رهان رئيسة الوزراء البريطانية على كسب المزيد من التأييد في الانتخابات التشريعية المبكرة، يسير في اتجاهه الصحيح حسب توقع استطلاعات الرأي لتحقيق المحافظين نتائج كبيرة، مستثمرين في ذلك ضعف حزب العمال وتآكل شعبيته في ظل زعامة كوربين. العرب [نُشر في 2017/04/24، العدد: 10612، ص(5)] الرهان الصحيح لندن - تسير رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي نحو تحقيق فوز كاسح في الانتخابات التي تجري في يونيو المقبل بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أنها تحظى بتأييد نحو 50 في المئة من الناخبين مقابل نصف هذه النسبة لحزب العمال المعارض. وأذهل قرار ماي الدعوة إلى إجراء انتخابات في الثامن من يونيو خصومها السياسيين الأسبوع الماضي وأشارت سلسلة من استطلاعات الرأي نشرت نتائجها مساء السبت إلى أن هذه المقامرة كانت لها نتيجة إيجابية. وبعد يوم من دعوة ماي، صادق البرلمان البريطاني على إجراء الانتخابات المبكرة بأغلبية 522 صوتًا مقابل معارضة 13 نائبًا، وامتناع آخرين. وكان يُفترض أن تجرى الانتخابات التشريعية المقبلة في 2020. لكنّ ماي رأت أن الوقت مناسب لمحاولة تعزيز شرعيتها وإطلاق يدها مع بدء سنتين من المفاوضات المتعلقة بخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي. وأوضح استطلاع أجرته كومريس أن حزب المحافظين الذي كانت تتزعمه مارجريت ثاتشر يتمتع بشعبية لم يشهدها منذ عام 1991. وقالت ماي إنها بحاجة إلى إجراء الانتخابات لكي تضمن التفويض الذي تعمل على أساسه لتعزز موقفها في مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي مستقبلا. وكانت ماي قد عينت رئيسة للوزراء في الاضطرابات التي أعقبت الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد في يونيو الماضي. وتتطلع ماي أيضا إلى استغلال حالة من الفوضى يمر بها حزب العمال الذي صدعته الانقسامات الداخلية بسبب زعيمه جيريمي كوربين. داميان جرين:سيتضمن البرنامج الانتخابي الكثير عن سياسة الطاقة وكذلك بريكست وقال داميان جرين وزير الأشغال والمعاشات البريطاني الأحد إن البرنامج الانتخابي لحزب المحافظين الحاكم سيركز على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي والاهتمامات المحلية مثل تعزيز الاقتصاد ووضع سقف لأسعار الطاقة. وأضاف خلال مقابلة تلفزيونية "سيتناول البرنامج الانتخابي نقطتين مهمتين تواجهان البلد؛ الأولى كما هو واضح مفاوضات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي... لكن الجزء الثاني يتمتع بالقدر ذاته من الأهمية وهو بالطبع جدول الأعمال المحلي". وتابع "سيتضمن البرنامج الانتخابي الكثير عن سياسة الطاقة... أعتقد أن الناس يشعرون بأن البعض من شركات الطاقة الكبرى تستغلهم من خلال الرسوم". ويبدو أيضا أن الناخبين بدأوا بالابتعاد عن حزب الاستقلال البريطاني المناهض للاتحاد الأوروبي، والذي كان له دور في حملة الدعاية من أجل الانفصال عن الاتحاد، ويتجهون إلى حزب المحافظين الذي يرجح أن يحول فكرة الانفصال إلى واقع ملموس. وقال جيمس كراوتش من مؤسسة أوبينيام لاستطلاعات الرأي "من الواضح أن الإعلان عن الانتخابات المبكرة بلور آراء الناخبين". وفي استطلاعين آخرين حقق المحافظون مكاسب في أسكتلندا على حساب الحزب القومي الأسكتلندي الأمر الذي يحتمل أن يضعف مطلب القوميين بإجراء استفتاء آخر على استقلال الإقليم. وقد حذرت ماي حزبها من اعتبار الفوز أمرا مسلما به وأكدت مؤسسات استطلاع الرأي هذا الأمر السبت. فقد قال أندرو هوكينز رئيس كومريس "رغم أنه لا يمكن لأي حزب سياسي أن يعترض على تجاوز حاجز الخمسين في المئة للمرة الأولى خلال القرن الحالي فإن هذه النتيجة العامة المثيرة تخفي خطرا حقيقيا على المحافظين". وأضاف "اعتقاد ستة من كل عشرة ناخبين أنه لا يمكن لحزب العمال الفوز في ظل زعامة كوربين يجلب معه خطر الرضا بالوضع القائم في ما بين الناخبين المحافظين الذين ربما تغريهم فكرة البقاء في بيوتهم في الثامن من يونيو وترك مهمة تحقيق النتيجة التي يتوقعونها للآخرين". وتبين الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسات أوبينيام وكومريس ويوجوف أن المحافظين يتقدمون بفارق يتراوح بين 19 و25 نقطة مئوية وأن شعبية الحزب تتراوح بين 45 و50 في المئة. وتقول صحيفة صنداي تايمز إن ماي، التي سبق أن نفت أكثر من مرة أنها ستدعو إلى إجراء انتخابات، تتأهب الآن لإعلان سلسلة من المقترحات في ما يتعلق بالسياسات التي ترتبط في العادة بحزب العمال صاحب الميول اليسارية. وقالت الصحيفة إن المحافظين سيتعهدون بحماية حقوق العمال وفرض قيود جديدة على أسعار الطاقة في مسعى لمساعدة من تأثروا بارتفاع التضخم وضآلة زيادة الأجور. وإذا صحت استطلاعات الرأي فمن الممكن أن يحقق المحافظون انتصارا انتخابيا لا يتحقق إلا مرة في الجيل الواحد سيعيد تشكيل خارطة الحياة السياسية في بريطانيا. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال فقد سمعة أفضل حزب لحماية نظام الصحة على مستوى البلاد. كذلك امتد تحسن وضع حزب المحافظين إلى أسكتلندا التي صعد فيها الحزب القومي الأسكتلندي بزعامة رئيسة وزرائها نيكولا ستيرجن دعواته من أجل إجراء استفتاء ثان على الاستقلال. فقد أظهر تحليل أجرته صحيفة تايمز أن المحافظين في سبيلهم للفوز ب12 مقعدا في أسكتلندا بينما سيخرج حزب العمال من معقله السياسي السابق دون أي مقعد. وفي الوقت الحالي للمحافظين مقعد واحد من بين 59 مقعدا مخصصة لأسكتلندا في البرلمان البريطاني. ويشغل الحزب القومي الأسكتلندي 54 مقعدا.