لقادة الحراك الشعبي العظيم في قوي الحرية والتغيير طريقتهم وخططهم في العمل السياسي (كياسة ودبلوماسية وهدوء... الخ) ، والتي نحترمها ، أما منابر الرأي والرصد فانها لا تلتزم إلا بما تراه وتلاحظه أو حتي ما تستنتجه من وقائع علي الأرض وتعلنها .. المخاطر أمام الثورة الجارية في بلادنا متنوعة ، فإذا كانت أهمها هي "الدولة العميقة" كما يقولون ، فهنالك أيضاً مهددات منظورة سواء في الأشخاص والتوقعات أو في المفاهيم ، نتناول إحداها اليوم من شخص الفريق اول محمد حمدان دقلو فلنتأمل ؛ - بذكاء فطري متقد انتقل من الرعي وتجارة المواشي والأقمشة بين ليبيا وشمال دارفور الي النشاط العسكري (العشائري) غير القانوني .. صال وجال بقواته في فلوات دارفور وقراها .. وعينيه مصوبتين دائماً إلي الاعلي ، إلي الأمام ، وواضعاً يديه علي مناجم الذهب في جبل عامر .. انتهز فرصة الخلاف بين المركز (البشير) وابن عمه الشيخ موسي هلال فلم يتردد في التضحية بالشيخ وبجزء من أهالي بلدته (مستريحة) في معركة عنيفة انتهت بتسليم الشيخ للسلطة في الخرطوم معتقلاً حتي الآن .. فأتي الي الخرطوم بكل ما في البداوة من هدوء وبساطة تسبقه الفراسة والحدس "وبالنجم هم يهتدون" صدق الله العظيم .. وبذلك التحق ومعه قواته بجهاز الاستخبارات حرساً للحدود ، وظلت عيونه موجهةً الي الأعلي ، هنالك حيث مقر البشير إلي أن التقي به وحقق لنفسه ولقواته الالتحاق بالتدريب وبالرتب العسكرية كما في القوات المسلحة .. ولا يحتاج القارئ أن يعاد عليه حصوله علي رتبة اللواء ثم الفريق فالفريق الأول ، وقد أصبح اسم قواته (قوات الدعم السريع) ، ولا الدعم الاوروبي تحت عنوان محاربة تجارة البشر والهجرة غير الشرعية ، فنحن أمام شخصية تتغير يومياً : أصبحت لغته مرتبة تتطور كل يوم ووعيه منظماً ؛ لا شك أنه يخضع لدورات مكثفة من خبراء في الاستخبارات والعلوم السياسية والبروتوكول . - قاد حملة تحسين لوجه قواته التي توجت عدوانيتها بهجمة غريبة علي الشباب في طرقات العاصمة بالتوبيخ والحلاقة الإجبارية للرؤوس بالأمواس .. ولا زالت العيون ترنو وتجحظ .. - لم تتأخر عليه اللحظة المنتظرة ، انفجرت الثورة الشعبية في ديسمبر 2018 وتطورت إلي أن كان الاعتصام ففتوي "المالكية" التي طلب منه البشير أن يلبيها ، فرفض ، رفض رفضاً علنياً وذهب بقواته ليحمي الشعب المعتصم بالقيادة العامة دافعاً انحياز الجيش للشعب دفعةً حاسمةً ترسمه بطلاً واسماً للمرحلة الجديدة ، متمنعاً أول الأمر ، ثم بعد إزاحة ابنعوف وعبد المعروف ، صاعداً إلي موقع نائب رئيس المجلس العسكري ، صديقه منذ ايّام (حراسة) الحدود الغربية .. يلقي الأحاديث هنا وهناك ممجداً الثورة وشهداءها ، ومن هنا وهناك أيضاً يستقطب الرضا والإستحسان .. - تحدث في تسجيل مصور عن الإفلاس الضارب أركان الدولة وكيف (أنه) دعم الدولة بما يقارب المليارين من الدولارات لتأمين الوقود ودقيق الخبز للناس ، ولم يسأله أحد عن المصدر ولا عن من أنت ؟؟، وفي حديث سابق لتلفزيون (سودانية 24) قال انه بدأ نشاطه بخمسة آلاف جندي وعندما سأله المذيع : والآن ؟ رفض الإجابة فذلك سر الأسرار !! إذن ، قوته الحقيقية في عائدات مناجم جبل عامر من الذهب وفي قوته العسكرية الضاربة المجهزة تجهيزاً عالياً .. عنصرين حاسمين من القوة في يده ، في يد واحد من ذوي أعلي رتبة عسكرية في سودان اليوم ، فريق أول ، وهو بعد شاب في الحادي والأربعين من عمره .. ولا زالت العيون شاخصة للأعلي وبريقها أكثر لمعاناً .. يستعرض مواكب من السيارات العسكرية الحديثة بأسلحتها وجنودها في ساحات العاصمة .. ووصل أعلي درجات الاستعداد لذلك (الأعلي) بالتدرب علي إهاب القائد الأعلي ، رجل الدولة ، في السلوك وفي التصرف والمظهر ، وكان ذلك واضحاً بالأمس عند إجتماع المجلس العسكري بوفد قوي الحرية والتغيير : أدخلوا وفد الثورة اولاً الي قاعة الاجتماع ليأتي أعضاء المجلس العسكري بعدهم ، دخل محمد حمدان دقلو ليصافحهم ، فمر عليهو واحداً واحداً ، القامة العسكرية العالية تساعده ، مثبتاً يده اليسري ويصافحهم بهدوء باليمني دون توقف ، فقط إعجاباً بالدكتور الأصم داعبه بضربة من يده اليسري ؛ هل شاهد مقاطع فيديو من اجتماعات الرئيس صدام حسين بأركان حكمه عندما يدخل عليهم ؟ لقد مثل المشهد تماماً .. فإلي أين تمتد أبصار الفريق أول حميدتي ؟؟