إذا لم يضبط الفرد إيقاعه مع (الطابور) يقولون عنه'' (ده النداء بيصله متأخر!!) حكي المرحوم أبو داؤود نكته لصاحبه فلم يضحك أو يبتسم، مع أن النكته لطيفة، فالرجل إما فهمه تقيل، أو النداء بيصله متأخراً، فإغتاظ أبو داؤود وذهب لإحياء حفل وعاد مع ساعات الصباح الأولي، وطرق باب صاحبه بعنف، فخرج الرجل يتعثر في ثيابه بين صاحي ونايم وقال: إن شاء الله خير يا عبد العزيز، فسأله أبو داؤود ببرود مصطنع: (عملت لينا شنو في النكتة بتاعت أمبارح؟) فإنفجر الرجل ضاحكاً فقد انتزع أبو داؤود (حقه) بطريقته الفريدة. وفي مفاوضات المنطقتين الأخيرة بأديس طرح (عرمان) مطلب الحكم الذاتي حلاً للمشكلة، وعرمان ليس مفوضاً ولا مؤهلاً لذلك. لكن (النداء بيصله متقدماً هذه المرة) فهوة يعمل (مرمطون) في مطابخ المخابرات العالمية، فيسمع ما يدور في كواليسها وهذا هو المبرر (الوحيد) لما قاله علي طاولة المفاوضات!! ومهما يكن من أمر فإن عبارة عرمان هذه قد وجدت من يلتقطها، حتي وإن لم يكن ليرضي أن يتحدث عرمان باسم المناطق التي لا يربطه بها رابط وقد هوجم عرمان علي هذا الكلام من جميع الفرقاء الذين يفترض أنهم من زملائه في الحركة أو الجبهة. وقد غضب الإتحاد الأفريقي من عرمان واعتبره معرقلاً لآلية مبيكي، وغضيت حركات دارفور ورفضت وصاية عرمان عليها، ومن باب أولي غضب الوفد الحكومي بقيادة غندور، لكن جهات أخري من أبناء المنطقتين المشفقين والمؤيدين للحكومة، أو المعارضين لها، تحدثوا بكثافة في مواقع التواصل الأجتماعي عن فكرة الحكم الذاتي، وضرورة مناقشتها بعمق وشفافية، وأخذ رأي الناس حولها، وما (الحكم الذاتي) إلا درجة من درجات الحكم اللامركزي، أو الإتحادي أو الفيدرالي، وثار بينهم السؤال ولم لا!! إن كان ذلك سيحقن الدماء ويحقق السلام والرخاء ويرسي قواعد التنمية والبناء، (ولم لا). سيقول (المتراجفون) سيؤدي ذلك إلي تمزيق البلاد، بعد تجربة الجنوب المريرة، ونقول إن نظام الحكم الإتحادي هو النظام الأمثل لحكم بلادنا بتنوعها، وتعدد اثنياتها، ومعتقداتها، وهشاشة نسيجها الوطني، وولائها القبلي الذي طغي هنا وهناك، ولن نستبق لجنة تقويم وتقييم تجربة الحكم الإتحادي التي شكلها السيد الرئيس والتي تبدو (مثل شملة كنيزة، هي تلاتية وقدها رباعي) لكن لو تعهدناه بالإصلاح والتقويم، وأصلحنا من شأن مفوضية الإيرادات التي تعني بعدالة توزيع الإيرادات، وأخذت الولايات المنتجة للبترول نصيبها من عائداته، قلت أم كثرت، لما صوت واحد بالمائة لصالح، (الحكم الذاتي) ناهيك عن الانفصال!! فما يجمع بين السودانيين أكبر بكثير جداً مما يفرق، ليس بلغة العاطفة لكن بلغة المصالح، والاقتصاد، والاجتماع، والتاريخ، والجغرافيا، وقبل كل ذلك (العقيدة الواحدة). وذلك حتي لا تظهر لنا جماعة علي حين غرة ولو بعد حين لتقول لنا: (عملتو لينا شنو في موضوع الحكم الذاتي)؟. نقلا عن صحيفة الرأي العام 24/11/2014م