تحليل سياسي رئيسي تبلورت اتجاهات قوية فى حكومة جنوب السودان- أشارت اليها مصادر مطلعة فيها من جوبا- لحل هيئة أركان الجيش الشعبي فى الوقت الراهن. المصادر عزت الخطوة الى إقرار حكومة الجنوب بتدهور الوضع الأمني هناك، خاصة ولايات أعالي النيل و جونقلي والوحدة التى ينشط فيها جنرالات متمردون ظلوا على الدوام – منذ حوالي أكثر من عام – يحبطون كافة محاولات الجيش الشعبي الهادفة للقضاء على تمردهم . وتبدو الأزمة أكثر تعقيداً بعدما بدأت العديد من القبائل هناك – بما فى ذلك قبائل الدينكا- فى دعم المتمردين و وقوع قادة من الجيش الشعبي و جنود بالمئات فى يد هذه القوى المتمردة بعدما ثبت لها قوة هذه القوى المتمردة. لقد جرت عدد من المحاولات المستميتة خاصة فى ولاية جونقلي – لعدد من المرات – و باستخدام شتي أنواع الأسلحة الثقيلة للقضاء على تمرد الجنرال جورج اطور و إثنين إنضما إليه مؤخراً و لكنها كلها باءت بالفشل الذريع لم تجد نفعاً ، بل ان بعض قادة الجيش الشعبي من الصف الاول أبلغوا قيادة الجيش العليا ممثلة فى الفريق سلفاكير ميارديت عدم جدوي مقاتلة المتمردين لأنه كلما دخلوا معهم فى قتال اتسع نطاق التمرد وسقط المئات منهم ومن المدنيين ، مما قد يوسع من نطاق المواجهة لتصبح حرباً أهلية تعيق نشوء الدولة الجنوبية الوليدة و تثير المجتمع الدولي ضد الحركة الشعبية. الفريق كير و نظراً للمخاوف الشديدة التى لمسها من قادته – وهم أقرب القريبين إليه و يحظون بثقته – عقد على الفور اجتماعاً إستثنائياً مطولاً – مع قيادات عسكرية جري فيه نقاش ساخن مطول حول الكيفية التى يعالج بها الموقف الذى اتفق المجتمعون على انه بات يهدد قيام الدولة وفرحة الجنوبيين باستقلالهم على حد قول القادة . و فى ختام الاجتماع تبلورت الرؤي حول عدم فاعلية هيئة الأركان بالجيش الشعبي الحالية ، حيث ثارت شكوك حول تعاون بعضهم مع المتمردين و تواطؤهم ، خاصة اذا علمنا ان الجنرال اطور كان و الى عهد قريب يتولي منصب نائب رئيس هيئة الأركان بالجيش الشعبي قبل ان يتمرد و معه الآلاف من الجنوب إبان الاستحقاق الانتخابي الذى جري فى العاشر من ابريل 2010 العام الماضي . الاجتماع وصم قيادة الأركان بالفشل ولكنه بالمقابل لم يجد حلاً للأزمة ، وقد اضطر كير لتوجيه القادة بتعزيز قوة القوات و العمل على مواجهة الموقف بما يقتضيه الى حين التوصل لحل شافي . وهكذا و فيما يبدو ان الأوضاع فى جنوب السودان الذى قرر الانفصال حديثاً و لم يحتفل بعد بنشوء دولته الجديدة المقرر له يوليو المقبل تتجه لتصبح مهددة للإستقرار و تنذر بحرب أهلية جديدة من الصعب التبوء بمآلاتها ونتائجها فى ظل حالة الاستقطاب الحادة التى تجري من بين الاستوائيين و أبناء قبائل النوير المتعاطفين مع قادة التمرد !