يتواصل مسلسل الغلاء (التراجيدي ) في حلقات مستمرة و(ممطوطة) بأكثر من الحلقات (المكسيكية) التي تمتد لأكثر من مائة وخمسين حلقة أحيانا ! لم ولن يكف التجار عن جشعهم، و حكومتنا الموقرة مازالت تجلس على كراسي المتفرجين، وكل مايفعله مسؤولوها هو إلقاء بعض الخطب الرنانة بتصريحات من نوع ( أزمة الغلاء مفتعلة ولاترضينا وتؤنب ضميرنا) وماشابه من أقوال تجعل المواطن يشتط غضبا، ويرفع الحاجب دهشة وحيرة لاحدود لها !! من بعد ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية وآخرها اللحم واللبن والسكر زادت أسعار الملابس لتضرب بعرض الحائط الشعارات الزائفة التي رفعتها (الإنقاذ) حينما رددت وردد وراءها الواهمون ( ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع) !! المغتربون السودانيون هاجر معظهم وفي البال تحقيق بضعة أحلام صغيرة أهمها (بناء) منزل للأسرة الكبيرة والصغيرة، فتجد المغترب من هؤلاء وهو يلهث مكتويا بنيران الغربة المحرقة، وفي كل أول شهر يستقطع الجزء الأكبر من ماله ليرسله للأهل أو من أوكله لتشييد المنزل الذي ينتظر العودة إليه وإلى أحضان الوطن ليقضي أواخر عمره في بيته الذي دفع في تشييده دم القلب مالا وراحة بال !! هناك طرفة تقول: إن أحد المغتربين كان يرسل في كل شهر أموال طائلة لشقيق له أوكله لبناء بيته والشقيق يطلب المزيد من الأموال، وكلما سأله أخوه المغترب (أها البنيان وصل وين) ؟! يرد عليه بالقول ياخوي رسل رسل البنيان ده ماطلع شبر من الواطة) فما كان من الأخ المغترب إلا ان ضاق بطلبات أخيه ذرعا فقال له ( ياأخوي أعرش على كدا) !! عندما ظهرت هذه النكتة كانت أسعار البناء في متناول يد المغترب وغير المغترب إلى حد ما بالقدر الذي يسمح لمن أراد بناء غرفة أو صالة ببنائهما، ولكن الآن بعدما طال الغلاء كل شيء في حياتنا ماكان يمكن للاسمنت والسيخ المسلح أن يفلت من (السهم الطائش) ليصادر أحلام المغتربين وغيرهم في بناء بيوتاتهم والعودة للعيش والموت بعد ذلك بين جدرانها والدفن في تراب الوطن !! كيف لا .. والأنباء المزعجة تخرج علينا في كل يوم لتفزعنا بغلاء سلعة جديدة؛ وهاهو الراصد قد جلب لنا خبرا محزنا جديدا حيث قال: إن ( أسواق مواد البناء شهدت ارتفاعاً مفاجئاً وخاصة أسعار الحديد بأسواق العاصمة الخرطوم، حيث بلغ سعر طن حديد (السيخ) «4» آلاف و«900» جنيه أمس، بدلاً عن «2200» جنيه خلال الفترات الفائتة) !! لاحولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !! مالذي يحدث ياسادة وإلى أين تسوقنا خطى فحش الأسعار و(سعار) التجار و(طناش) الحكومة ؟!! عدد من أصحاب المحال التجارية لمواد البناء قالوا: ( إن توقف بعض مصانع الحديد بالسودان بسبب شح التمويل كان له الأثر المباشر على الأسعار) والسؤال هو ما الذي جعل تلك المصانع تتوقف عن الإنتاج من الأساس، وهل استعصت مشكلتهم على الحلول ولم يجدوا غير التوقف سبيلا ؟ ليدفع ثمن ذلك المواطن الغلبان من دمه وجيبه (المخروم) ؟!! و ابنِ عشك ياقماري قشة قشة !!