1 - حفل تنصيب اوباما ! نستعرض في هذا المقال صفقة إدارة اوباما الأخيرة مع دولتي السودان لتفعيل برتوكولات أديس أبابا ، وبالأخص الملف الأمني وفك الإرتباط بين الحركة الشعبية الجنوبية ومكونات تحالف كاودا . ربما كان هذا هو الكرت الأخير في الساعة 23 الذي تبرزه إدارة اوباما في أديس أبابا هذا الأسبوع ، قبل أفول شمس الولاية الأولى لأوباما ، وبداية الولاية الثانية في يوم الأثنين 21 يناير 2013 . ومن المنتظر أن يشارك حوالي مليون شخص في حفل تنصيب اوباما في الكابتول هيل في واشنطون ، وسط حراسة أمنية مشددة . دعنا نبدأ بخلفية تاريخية لصفقة إدارة اوباما مع دولتي السودان ، لوضع الأمور في نصابها الصحيح ، وتسهيل رؤية الصورة كاملة . 2 - خلفية تاريخية : + في يوم الأربعاء 2 مايو 2012، اعتمد مجلس الأمن القرار 2046 للسلام بين دولتي السودان ، وبين نظام البشير والحركة الشعبية الشمالية . + غيب القرار تحالف قوى الإجماع الوطني وحركات دارفور المسلحة .انتصر القرار للرئيس البشير ضد التحول الديمقراطي في دولة السودان ، وأعطى نظام البشير شرعية دولية ، وروحا جديدة بعد تقسيم نظام البشير لبلاد السودان ، وما جر ذلك التقسيم من ضائقات معيشية وحروب أهلية في السودان ، وتفلتات أمنية بين دولتي السودان ، توجها احتلال دولة جنوب السودان لمنطقة هجليج النفطية في السودان في ابريل 2012 ؛ الأمر الذي فجر الموقف بين الدولتين ، ودفع مجلس الأمن للإجتماع بعد حوالي أسبوع من احتلال هجليج ، واعتماد القرار 2046 . كانت هجليج قداحة القرار 2046 ؟ + أعطى القرار مهلة ثلاثة أشهر لدولتي السودان والحركة الشعبية الشمالية لتفعيل بنوده . + انتهت مهلة مجلس الأمن يوم الخميس 2 أغسطس 2012 ، دون توصل الأطراف المعنية لإتفاق حول تفعيل القرار . مدد مجلس الأمن المهلة لفترة ثانية ، تمكنت خلالها دولتا السودان من اعتماد برتوكولات أديس أبابا الثمانية ( أديس أبابا – الخميس 27 سبتمبر 2012 ) ، لتفعيل قرار مجلس الأمن 2046 . + بعدها ... فشل الخبراء والوزراء ، في مفاوضات انعقدت في كل من أديس أباباوالخرطوموجوبا استمرت ، متقطعة ، لمدة 222 يوما ( منذ يوم الأربعاء 2 مايو 2012 وحتى يوم السبت 5 يناير 2013 ) ، في التوصل الى حلول قطعية للمسائل المدرجة في قرار مجلس الأمن 2046 ، وفي خلق آليات لتفعيل البرتوكولات الثمانية ! + في يوم السبت 5 يناير 2013 ، اجتمع الرئيسان البشير وسلفاكير في أديس أبابا ، بحضور رئيس الوزراء الأثيوبي ( الواجهة الأمريكية ) والوسيط مبيكي . + لم يستطع الرئيسان البشير وسلفاكير أن يحلا ، في يوم واحد ( السبت 5 يناير 2013 ) ، عقدا وغلوطيات عجز الخبراء والوزراء ، بمساعدتهما ، عن حلها في 222 يوما حسوما ؟ + رجع الرئيسان البشير وسلفاكير الى الخرطوموجوبا يوم السبت 5 يناير 2013 ، بدون الوصول الى أي اتفاقات حول المسائل العالقة ، ولم يجري البترول في أنابيب بورتسودان . + لكي يحافظ مبيكي على المظاهر ، ابتكر خريطة طريق بسقوف زمنية لتفعيل برتوكولات أديس أبابا ؛ تجتمع في اطاره اللجنة السياسية – الأمنية للدولتين عند اجتماع القمة الأفريقية القادمة ( أديس أبابا – الأحد 13 يناير 2012 ) ، لجرد الحساب ! + في يوم الأحد 6 يناير 2013 ، أرسلت إدارة اوباما رئيس جهاز المخابرات الحربية