معسكر كرندينق - رويترز بالنسبة لكثيرين في إقليم دارفور السوداني الذي مزقته الحرب، لن يكون انفصال الجنوب يوم التاسع من يوليو/تموز الجاري مدعاة للاحتفال. فالجنوبيون ينظرون للانفصال على أنه تتويج لمسيرتهم الطويلة نحو الحرية، ولكن في إقليم دارفور الذي يقع على حدود جنوب السودان فإنه ينطوي على احتمال معارك جديدة بين الحكومة والمتمردين، وكذلك زيادة تعقيد قضايا مثل الهجرة والرعي عبر الحدود. وقال حسين جمعة (42 عاماً) وهو زعيم عشيرة في معسكر كرندينق قرب الحدود التشادية "ما بنعرف ما بيحصل... الخطورة في كل الأمور." وبينما كان جمعة يتحدث كانت النساء في ملابسهن ذات الألوان الزاهية والرجال الذين يرتدون قمصاناً وسراويل يغطيها التراب يملاون أواني من البلاستيك من مضخة مياه. ومضى يقول: "إذا كان حصل حرب، احتمال تؤثر في المعيشة والاقتصاد أيضاً في الدولة عامة... الحرب تزيد الغلاء والتفرق بين الناس." واندلعت الحرب في دارفور في عام 2003 . ولا يزال مئات الألوف الذين فروا من القتال قبل ثماني سنوات يعيشون في مخيمات شاسعة ومتربة، مثل معسكر كرندينق ويعيش كثيرون في أكواخ. والوضع المضطرب جلي. وقتل جندي إثيوبي من قوات حفظ السلام بالرصاص على الطريق بين بلدة الجنينة القريبة والمطار بعد يوم من زيارة نادرة لصحفيين أجانب الأسبوع الماضي. الحرب قد تشتد في دارفور وتزايد العنف في دارفور منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي رغم هبوطه عن ذروته، مما دفع عشرات الآلاف إلى الفرار. ولم تؤد محادثات السلام التي توسطت فيها قطر إلى الكثير على الأرض، حيث انسحبت منها جماعات التمرد الرئيسية أو رفضت المشاركة. وقال فؤاد حكمت من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "لا أعتقد أن الدوحة ستحقق سلاماً دائماً ومن ثم ستستمر المظالم في دارفور. مشكلات دارفور هي في الحقيقة مشكلات السودان متجلية في دارفور. فالحرب في دارفور شاهد على تنوع وتعقد صراعات السودان الكثيرة والمتداخلة غالباً". فجماعات التمرد في السودان تمتد عبر مجموعة من الأقاليم والولاءات العرقية والقبلية، لكنها تتحد في معارضتها للحكومة المركزية. ويقولون إنها ركزت الثروة والسلطة في أيدي طبقة حصرية في الشمال. وخاض الجنوب الذي عايش تلك الشكاوى حرباً أهلية طويلة ودامية مع الشمال انتهت بتوقيع اتفاقية السلام الشامل في عام 2005 . وصوت الجنوبيون بأغلبية كبيرة لصالح الانفصال في استفتاء أجرى في يناير/كانون الثاني الماضي نصت عليه هذه الاتفاقية. ولكن لم ينجح أي اتفاق إلى الآن في وضع حد للحرب في دارفور، حيث يقول المتمردون إنه لم تتم الاستجابة لمطالبهم واستعادت الحكومة تدريجياً السيطرة على البلدات الرئيسية وعلى مناطق أخرى كانت تخضع لسيطرة المتمردين. ويقول بعض المحللين إن الانفصال قد يقوي الآن تصميم المقاتلين المناهضين للحكومة في دارفور بعد أن رأوا الجنوبيين يحققون هدف الاستقلال وضعفت الخرطوم اقتصادياً بعد أن خسرت حقول النفط في الجنوب. وذكر روجر ميدلتون وهو باحث في مركز تشاتام هاوس للأبحاث "في دارفور قد نرى تقوية لحركات المعارضة من جديد مثل ما حدث من تعزيز لجماعات المعارضة في الجنوب قبل اتفاق السلام الشامل." ويقول محللون آخرون إن الجنوب المستقل حديثاً قد يتعرض لإغراء لتأييد المعارضة المسلحة في دارفور، حيث يتشارك معها في بعض الصلات الأيديولوجية والسياسية. الخرطوم لن تسمح بانفصال آخر وتعهدت حكومة الخرطوم بأنها لن تسمح بانفصال أقاليم أخرى. وفي الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور رفض أبو القاسم بركة حاكم الولاية تكهنات بأن انفصال الجنوب سيشعل حرباً أخرى في دارفور. وقال "في دارفور تعبنا من الحرب. لن نعود إلى الحرب ذلك هو رأي المجتمع كله." وأثار تحرك الحكومة هذا العام لتقسيم الإقليم إلى خمس ولايات غضب المتمردين الذين قالوا إن هذه محاولة للحد من نفوذهم وتكرار لتقسيم الإقليم إلى ثلاث ولايات في أوائل التسعينات، وهو ما أثار توترات مع الخرطوم. وظل إقليم دارفور سلطنة مستقلة لمئات السنين. ولكن المحللين يقولون الآن إن القوات الحكومية متفوقة على المتمردين وتقطع طرق امداداتهم السابقة وتطردهم من بعض المناطق الرئيسية. ومع استمرار القتال فإن المعسكرات التي بدأت كملاجئ مؤقتة للفارين من القتال تصبح على نحو متزايد مستوطنات دائمة. ويقول بعض موظفي المعونة إنها قد تشبه البلدات عاجلاً. وقال جمعة إن الخوف من قطاع الطرق ومن العشائر العربية المحلية لا يزال يجعل الكثيرين في معسكر كرندينق يخشون العودة إلى بيوتهم.