* السياسة الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط هي سياسة فك ارتباط. كل حديث آخر يخطئ الهدف. * علي سبيل التذكير، كانت السياسة المعلنة لجورج بوش الابن في منطقتنا هي (أجندة الحرية) وهي أجندة أدت إلى قتل مليون عربي ومسلم إما مباشرة في الحروب أو لأسباب، والى تدمير فرص الديمقراطية في بلدان واعدة. * وكان أن جاء باراك أوباما وتعمد الكونغرس الموالي لإسرائيل قبل الولاياتالمتحدة إحباط كل سياسة داخلية وخارجية له، فلم ينفذ الرئيس، علي رغم اقتناعي بصدقه وحسن نواياه، شيئاً من الوعود التي ضمها خطابه في جامعة القاهرة سنة 2009م. * لعل الرئيس الأمريكي وجد في الربيع العربي المزعوم فرصة جديدة فأعلن قبل سنتين أن تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط (أولوية عليا) لإدارته. * الربيع إياه بدأ في الشتاء ولم يخرج من الخريف التالي، وكل محاولة لإدارة أوباما ارتدت عليها، والكونغرس كان همه خوض حروب إسرائيل، من سورية إلى إيران وبالعكس، وفجاة أصبحت سياسة الإدارة مجرد (مصالح أساسية) أي إمدادات النفط ومكافحة الإرهاب، بعد أن كان الرئيس نفسه قال قبل سنتين: نعرف أن مستقبلنا مرتبط بهذه المنطقة عبر قوى الاقتصاد والأمن والتاريخ والعقيدة. * سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي حسنة النوايا جداً ومن نوع الرئيس إلا أنها وصلت إلى قناعة مماثلة إزاء فك الارتباط، وهي لخصت في مقابلة مع (نيويورك تايمز) السياسة الجديدة للإدارة بالقول:(لا نستطيع أن نركز على منطقة واحدة 24/7) والأرقام الأخيرة تعبير أميركي يعني (24) ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع. *أعضاء آخرون في الإدارة أصروا على أن هذا ليس فك ارتباط وإنما (عمل ما يمكن عمله)، ولعل الأفضل بالنسبة إلى هذه الإدارة الأميركية عدم عمل شيء لأن محاولة إرضاء الجميع تعني الا ترضي أحد. وهناك الآن حرب على الإخوان في مصر، وفوضي مسلحة في ليبيا، وحرب أهلية مدمرة في سورية، وحرب أهلية غير معلنة في العراق. * سياسة فك الارتباط تعني أن الإدارة الأميركية اليوم تعمل لهدفين لا ثالث لهما هما تدمير الأسلحة الكيماوية في سورية، ومنع إيران من تخصيب اليورانيوم فوق (20) في المئة، ليبقي برنامجها سلمياً محدوداً. * هذه أهداف إسرائيلية خالصة، فسورية وإيران، اليوم أو بعد ألف سنة، لا يمكن أن تهددا الولاياتالمتحدة، ومع ذلك فإدارة أوباما قلصت سياستها في الشرق الأوسط بما تريد إسرائيل التي تحتل وتقتل وتدمر وتملك ترسانة نووية أكيدة. * طبعاً الأميركيون لا يتحدثون عن تنفيذ سياسة إسرائيلية، وإنما هم اختصروا مصالحهم الأساسية بالنفط ومكافحة الإرهاب، غير أن هذين لا يحتاجان إلى سياسة فالدول التي تنتج النفط تريد أن تبيعه، وكل من ابتلي بالإرهاب سيحاربه سواء كان سياسة أمريكية أو لا. * وهامش سريع فالسياسة الإسرائيلية هي التي أطلقت الإرهاب في منطقتنا وحول العالم، والتأييد الأمريكي لإسرائيل زاد الإرهاب، ودفعت أمريكا الثمن وستظل تدفع طالما أن سياستها في الشرق مفصلة على قياس إسرائيل. * أزعم أن الولاياتالمتحدة ستدفع ثمن فك الارتباط كما دفعت ثمن (الأولوية العليا)، طالما أنها لا تغير السياسة التي أجمعت حكومات المنطقة وشعوبها على رفضها. نقلاً عن صحيفة المجهر السياسي 3/11/2013م