أضاف المغرب حلقة جديدة إلى نفوذه الاقتصادي المتنامي في قارة أفريقيا، حين وضع، الخميس، ملامح شراكة استراتيجية مع جنوب السودان خلال زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى جوبا، حيث أعطى إشارة الانطلاق لتنفيذ حزمة من الاستثمارات المغربية. العرب [نُشر في 2017/02/03، العدد: 10532، ص(11)] رؤية مغربية لمستقبل أفريقيا الرباط - دشن المغرب مرحلة جديدة في دبلوماسيته الاقتصادية التي بدأها في الأعوام الأخيرة في أفريقيا عندما حل الملك محمد السادس ضيفا على جنوب السودان، في زيارة هي الأولى من نوعها لزعيم عربي. ووقعت الرباط بحضور العاهل المغربي ونظيره سالفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان، الأربعاء، في جوبا على 9 اتفاقيات تعاون ثنائية بين البلدين في مجالات مختلفة بينها إنشاء عاصمة جديدة. وجاء توقيع هذه الاتفاقيات بين الجانبين في إطار تقوية روابط الشراكة والتعاون بين مختلف بلدان القارة، وتعزيز تعاون جنوب – جنوب متضامن و فاعل، والذي جعل منه الملك محمد السادس أحد أسس السياسة الخارجية للمغرب خدمة لمصالح الشعوب الأفريقية الشقيقة. محمد حصاد: وافقنا على تمويل دراسات مشروع العاصمة الجديدة بقيمة 5.1 مليون دولار وتأتي زيارة العاهل المغربي إلى جوبا بعد يومين من موافقة قادة الاتحاد الأفريقي في قمتهم المنعقدة في إثيوبيا على طلب الرباط العودة إلى الاتحاد بعد نحو 33 عاما على انسحابها من المنظمة. ويقول خبراء اقتصاد إن هذه الزيارة ستدفع بدور المغرب أكثر في القارة السمراء لا سيما وأن العاهل المغربي سيحل ببلد يعاني من أوضاع إنسانية صعبة وحرب مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات. وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية أن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين شملت مجالات الخارجية وتشجيع وحماية الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي ومحاربة التهريب الضريبي، فضلا عن مجالات الزراعة والصناعة والمعادن والتدريب المهني. وقال محمد حصّاد، وزير الداخلية المغربي في كلمة له خلال حفل التوقيع، إن بلاده "التزمت بتقاسم تجربتها في مجال التعمير والتنمية الحضرية بهدف دعم تشييد عاصمة جديدة لجنوب السودان". وأشار إلى أن الرباط وافقت على تمويل الدراسات التقنية والمالية لهذا المشروع بقيمة 5.1 مليون دولار، حيث ستركز الدراسات الأولية على التعمير والجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لهذا المشروع. وسيكلف مشروع مدينة رامشيل الجديدة الواقعة في وسط البلاد، وهي العاصمة الجديدة للبلاد ولم يحدد موقعها بعد، 10 مليارات دولار وسيتم بناؤها على مدى عشرين عاما. وستشرف على هذا المشروع الذي اعتبره محللون بداية الطريق لإعادة إنعاش اقتصاد أحدث دول العالم، شركة العمران التابعة للحكومة المغربية. وقد شكل البلدان لجنة للمتابعة ستجتمع مرتين على الأقل في السنة. ستيفن ديو داو: بلدنا غني بالمعادن بلا شك، ونحن نريد الاستفادة من المغرب في هذا المجال وأكد غابرييل توكوجدينق، وزير المالية والتخطيط بجنوب السودان، أن الزيارة التاريخية التي يقوم بها الملك محمد السادس حاليا لجوبا، تفتح آفاقا واسعة للاستثمارات المغربية في هذا البلد. وقال توكوجدينق، خلال مؤتمر صحافي "نحن في جنوب السودان نسعى لتعميق العلاقات بين الدولتين الشقيقتين في شتى المجالات التجارية والاستثمارية والسياسية والدبلوماسية". وكان الملك محمد السادس قد أعطى، الشهر الماضي، إشارة انطلاق بناء مستشفى ميداني متعدد التخصصات من المستوى الثاني في جوبا. وشدد وزير الطاقة والتعدين في جنوب السودان، ستيفن ديو داو، على أن بلاده ترغب في الاستفادة من الخبرة المغربية في مجال المعادن. وقال ديو داو في تصريح للصحافة بعد التوقيع على اتفاقية بين البلدين في مجال المعادن إن "جنوب السودان بلد غني بالمعادن بلا شك، ونحن بصدد تطوير قطاع التعدين ببلادنا. الأكيد أن المغرب له خبرات في ميدان التعدين ونحن نريد أن نستفيد أكثر من ذلك". وحققت الدبلوماسية الاقتصادية المغربية نجاحات كبيرة في العام الماضي، وتمكنت من تعزيز وتوسيع نفوذ المغرب الاقتصادي والمالي في أنحاء جديدة من القارة. واستطاعت الرباط، وفق تحليل العديد من الاقتصاديين، مواجهة التداعيات السلبية لموجة الجفاف على القطاع الزراعي وبدأت في عقد شراكات اقتصادية جديدة لتعزيز دورها كبوابة للتنمية في قارة أفريقيا. وزار العاهل المغربي ست دول أفريقية في أكتوبر ونوفمبر الماضيين، وهي رواندا والسنغال وتنزانيا ونيجيريا ومدغشقر وإثيوبيا، والشهر الماضي زار غانا. وقد أطلق مجموعة من الاستثمارات في تلك الدول بالمليارات من الدولارات في العديد من القطاعات بينها الفوسفات والصناعة والبنوك وغيرها. ومن أبرز الاتفاقيات والمشاريع المبرمة، إطلاق مشروع إنجاز خط أنابيب للغاز الذي سيربط موارد الغاز الطبيعي لأكبر بلد أفريقي وهو نيجيريا بالمغرب مرورا بدول غرب أفريقيا، وهذا الأمر ستكون له عدة تداعيات إيجابية على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وتتجاوز عدد الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والعديد من البلدان الأفريقية أكثر من 590 اتفاقية حتى الآن.