(1 ) في المقالات الثلاثة الأخيرة ذهبنا في اتجاه أن الاختراقات التي حدثت في محصول القطن والتي جاءت متأخرة في محصول القمح والتي يمكن ان تمهد للاختراق كبير في العام القادم، وذكرنا بعض نقاط القوة التي يمكن ان تساعد على ثورة حقيقية في المشروع، ما جعل الصورة تبدو وردية بلغة الحالمين والمحبين الحُنان، ولكنني اقول ليس هذا قصدنا بدليل انه في نهاية كل مقال كنا نشير تلميحاً الى ان الطريق ليس مفروشاً بالورود بل بالشوك والنيران كتلك التي احرقت قطن الفاو الذي تفوق قيمته مليون وخمسمائة الف دولار يوم نزول المقال الاول من هذه السلسلة . ونزيدك من الشعر بيتاً بان العراقيل وان شئت قل المهدِّدات اقوى بكثير من نقاط القوة اللهم الا اذا كانت هناك ارادة سياسية قومية قوية . فمن هنا نبدأ بعبارة اخرى ان النهضة التي اشرنا اليها تحتاج الى ارادة سياسية حقيقية وذلك بان تصبح الزراعة مشروع دولة توجه اليه كل امكانياتها وتستخدم كل الكاسحات التي تملكها لتمهد الطريق امام النهضة المرتجاة بعبارة ثالثة سياسات البلاد الكلية هي التي تتحكم في المسألة وتجارب دولتنا الحالية كلها غير مبشرة ويكفي ان نذكر هنا كيف ان مليارات النفط لم تشهد الزراعة منها ولا سنتاً واحداً , احد وزراء المالية قالها وبصريح العبارة (مافي زراعة بتقدم ليها بلد ) وعندما التفتت الدولة للزراعة ورفعت شعار النهضة الزراعية والنفرة الزراعية ذهبت المليارات مع الريح نتيجة سوء التخطيط ويد الفساد اللاحقة لكن بدلاً من لعن الظلام دعونا نوقد شمعة ونتمنى ان تلتفت الدولة للزراعة وتعطيها القوة الداعمة، فمشروع الجزيرة هو كبير السحرة فاذا نهض سوف تنهض كل الزراعة بشقيها النباتي والحيواني والمروي والمطري. (2 ) من المطبات الاخرى التي سوف تقاوم ما اشرنا اليه من اصلاح او ثورة الادارة في مشروع الجزيرة ونحن هنا لا نعني الاشخاص انما نتحدث من ناحية موضوعية، فالدكتور توني بارنيت صاحب اعظم كتاب عن مشروع الجزيرة كشف في استطلاع له ان ادارة المشروع هي المقاوم الاول لاي تغيير لانها ترى النجاح يكمن في وجود المفتشين والسرايات والكرباج فالادارة الحالية رغم كل المتغيرات تطالب الان بزيادة المفتشين والعربات وان تمول الدولة الزراعة عبرها فهذه الذهنية الادارية المغلقة على الماضي سوف تظل مقاومة لاي تغيير (انظر مقالنا بالامس) ثم المزارع وهو عماد التغيير المنشود فاذا لم يغير ذهنيته ويصبح رأس الرمح في التغيير فلن ينجح هذا التغيير وكل الذي نطلبه هنا ان يرجع ابناء الجيل الاول من المزارعين والذين سجلت الحواشات باسمائهم اليها فاسماء المزارعين اليوم في بركات فيهم المتعلمون الذين تسنموا ارفع المواقع في الدولة السودانية ولكنهم يجهلون كل المتغيرات الاخيرة وما شغالين بالحواشات الشغلة فاننا نناشدهم هنا ان يلتفتوا للحواشات دون ان يذهبوا اليها ويشيلوا الشيلة. (3 ) ثم نأتي لاكبر المكعبلات وهي اصحاب المصلحة القريبين من اتخاذ القرار، فهؤلاء الذين يهاجمون القطن المحور لان مصلحتهم في القطن الذي يحتاج للمبيدات ويرفضون زراعة القمح بحجة ان المناخ ليس مناسباً ويتناسون التقاوى المدارية التي استنبطها العلماء فهؤلاء ثراؤهم في القمح المستورد وهناك من يقاومون التغيير لاسباب سياسية واحياناً لاسباب شخصية (ضد الوزير الفلاني او المدير العلاني ) ومن اخطر المهدِّدات تجاوز النواحي العلمية فكل العينات المستنبطة لكافة المحاصيل تحتاج لمراقبة علمية لصيقة واي خلل فيها سوف يفسد كل الخطوات التي تمت نحو التغيير، وبالمناسبة وعلى حسب علمي ان هناك فوضى في استخدام التقاوى للقطن المحور وبعض المزارعين زرع بتقاوى غير معتمدة، فهذه نذر لكارثة كبيرة واخيراً وليس اخراً عزيزي القارئ قرب اضانك جاي أنا ما قلت إن هناك مؤامرة دولية أو إقليمية أو حتى محلية على مشروع الجزيرة فأي تأويل في فضاء النص على مسؤولية القارئ .