقف ومتعلم أن نرى المهازل بأم أعيننا ثم نقف مكتوفي الأيدي، لذا فالنداء هنا عريض لإعادة صياغة نوعية التفكر، واعادة بناء الفكر الجاد البناء، بدلا من العراك في ساحات الخلافات السرمدية، فماذا كسبنا من استقلال السودان؟ ستون عام مضت وها نحن نحتفل باستقلال السودان، فلا نذكر الا اطياف وأشواق قديمة من الناحية السياسية وأدبيات النضال التي قد مضى أصحابها. فدعونا نستلهم التاريخ ليذكرنا بوطننا السودان، فنحن مازلنا نصارع من أجل لقمة العيش، ستون عام مضت والحال الآن أسوأ مما كان علية السودان بعيد حقبة الاستقلال حتى حقبة الستينات والسبعينات. وهذا لا يقبله عقل ولا منطق. فقد بنت أمريكا امبراطورية عظمى بعد نزيف دم سال من الحرب الأهلية، بقوة العلم والعلماء، وما يزال شعبها يجهل السياسة. وقد لملمت ماليزيا شعوبها المختلفة دينيا وعرقيا وجعلته في صياغة قومية وعالمية، ثم انطلقت نحو الريادة، تركت من ورائها الخلافات الدينية والعرقية. فعرفت كيف تدير اختلافاتها وخلافاتها بقوة العلوم والتكنولوجيا. فالدعوة هنا قد أشرنا اليها في مقال سابق عن تحالف الوسط العريض الذي يهدف لتجميع القوى السياسية والتكنوقراط باستصحاب المثقفين وموروثات الوطن التي تجمع كل الشتات السوداني. ومن ثم بناء صياغة متآلفة تجمعنا لنرعى مصالحنا. فلتكن انطلاقتنا الأولى من السياق الاجتماعي والمفاهيم السودانية والأخلاق التي نتفق عليها كشعب له تاريخ واحد، فبناء الدولة الحديثة يستلزم استصحاب المفاهيم الثقافية والموروثات الاخلاقية التي ينبي عليها الاقتصاد وأنظمة الحكم. فاستكشافات الثروة والمعادن واستصلاح الزراعة والموارد المائية والغابية والأراضي الخصبة المنبسطة والمخزون الحيواني وفوق ذلك الموارد البشرية تحتاج لرجال العلم والفكر والفلسفات المختلفة لتفجر طاقاتها. منذ ستون عام ونحن ندور في فلك السياسة دون الالتفات للقوى البشرية والاقتصاد والعلوم، حيث ان العلوم هي أخفض رأسا من بين كل الاهتمامات في بلادي. فالسياسيون يهتمون فقط بنظم الحكم والفكاك من الصراع السياسي الذي أصبح العقدة الأولى في بلادي، حيث تجري من تحتها كل النعم والخيرات. والاهتمام بها أصبح من نافلة القول، وتركت هذه الأشياء لاجتهادات العوام. لذا جاءت ساعة السعي وراء العلوم والبحوث. قد جاء دورنا من أجل العمل الصالح من أجل الوطن والمواطن، فالأمانة في أعناقنا كلنا كمثقفين أو أكاديميين أو سياسيين. فلا نريد ان نلتفت للخلف، ووجب علينا ان نجد الدواء لكل العلل التي تورق الوطن والمواطن. هذه الأفكار يجب أن تصاغ من قبل المختصين الأكاديميين من ذوي الخبرات والمعارف، ومن ثم يبصم عليها السياسيون. فالساحة السياسية الآن لا تبشر بجديد، ويبدو التوهان ظاهرا من كثرة المؤتمرات وتعميق الخلافات والاختلافات وتبادل الأدوار الواهية. ومن هذا المنطلق ندعو كل الأكاديميين في الاصطفاف من اجل الوطن، ولكي تتبلور الفكرة علينا نجمع كل من له قناعة ويريد العمل من أجل الوطن، ولو آمن السياسيون والمثقفون بالانقياد وراء التكنوقراط ستلتئم لحمة الوطن. لأننا كلنا نصارع من أجل التغيير ولكن لن يتحقق ما لم يكن عمليا، ولكي يكون عمليا عليا التجمع تحت مسمى عريض. فتأتي الخطوة المهمة وهي التنظيم السياسي واختيار الحاكم عن طريق صناديق الاقتراع، وذلك تغذية الشعب السوداني بالثقة حتى يعود ذلك الشعب المعروف عنه كل القيم النبيلة. فاحتقارنا لأنفسنا جلبه لنا فساد اروقة السياسة. فكان اهتزاز الثقة المتبادل، ما بين السياسي والمواطن. وسوف نظل نكتب ونكتب حتى نزيل الابهام وحتى نتفق على صيغ مقنعة تشبه موروثاتنا مع تزينها بما يتطلب العصر. فما يتوق اليه المواطن من عيش كريم هو ما يتوق اليه المثقف والسياسي والعالم لأنه من المواطنين أنفسهم، ولكن فساد السياسة بمفهومها الحالي ما جعل الاحباط يدب في أوصال المواطنين. لا يلزم ان نقتل الآخر أو نجرده من حق المواطنة أو نحجر رأيه. سنوات مضت لم نكن شيئا ولم نفعل شيئا، فدعوها دعوة صادقة من أجل الاصلاح والاعمار. وجوهر هذه الدعوة ان يتحلى كل فرد بحسن النية والثقة بالآخر فستكون المحصلة الوصول الى الغاية المرجوة. فاللذين يلهثون وراء الحكم في حد ذاته ولأجله لا يجدون نفعا للوطن، والذين يعملون في الخفاء فقد آنت ساعة ظهورهم من أجل الوطن دون رياء أو من. فلندع الذين يعملون لمصالحهم الخاصة وراءنا ولتقودنا جحافل العلماء والمبدعون والوطنيون الغيورين على مصلحة الشعب. فالشعوب تعلق الآمال على العلماء فينبغي ألا نخزلهم. وفي نهاية هذا المقال نطلقها دعوة لكل سياسي يرى في نفسه نفعا لوطنه لكي يدفع جحافل التكنوقراط لحكم البلاد، فلتكن طبقات السياسيين من كل الأحزاب التي لا يعجبها حال الممارسة السياسية المهزوزة، والتي ترى فيمن فارق الجماعة خائن لوطنه عابث ومستهتر. فلتتحد كل الأحزاب وتقوي شوكتها من أجل بناء وسط عريض في صياغة عصرية لبناء ساحة سياسية يسودها التنافس الراقي. فتجمع الوسط السياسي يهدف لدفع الظلم عن الآخر المهمش والذي يمارس ضده الاقصاء والاستبعاد بسبب عدم الموالاة للطبقة الحاكمة. هي دعوة نطلقها صريحة من أجل أن نتفق دون عناء أو تعميق لفتنة أو استنزاف لبشر أو موارد أو قيمة أخلاقية. دعونا نرحل من عالم سياسي متعفن الى آفاق رحيبة يصنعها التعلق بالعلوم والثقافة وأهلها. دعونا نطلق لأفكارنا العنان فنحترم الآخر حتى يتكون جو ديمقراطي يسمح بتكوينات سياسية عصرية لا حجر فيها لفكر أو شخص أو جماعة، فالتنافس الشريف يخدم المواطن والوطن. فليكن تجمع الوسط العريض من شتات الأحزاب التي ترفض التدجين , لأنه بنجاح هذه الفكرة ستمون الأحزاب الطفيلية, التي انفصلت عن أصولها الى أشلاء متناثرة وما دفها لذلك الا السباق المحموم من اجل الحكم والاستعجال الى بريق السلطة.