: تكررهذا المشهد في فرنسا مرة أخري في التاريخ الحديث، وذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية، في قرية في جنوبفرنسا تسمي بون سان إسبيريت.. فقد أصيب هناك حوالي 300 من الأهالي بنوبات من التشنج والصرع، وقد عُزيَ ذلك الأمر من جديد لتسمم بفطرٍ زِقِّي في رغيف الخبز.. إلا أن تقاريرا لاحقة قد علقت اللوم علي أنشطة قامت بها وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية ..في الأجواء الفرنسية. . كما أذكر أننا في السودان قبل حوالي عشر سنوات شكا الناس في إحدي نواحي الجزيرة من حالات هذيان وضحك تلقائي تكررت لدي كثير من السكان في تلك القرية مما أضطر المواطنين للجوء للسلطات الصحية هناك لمعالجة تلك الحالات.. لكني لم أسمع بعد ذلك وحتي كتابة هذا المنشور، أي تفسيرات أو بحوث قامت بها السلطات الصحية لتوضيح ماهية الظاهرة لمواطنيها.. إنتهت المقدمة . النص: . منذ القرن العاشر كانت "عاصفة الشر"، أو نيران سانت أنطوان، نار السموم، أو ما بات يعرف بالنار المقدسة، قد تسببت في هلاك عشرات الآلاف من الأشخاص، بالإضافة لتعريض ألاف أخري منهم للحريق المتعمد أو إعدامهم في الساحات العامة، بإعتبارهم مسكونون بالأرواح الشريرة. هذا الوباء المفرط، كما كان يطلق عليه الكثيرون، رويَ أ،ه قد تسببت فيه فطريات زِقية، أصابت غلال القرويين بفطر دابر الأرز، مما أدي لتلوث حبوب الشاودار، وهي من الفصائل الرديئة من الحنطة، والشعير وغيرها من الغلال، بفطريات سمية قاتلة. بذل الباحثون إزاء ذلك جهودا مضنية تم فيها فحص كل فصائل الغلال إلا أنه لم يتم التمكن من التعرف علي مصدر الوباء إلا في العام 1777. بالإضافة للطاعون فقد كانت "عاصفة الشر" من الأوبئة التي تسببت في هلاك الناس في العصور الوسطي. . روي الناس أن الفطر كان يبدو في السنابل، حديثة النمو، في شكل نتوء أسود ينمو في قمتها، وينشط بصورة كثيفة في سنابل الجاودار التي أرهقها الصيف ذو الرطوبة العالية. . في أوروبا في العصور الوسطي، حينما يصادف أن يصنع الخبز من طحين الشاودار، كان مجاميع من الأهالي يسقطون ضحايا لوباء الفطر المسموم. حير هذا الخبز القاتل المراقبين وأعجز دهاءهم، فقد كان للغرابة، لا يهلك بسبب الوباء إلا الفقراء والمعدمين من الأهالي، بينما كان الأثرياء ييقون علي قيد الحياة. وقد أسدى الناس أمر ذلك الموت الإنتقائي لشئ في معية السماء بإعتبارها لعنة إلهية. كانت الكنائس تعج بطالبي الغفران من المصلين البؤساء دون سواهم، وكانت تنتظم فيها المواكب الطويلة لإسداء الإعتراف والمباركة. . كان الناس يداومون علي أداء الصلوات والقرابين لله وللكهنة المباركين، وبالاخص سانت أنطوان. لكن الأمر لم يكن ينطوي علي لعنة إلهية إنتقائية، بل كان ببساطة يعود لأن الأثرياء كانوا عادة لا يضطرون لتناول ذلك النوع من الخبز الذي يصنع من طحين الأنواع الرديئة من الحنطة. . تناول الخبز الملوث بالفطر، كان يتسبب للناس في دوامات من الهلوسة وفي تشنجات أشبه ما تكون بنوبات الصرع. وفي حالات متأخرة يؤدي ذلك إلي تطور إلتهابات وإصابات بالغرغرينا ناتجة عن ضعف تدفق الدماء أو انحسارها عن المفاصل والأطراف. . روى مدونون في ذلك الزمان "أن المرضي كانوا يسقطون فريسة لنيرانٍ غامضة، تستعر داخل أجسامهم، ويستقر لظاها في الأيدي والأقدام تجويف الصدر، يبدأ بعدها الجسم في الجفاف والتصلب وتصير البشرة داكنة اللون، ثم تتساقط إثر ذلك الأطراف تباعا ليموت المصاب بعد معاناة قاسية من المرض". . فتك الداء بما يتجاوز الأربعين ألفا البؤساء من مواطني سانت أنطوان. وبينما الكارثة في إتساعها أُمِرَ بموكبٍ للغفران، روى القس والمدون أديمير دو كابان (988-1034) "الراهب العاشر جيوفروي والذي ترأس الدير خلال تسعة سنوات متتالية (المتوفي في الحادي عشر من أكتوبر 998). أنه في داخل الأبرشية، كانت الجراح المتقيحة تغطي أجسام الأهالي وكان قد توفي في ذلك التاريخ أكثر من أربعين ألفا من فتك الوباء. لذلك السبب فقد كان الراهب جيوفروي بصحبة بقية القديسين قد تجمعوا ذلك اليوم لحمل جثمان المبعوث الرسولي (سانت مارشال الراهب الأكبر في ليموج) ونقله إلي مونت جوفيز، حيث تم من هناك إيداعه لمثواه الأخير في ليلة من ليالي ديسمبر، الليلة المباركة التي كانت الخاتمة، إذ إنقطع بعدها الوباء نهائياعن القرية". ظل الناس يحتفلون لسبع سنوات متتالية، بعد ذلك التاريخ، بتلك الجزئية كل عام حينما تأتي بشائر الربيع. http://mycologia34.canalblog.com/archives/2009/07/07/14324216.html . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.