المصري محمود حجازي في زيارة سرية للخرطوم استمرت 4 أيام ، حاول خلالها اقناع المتشددين في القوات المسلحة السودانية بالموافقة على عقد مفاوضات سياسية مع الحركة الشعبية الشمالية . إذ تبين لإدارة اوباما أن المتشددين في القوات المسلحة يلوون ذراع الرئيس البشير ويحولون دون موافقته على عقد مفاوضات سياسية مع الحركة الشعبية الشمالية . + في يوم الثلاثاء 8 يناير 2013 ، تنبأت صحيفة القارديان البريطانية بأن أيام الرئيس البشير في السلطة أصبحت معدودة ، وصار السؤال ( متى ؟ ) وليس هل يسقط نظام البشير ، متوقعة انقلاب قصر داخلي يطيح بغتة بالرئيس البشير. خصوصأ بعد ظهور تململ صريح ولأسباب مشروعة ، في ركني النظام اللذين يعتمد عليهما في حكمه : المؤسسة العسكرية – الأمنية والحركة الإسلامية ؟ ما لبث أن تجسد التململ في واقع غليظ بعد الكشف عن محاولة انقلاب عسكري ضد نظام البشير خطط له نفر من سدنة وفلول النظام العسكريين والإسلاميين في نوفمبر 2012 . + وسمت صحيفة القارديان الرئيس البشير بالبطة العرجاء ، التي لا تستطيع من أمرها شيئا ، وكذلك الرئيس سلفاكير . أصبح الرئيس البشير يخاف من ظله ، وإن كان قد فقده . يخاف الرئيس البشير من السلاح الذي تحمله حركات تحالف كاودا ، التي استولت على أكثر من 80% من ولاية جنوب كردفان ( ولاية النفط السوداني ، الذي يعتمد عليه النظام في بقائه ) . ويخاف كذلك من كلامات تحالف قوي الاجماع الوطني الساكتة ، التي ما قتلت ذبابة . يخاف الرئيس البشير من السلاح ومن الكلامات أيضا . وتقول القارديان أن هاجس الرئيس البشير أصبح استمرار شخصه في السلطة أكثر من العمل على رفاهية واطعام الشعب السوداني . لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الإطلاع على تقرير القارديان الكامل على هذا الرابط : http://www.guardian.co.uk/world/2013...uth-peace-deal + في يوم الثلاثاء 8 يناير 2013 ، ناقش مجلس الأمن تفعيل قراره 2046 الخاص بالسلام بين دولتي السودان ، وطالب دولتي السودان بالإلتزام بالجدول الزمني الذي وضعه مبيكي لتفعيل برتوكولات أديس أبابا الثمانية . + في يوم الخميس 10 يناير 2013 نشرت مجلة الإيكونومست المحترمة تقريرا عن دولتي السودان ، ذكرت فيه أن الرئيس سلفاكير بين نارين : * الأولى ضغط إدارة اوباما عليه لكي يفك الإرتباط مع الحركة الشعبية الشمالية كما يطلب الرئيس البشير ، الذي لن يفتح أنابيب بورتسودان قبل وقف دعم الرئيس سلفاكير للحركة ، لخوفه من ذهاب دولارات البترول الجنوبي للحركة . ويزيد هذه النار تاجيجا الموقف الإقتصادي الكارثي الذي تمر به دولة الجنوب بعد فقدان 98% من دخلها بعد قفل آبار النفط الجنوبية ، واحتمال عدم دفعها لرواتب جنود الجيش نهاية يناير 2013 ، وتمرد هؤلاء ضد الرئيس سلفاكير . يتزعم هذا التيار القائد باقان أموم الذي دعا ( الخرطوم – 2 ديسمبر 2012 ) الى تحالف استراتيجي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الجنوبية ، ووقف اللعب بالنار ، والتركيز على إعادة ضخ البترول بالوصول الى اتفاق مع نظام البشير ، على حساب الحركة الشعبية الشمالية . صار القائد باقان مكيافيللي الجنوب . * النار الثانية أشد وبيلا ، بل قاتلة . الرئيس سلفاكير على يقين لا يأتيه الباطل من خلفه أو من بين يديه ، بأنه سوف يفقد موقعه في اليوم الذي يفك فيه الإرتباط مع الحركة الشعبية الشمالية . قادة الجيش الجنوبي يدعمون ، حتي أخر طلقة في جرابهم ، الحركة الشعبية الشمالية التي قاتلت معهم أنظمة الخرطوم منذ 1983 وبدون انقطاع ، وقد حذروا الرئيس سلفاكير، بالواضح الفاضح ، من فك الإرتباط . ألرئيس سلفاكير في حيرة صديقنا العائد الى سنار ، بل في حيرة القائل : وقد سألنا بنجد ونحن أدرى أطويل طريقنا أم يطول ؟ ربما تساءل الرئيس سلفاكير في حيرته ، كما تسال هاملت من قبله : نكون أو لا نكون ؟ هذه هو السؤال ! حقا وصدقا يكون أو لا يكون سلفاكير بجوابه على هذا السؤال المفصلي ؟ الفريق بول ملونق أوان ( والي ولاية شمال بحر الغزال ) يتزعم هذا التيار المتشدد والداعم للحركة الشعبية الشمالية . ربما تذكر أنه عقد مؤتمرا صحفيا في جوبا ، في يوم الخميس 27 سبتمبر 2012 ( يوم توقيع بروتوكولات أديس أبابا ) ، أكد فيه أن قواته لن تنسحب من منطقة الميل 14 ، في تحد سافر لبروتوكولات أديس أبابا ، وبالأخص لفك الأرتباط بين الحركة الشعبية الجنوبية والشمالية ! القائد باقان أموم في كفة ، والفريق أوان في كفة ميزان الرئيس سلفاكير الأخري ؟ أين تقف رمانة ميزان سلفاكير ؟ سوف تجد تقرير مجلة الإيكونمست مفيدا إذا راجعته على الرابط أدناه : http://www.economist.com/blogs/baoba.../01/two-sudans + في يوم الجمعة 11 يناير 2013 ، وبضغط من إدارة اوباما ، اقترح الرئيس سلفاكير لقاء الرئيس البشير على هامش اجتماع القمة الأفريقية ( أديس أبابا – الأحد 13 يناير 2012 ) ، لحسم الأمور العالقة بين الدولتين ، بعد أن بلغ سيل الضائقة الإقتصادية الزبى في الدولتين . وافق الرئيس البشير على اقتراح الرئيس سلفاكير ، قائلا : وأنا لاقي ؟ ولكن تم اللقاء في أديس أبابا يوم الأثنين 14 يناير 2013 بين الفريق عبدالرحيم محمد حسين والقائد باقان أموم ، في اطار اللجنة السياسية- الأمنية - العسكرية المشتركة التي درست خريطة طريق مبيكي لتفعيل برتوكولات أديس أبابا الثمانية ، وجدولاً زمنياً لتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية اعتباراً من أول فبراير2013 ، ونشر بعثة مشتركة برئاسة أممية لمراقبة المنطقة العازلة بين حدود البلدين ( بمساحة 40 ألف كيلومتر مربع ، نصفها يسيطر عليه تحالف كاودا ) ! اتفق الطرفان على ابقاء النزاع بين دولتيهما ، خصوصا حول أبيي ، داخل البيت الأفريقي ، وعدم تحويله الى مجلس الأمن . ولتحقيق هذا الهدف ، يقوم نائبي الرئيس البشير ومساعديه بجولة أفريقية لإقناع رؤساء الدول الأفريقية بأفضلية ابقاء النزاع بين دولتي السودان داخل البيت الأفريقي . ولكن علقت اللجنة الاشرافية المشتركة لمنطقة ابيي اجتماعاتها باديس ابابا ( الاحد 13 يناير 2013 ) ، وسحب وفد دولة جنوب السودان قائمة مرشحيه لادارية ابيي احتجاجا على طلب الخرطوم تقاسم المقاعد في برلمان المنطقة مناصفة ، بدلأ من 60% للجنوب و40% للشمال ؟ الأمر الذي يهدد بنسف المفاوضات والعودة للمربع الأول في 27 سبتمبر 2012 ؟ أبيي ؟ شوكة حوت وشيطان التفاصيل ؟ 