غربي العاصمة تقع بلدة تشكلت حديثا وتأوي اكثر من 10 مربعات سكنية، لكنها بلا خدمات مياه وكهرباء رغم ان عدد قاطنيها يفوق الربع مليون شخص. المسافة بين وسط الخرطوم ومنطقة دار السلام بامدرمان 17 كلم وتستغرق ساعتين بالحافلة من وسط بالخرطوم مربعات متلاصقة تفصلها بعض الكثبان الرملية التي زحفت للبلدة لتراجع الغطاء النباتي وهي منطقة لا توجد فيها شبكات مياه وتلبي حاجتها من المياه من عربات تقليدية تبيع براميل يوميا بسعر 50جنيها (نحو 3 دولارات). والى الشمال من البلدة ينتعش سوقا شعبيا بمبيعات حجارة البطارية والمصباح الزيتي ومولدات صغيرة لشحن الهواتف النقالة وخضروات واغذية رديئة تنخفض اسعارها كلما حل الليل. هذه المربعات السكنية التي تضم 20 الف منزلا والواقعة بمحلية امبدة تبحث عن الطاقة والمياه منذ سنوات دون جدوى وتشكلت غالبيتها من النازحين بمناطق الحروب من دارفور وولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان. العتمة التي تعم المنطقة ليلا لاتساعد آلاف التلاميذ والطلاب على تحصيل دروسهم ويضطرون لشراء مصباح يدوي للاستذكار في جماعات نظرا لان الحالة الاقتصادية لاغلب السكان سيئة جدا. ويقول حسن موسى، وهو احد القيادات الاهلية في المنطقة بمربع 33 ل(الطريق)، "عندما يأس السكان من عدم التفاتة الحكومة لجأنا للتعاقد مع شركة خاصة لتوصيل الكهرباء مقابل سداد كل منزل قيمة 7.8 الف جنيه على ان يبدأ القسط الاول بقيمة 1,500جنيه ويدفع المنزل شهريا لفترة 3سنوات مبلغ 158جنيها ". ويمضي موسى بالقول " اتفقنا مع الشركة المنفذة للمشروع منذ عامين وتمكنت من تنفيذ بعض المربعات الا ان التحدي الماثل امامنا عدم قدرة آلاف السكان على تحمل اقساط المشروع الذي يكلف المنزل الواحد 7,8الف جنيه على فترة ثلاث سنوات وغالبيتهم عائلات فقيرة ويحصلون على اعانات اجتماعية ". شارع في منطقة دار السلام وتظهر اعمدة كهرباء عارية منذ سنوات (الطريق) واضطر الاهالي بالمنطقة الى تكوين صندوق لادارة مشروع توصيل الكهرباء وهي جمعية أهلية لديها مقر بمربع 32 في مركز صحي تحت الانشاء ومملوك لوزارة الصحة ولاية الخرطوم مهتمها جمع الاقساط الشهرية من المواطنين. ويرى مسؤول صندوق توصيل الكهرباء (جمعية أهلية ) حسب الله دكين في تصريح خاص " ان المشروع يواجه عثرات ربما تعصف به كليا لان نسبة السداد تراجعت ولم يعد امام السكان قدرات لتحمل التكاليف العالية للمشروع ". ويضيف قائلا " الاعمال تمضي قدما في توصيل الكهرباء بحوالي 10مربعات بمنطقة دار السلام لكن هذا لايعني ان الواقع افضل نحن نواجه مشكلة حقيقية ولا نثق ان كان المشروع سيكتمل ام لا لأن الشركة المنفذة لديها عقد معنا بسداد 75% من قيمة العقد واذا لم نسدد بالتالي لن تستطيع الشركة تنفيذ المشروع ". ويشير دكين، الى ان المشروع عندما بدأ كان هناك حماسا كبيرا لدى الاهالي وسددوا مبالغ اولية لكن مع مرور الوقت واجهوا عثرات مالية وقل السداد " . ويؤكد دكين ان المربع الذي يشرف عليه يبلغ تكلفته ملياري جنيه ويواجه صعوبات في جمع المال لان عدد المنازل الفي منزل والمنازل المأهولة بالسكان 1,400منزل وغالبيتهم فقراء ولايمكنهم سداد القيمة الكلية والتي تبلغ 7,8الف جنيه على فترة 3سنوات ". ويقول شاب متطوع في تحصيل اقساط مشروع الكهرباء واسمه ابراهيم الرشيد " السكان يشعرون بأهمية الكهرباء والتي تساهم في خفض تكاليف المعيشة بشراء مبرد منزلي (ثلاجة ) لحفظ الطعام وعدم الاضطرار الى الطبخ يوميا لربات المنازل. ويضيف " هناك تباطؤ شديد في تحصيل الاموال لان الغالبية فقراء ولايستطيون السداد كما ان المربع الذي اشرف عليه به حوالي الفي منزل منها 500 منزلا غير مأهولا بالسكان ". لم يبد حسن موسى، تفاؤلا بنجاح المشروع لانه يواجه صعوبات مالية كما انه يائس من مساعدات حكومية في هذا الصدد واضاف " الحكومة تعلم المشكلة ولم تساعدنا وتعلم تكلفة المشروع لان المربع الواحد يكلف 1,3مليون جنيه حوالي 2الف منزل وجملة التكاليف 12مليون دولار لانارة 12مربع ". ويقول موسى " الشركة المنفذة للمشروع وزعت الاعمدة على غالبية المربعات الآن تبقت مرحلة توصيل الاسلاك واذا اكتمل المشروع لايعني انتهاء المشكلة لان الاموال يجب ان تدفع للشركة ...السكان ملزمون للسداد ل 3سنوات مقبلة للاقساط شهريا لان الحل الذي امامنا في الوقت الراهن هو الاعتماد على الاهالي حتى وان كانو فقراء لابد من يدفعوا ". كلما ابتعدت عن منطقة دار السلام في طريق العودة تختفي هذه البلدة عن الانظار بفعل الكثبان الرملية التي تحجب الرؤية وتقف اعمدة الانارة عارية دون توصيلات للشبكة في انتظار أموال يدفعها سكان اغلبهم نزحوا من مناطق الحروب. تقارير- الطريق