يظل الرهان قائما علي المجلس العسكري الانتقالي الذي انحاز في لحظة تاريخية ومفصلية الي خيار الحرية والتغيير، حقن الدماء واختار حماية الثوار وتوفير الملاذ الامن لبذرة الانتقال نحو العهد الجديد. كنت ومازلت احذر من تجاوز دور المجلس العسكري في ماحدث من تحول وتغيير، وانبه الي ضرورة عدم التعامل معه كعقبة امام التحول والانتقال الي فضاء دولة مدنية نتطلع اليها جميعا ، لن نكون منصفين ان تدافعنا ل(شيطنته) وغمطنا دوره في انجاح (ثورة ديسمبر) التي تم تتويجها بالنصر امام بوابات القيادة العامة. علي الرغم من ذلك فان المجلس مطالب بالتريث كثيرا وتامل حصاد تجربته الماضية خاصة في ما يلي مصداقية خطابه، فقد نالته اخفاقات معلومة ربما سحبت من رصيد الثقة بينه والمواطنين وشركاء العملية السياسية مستقبلا، لن يكون ميسورا للراي العام منح (اذنه ) للمجلس العسكري اذا استمرت حقائق الواقع تنفي الاخبار التي تصدر عنه. وجود العباس البشير في كوبر رغم هروبه ، جولات قوش الخارجية مع قول المجلس بانه في الاقامة الجبرية، الضعف والارتباك البائن في اعلان اسماء معتقلي النظام السابق ، التزام بعرضهم علي الراي العام لم يجد الطريق الي التنفيذ مع تثبيتنا للمحاذير الاخلاقية والقانونية في مثل الخطوة التي نالت حظها من الجدل في الاعلام، كل ما تقدم اخفاقات ينبغي ان يراجعها المجلس حتي لايفقد الثقة بينه ومواطن يعول عليه كثيرا في تامين مستقبل البلاد. لست ميالا كذلك الي تحميل المسؤولية في ما حدث لناطقه الرسمي الفريق اول شمس الدين كباشي ، الرجل اظهر مقدرات محترمة وثباتا كبيرا وتفوق علي الكثير من الظروف وهو يخطف نجومية المجلس والمرحلة باداء مميز ، ولكني اعتقد ان هنالك اجهزة وجهات ينبغي ان تتعامل بالحساسية المطلوبة في مده بمعلومات تحافظ علي مصداقية المجلس العسكري ولا تتمادي في هز صورته امام الراي العام. اكبر اخطاء المجلس العسكري في تقديري ما حدث امس الاول من محاولة فاشلة لاقناع الراي العام بان ثمة عناصر سجلت اعترافات باستهدافها للمعتصمين والنظاميين في ليلة الاثنين الثامن من شهر رمضان، للاسف تابعنا اخراجا فطيرا ، لا اعتقد ان المجلس كان بحاجة الي مثل هذا السيناريو الذي كرر اخطاء النظام السابق وهو يستعين بتكتيكات درجت علي تعبئة فراغ الشائعات باعترافات لا تنطلي علي (اطفال الروضة) ، كان الاجدر تقييد البلاغ ضد مجهول من تعريض المجلس وصورته الي مدفعية تكذيب الرواية في اوساط الراي العام. المجلس العسكري مطالب كذلك بتطمين قلق السودانيين حيال مطالب ملحة تدعوه للتقدم نحو المرحلة المقبلة و تامين تسليم السلطة للمدنيين، في اجواء انتظار تحقق هذا المطلب برز توجه سالب تجاه المجلس وادواره يحتاج الي خطاب يحمل توضيحا لرؤيته بشان موضوعات عديدة تشكل عقبة في انسياب العلاقة بينه وقوى الحرية والتغيير ابرزها رؤيته لمواصفات الحكومة القادمة ورئيس وزرائها وطبيعة قوانينها وهياكلها ، اذ مازال موقف المجلس يتلبسه الغموض في هذه الجوانب، ثقتنا كبيرة في ان المجلس سيعمل (خطوات تنظيم) لتجويد ادائه وتركيز خطابه مستقبلا وبطريقة تتناسب ودوره المحوري المنتظر في كتابة تاريخ جديد للسودان.