3 – السفيرة سوزان رايس وصفقة إدارة اوباما ! + المثير في الموضوع ردة فعل السفيرة سوزان رايس ، ( وهي صانعة سياسات وليست منفذة سياسات كما السفير برنستون ليمان ) ، في أجتماع مجلس الامن في يوم الثلاثاء 8 يناير 2013 ! + لأول مرة ، وقفت السفيرة سوزان على نفس المسافة من دولتي السودان ، ولم تهاجم نظام البشير كعادتها في الماضي . بل طلبت من الدولتين تفعيل الجدول الزمني الذي وضعه مبيكي ، وطلبت من نظام البشير السماح بمرور الإغاثات لنازحي ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . + اتخذت السفيرة سوزان نهجا تصالحيا مع نظام البشير لغرض في نفس يعقوب ... ضمان موافقة نظام البشير على عقد استفتاء أبيي في أكتوبر 2013؟ + هل لاحظت الموقف التصالحي لإدارة اوباما مع نظام البشير قبل استفتاء الأحد 9 يناير 2011 في جنوب السودان ، ومشاركة وفد امريكي عالي المستوى في تنصيب الرئيس البشير رئيسا لجمهورية السودان بعد انتخابات أبريل 2010 ، واعتماد إدارة اوباما لهذه الإنتخابات المخجوجة . + وهل لاحظت ال COOKIES التي قدمتها لنظام البشير والوعود الهوائية بشطب السودان من لائحة الإرهاب ووقف العقوبات الإقتصادية والسياسية لترغيب السودان للتوقيع على اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005 ؟ + تكرر إدارة اوباما نفس الفيلم حاليا لضمان عقد استفتاء أبيي في أكتوبر 2013 ، ضمن أمور أخرى ؟ + كما ذكرنا في مقال سابق ، فإن إدارة اوباما قد قررت اعتماد سياسة القيادة من الخلف والخروج من الباب الخلفي في تعاطيها مع دولتي السودان ، كما هي حالها في العراق وافغانستان وسوريا . + تسعى إدارة اوباما لعقد صفقة مع دولتي السودان لتمرير الأمور الآتية : موافقة نظام البشير على عقد استفتاء أبيي في أكتوبر 2013 ؛ فك الإرتباط بين دولة جنوب السودان وتحالف كاودا ، وبالأخص مع الحركة الشعبية الشمالية ؛ اعادة ضخ البترول الجنوبي في أنابيب بورتسودان ؛ موافقة نظام البشير على تمرير الإغاثات لنازحي ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . + سوف تبلبص إدارة اوباما لنظام البشير ، وتضغط على الرئيس سلفاكير لتفعيل الأمور الأربعة المذكورة أعلاه . + حسب قرار مجلس الأمن 2046 الذي استولدته ، وحسب برتوكولات أديس أبابا التي كانت قابلتها بامتياز ، فإن إدارة اوباما ليست معنية : بتحالف قوى الإجماع الوطني ، ولا بالتحول الديمقراطي في السودان ، ولا بتحالف كاودا الثوري ، وتضغط على الرئيس سلفاكير لتجريده من السلاح وتسريح جنوده ، وجذب مكوناته ، كل على حدة ، للتفاوض سياسيا مع نظام البشير . + تبقى بعض الأسئلة : هل يقلب الرئيس سلفاكير ظهر المجن لمكونات تحالف كاودا ، وينتصر جناح القائد باقان أموم وحمائمه علي جناح الفريق بول ملونق أوان وصقوره ؟ هل يشدد الرئيس البشير الكماشة الأمنية على مكونات تحالف قوى الإجماع الوطني بعد صدور وثيقة الفجر الجديد التي أفزعته وسهرته كما الدجاج ؟ لمعرفته اليقينية أن إدارة اوباما سوف تنظر في الإتجاه المعاكس لأنها تحتاج إليه في استفتاء أبيي ؟ في هذا السياق ، دعا نظام البشير قوى الإجماع الوطني محاسبة منسوبيها الموقعين على وثيقة كمبالا ( وثيقة الخيانة العظمي ؟؟ ) ؟ هل يبيع الرئيس البشير المسيرية ( حمرها وزرقها ) لضمان عدم وقوع المرزبة الأمريكية على رأسه ، وليستمر في كنكشته تحت شجرة الخلد والملك الذي لن يبلى ؟ الإجابة في مقال قادم ... ثروت قاسم هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته