تعيين نائب رئيس جديد لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان لا ينفصل عن الصراعات الدائرة داخل الحزب بعد تنامي التيار الرافض لترشح البشير لولاية جديدة. بماذا سيخفي الصراعات الخرطوم - تستمر التغييرات على مستوى مراكز صنع القرار في السودان لتطال هذه المرة نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم محمود حامد الذي تمت إقالته وتعيين رئيس ديوان الحكم الاتحادي، فيصل حسن إبراهيم خلفا له، وسط أنباء عن تعديلات أخرى قادمة في الأفق. وجاء التعديل عقب اجتماع للمكتب القيادي (أعلى هيئة بالحزب) برئاسة الرئيس عمر البشير، وكان الاجتماع قد امتد إلى وقت متأخر من ليل الأربعاء، وركز على الوضعين الاقتصادي والسياسي. وقال فيصل حسن إبراهيم في تصريحات مقتضبة عقب الاجتماع إن "الحزب أعفى إبراهيم محمود من منصبه، وكلفني نائباً لرئيس الحزب عمر البشير"، دون ذكر الأسباب. ومن المنتظر أن يعلن في الساعات المقبلة عن قرار بتعيين حسن إبراهيم نائبا لرئيس الجمهورية ومكلفا بملف التفاوض مع حركات المعارضة المسلحة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، في إطار العرف الذي درج عليه البشير. ويقول محللون إن التغيير التي طال ثاني أهم منصب قيادي في المؤتمر الوطني الحاكم، لا تُمْكن قراءته بمعزل عن الصراعات الدائرة في الحزب، وتنامي التيار الرافض لترشح الرئيس عمر البشير لولاية جديدة، وعجز إبراهيم محمود عن ضبط الأمور داخله. محمد عبدالقادر: التغيير داخل الحزب الحاكم جزء من ترتيبات ترشح البشير للانتخابات وأوضح المحلل والكاتب السوداني محمد عبدالقادر ل"العرب" أن التغيير داخل حزب المؤتمر الوطني هو جزء من ترتيبات استعدادات البشير للترشح لانتخابات الرئاسة عام 2020، وهو يسعى لتقريب القيادات ذات الصِّلة الوثيقة به. ولم يحسم المؤتمر الوطني الحاكم في مسألة الموافقة على ترشح البشير لولاية جديدة، وسط انقسام حاد في صفوفه بشأن هذه النقطة، خاصة أن هناك رأيا مؤثرا يرى ضرورة إعادة ضخ دماء جديدة في قمة هرم السلطة. ويتطلب ترشيح البشير تغييرا في لوائح الحزب، وأيضا تعديلا دستوريا باعتبار أنه ليس من حقه الترشح لولاية رئاسية ثالثة. وأشار عبدالقادر إلى خطورة التباين في وجهات النظر بين قيادات المؤتمر الوطني حول ترشح الرئيس، والذي يتطلب تعديلا في الدستور وتمهيد الأجواء لتمرير الخطوة بأقل قدر من الصخب في ظل الاحتجاجات ومحاولات البعض استثمارها للضغط على النظام. وتقول أوساط سياسية سودانية إن التعديل الأخير يأتي أيضا نتيجة تخلف الحزب عن مجاراة نسق الحراك الذي شهده الشارع، الأمر الذي أثار غضب البشير. وشهدت البلاد ارتفاعا لافتا في أسعار العديد من السلع بما فيها الخبز، بعد إقرار إجراءات تقشفية في موازنة 2018، ما أدى إلى احتجاجات شعبية مناهضة ومنددة بالغلاء في العديد من المحافظات، مطلع العام الحالي. وسبق تغيير نائب رئيس الحزب الحاكم تعديل آخر لافت وهو تعيين صلاح عبدالله (قوش) رئيسا لجهاز المخابرات والأمن الوطني، خلفا لمحمد عطا المولى. ومرجح أن يقوم قوش بدور فاعل في إحكام السيطرة على المناوئين للرئيس داخل الحزب وبعض المؤسسات والأجهزة الرسمية.