عندنا خروف وضبع وحزمة قش,, عاوزين نعديهم للضفة الأخرى من النهر والمركب لا تحمل إلا واحداً فما العمل؟ هذه هي الغلوطية، أو الفزورة التي كانت شائعة أيام طفولتنا حليل زمن الصبا الماضي، وحليل زمن الحبيب راضي،، إذا عديت الضبع أولاً الخروف سيأكل القش، وإذا عديت القش أولاً الضبع سيأكل الخروف، والحل تعدي الخروف أولاً وتترك الضبع مع القش، ثم تعود فتأخذ الضبع وتعود ومعك الخروف، ثم تأخذ القش للضفة الأخرى وتتركه مع الضبع ثم تعود لتأخذ الخروف في آخر الرحلات الماكوكية بين الضفتين! ومناسبة هذه الغلوطية القروية (الساذجة) هي بعض الأسئلة التي طرحت على السيد النائب الأول الفريق أول ركن بكري حسن صالح بعد تقديمه تنويراً شاملاً عن وثيقة إصلاح الدولة للإعلاميين بالقاعة الرئيسية في مباني مجلس الوزراء نهار يوم الاثنين الفائت فقد تحدث البعض عن ترتيب الأولويات، الحوار الوطني وما يتبعه من ضمانات لإتاحة الفرصة لحملة السلاح للمشاركة فيه والحوار المجتمعي، هذا أولاً باعتبار أن تردي الخدمة المدنية والخدمات عامة مرده عائد بالدرجة الأولى للاحتقان السياسي والحصار الاقتصادي، كما تقول حيثياتهم ثم يأتي الحديث بعد ذلك عن إصلاح الخدمة المدنية والأحوال المعيشية فإذا بدأت الدولة بوثيقة الإصلاح قبل انجاز الحوار الوطني كانت (برأيهم) كمن يضع العربة أمام الحصان!! والأعوج رأي والعديل رأي فهل ننتظر التئام جلسات الحوار الوطني حتى يخلص إلى رأي موحد في مجمل القضايا المطروحة أمامه كما جاء في خطاب الوثبة، أم تفرغ الدولة جهدها في إصلاح ما بيدها إصلاحه؟ مع التزامها التام بإنفاذ مخرجات الحوار الوطني الشامل وتعديل ما يلزم تعديله عقب إعلان النتائج التي حازت القبول. الشئ الذي لا يمكن إنكاره هو جدية الدولة في تبني وثيقة الإصلاح عامة، وفي إجراء الحوار الوطني الشامل، ولكن ليس كل شئ بيد الحكومة فالواجب على المعارضة وحملة السلاح أن يقابلوا خطوات الحكومة بخطوات مماثلة، فحتى التأخير لا يمكن أن نحمل مسؤليته لجهة واحدة، كما تروج لذلك بعض معارضة الأسافير، بعد أن فشلوا في منع قيام الانتخابات وأخفقوا في مقاطعتها يحاولون عبثاً منع انعقاد الحوار الوطني بالتشكيك في نوايا الحزب والدولة بالطعن في جديتهما باعتباره مناورة سياسية ودعاية انتخابية أدت الغرض منها، ولم يعد الحزب (المؤتمر الوطني) بحاجة إليه (الحوار) بعدما كسب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ويتغاضون عن عمد مشاركة أكثر من أربعين حزباً في الانتخابات ومن ثم في المشاركة في البرلمان، والحكومة الاتحادية، والحكومات الولائية فقد كان بمقدور المؤتمر الوطني أن يدير البلاد منفرداً بعد إحرازه الأغلبية المطلوبة حسب القواعد ولكن الحرص على أن يمارس الكل دوره في وطن يسع الجميع والتأكيد (بالبيان العلمي) بأن مقعد الحكم ليست هدفاً في حد ذاته بقدر ما هو تصدي للمسؤولية العقدية والأخلاقية والاجتماعية، ومن باب أولى السياسية، وبالعودة إلى ترتيب الأولويات فقد أبان السيد النائب الأول في تنويره المشار إليه بأن وثيقة إصلاح الدولة قد شارك في إعدادها أهل الخبرة والاختصاص من كل الطيف السياسي ومن الأكاديميين الذين لا ينتمون إلى أي تنظيم سياسي بكل تجرد ونكران ذات وبراءة من الغرض إلا ما يمليه عليهم الوجدان السليم، والوطنية الخالصة وقبل ذلك كله تقوى الله عز وجل والوثيقة من صنع البشر الذي لن يبلغ الكمال ولكنها خطوة واثقة في الإتجاه الصحيح ويقف من ورائها النائب الأول بكل سلطاته الواسعة وشخصيته الحازمة ما يضمن نجاحها بإذنه تعالى. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 5/8/2015م