مقولةٌ تم تداولها منذ القدم ، بها عُرِفَ عن القاهرةُ انها تكتُب وعن بيروتِ انها تطبع وعن الخرطومِ أنها تقرأ (القاهرة تكتُب ، بيروت تطبع ، الخرطوم تقرأ )، ربما نسي بعضهم هذه المقولة في خِضم الأيامِ التي تحملُ في طياتها الكثير من هموم الحياة ، وربما مازال البعض يتذكرها ، لكن بلا مبالاة ، لكنهم في مصر مازالوا يكتبون ، وببيروت مازالوا يطبعون فلِمّ لم يعودوا في الخرطوم يقرأون ؟! (الخرطوم تقرأ) ، عِبارةٌ بُعثت من غياهِب النسيان ، واستعادت رونقها ذاك الذي في الحقيقة لم يبهت أبداً ، وماكان له أن يبهت وأولُ آيةٍ نزلت في القرآنِ كانت (إقرأ) مالها ان تبهت ومازال هنالك أناسٌ يُقدسون القراءة ويعتبرونها أُس الحياة وأساسها . يوم القراءة في الخرطوم ، تجمع ثقافي أحيا بهِ عدد من الشباب المثقف ، النهِم ، مقولة (الخرطوم تقرأ) ، حدثٌ ضخم اجتمعت فيهِ كافة أطياف الشعب السوداني ، من شبابٍ وشيوخ ، أمهاتٍ وأطفال ، الكلُ حمل معه كتاباً وأتى الى الساحة الخضراء ، مُفعمين كانوا بحبهم للقراءةِ ، يقرأونَ بنهمِ ، ويناقشونَ ما قرأوا ، يتبادلون الكتب بين بعضهم البعض ، تجمع أحدث حِراكاً ثقافياً ثراً ، استطاع ان يجذب اليه كل وسائل الإعلام مسموعة ومرئية ومقروءة ، استطاع ان يعكس عن السودان فِكرة أنه البلد الأثرى بأبنائهِ ، بمثقفيهِ ، وبمحبته للقراءة تلك التي لاتنضبُ أبداً . يوم القراءة ... هي فِكرةٌ انبثقت من عقل احد الشباب المنتمين الى (مجموعة تعليم بلاحدود) وهي حركةُ تغييرِ اجتماعي ، هذا الشاب هو عبد السلام الحاج ، خريج جامعة السودان هندسة نفط ، مازال يخطو خطواتهِ الأولى في سلالم النجاح ، صحفي متعاون في صحيفة الصحافة ، قارئ مُثقفٌ . انطلقت الفكرة في الثامن من سبتمبر 2012 ، كحدثٍ صغير عبر فيس بوك ، وماهي الا ايام حتى صار عدد الحضور في ذاك الحدث اكثر من ثلاثة الف وبدأ العدد في التزايد ... الى ان وصل إلى 5,657 ، ثم تحول الى فعالية على ارض الواقع من ضمن فعاليات مجموعة تعليم بلاحدود ، بمشاركة عدد كبيرٍ جداً من مثقفي السودان ، وهذه الفعالية هي بمثابةِ حلمٍ كبيرٍ لسودان يانعٍ نضير بالعلمِ والمعرفة ، سودان فتي لا يشيخُ ولا تتجعدُ ملامحه من تضاريسِ الأيامِ القاسية ، سودانٌ يَرتقي بفكرِ أبنائه ، وبعملهم على عكس صورته الى الآخر بصورةٍ تليقُ بعظمتهِ ، يرتقي بتعاليمهِ التي يتبعها ، يرتقي بالفِكر والقراءة . السادس من اكتوبر من العام اثنى عشر والفين ، جاء سبتاً أخضراً نضيراً ، بالخرطوم الساحةِ الخضراء ، قُرابة الثلاثة ألف قارئ وقارئة ، نساء واطفالاً ، شيوخاً وشباباً ، الكل اجتمع هناك على شكل حلقاتٍ دائرية تذخر بالفِكر والمعرفة ، أصواتُ الكُتب وهي تُفتح وتغلق ، رائحتها ، والناسُ يستمرون في إبهار الفضائيات ، يبهرون العالم باسلوبٍ حضاري جميل ، بُهرت به كاميرات القنوات العربية ومراسليها ... قراءٌ باهرون مبدعون يفتحون كتبهم ، يتحاورونَ فيما قرأوا ، يناقشونه ، يتبادلون الكُتبِ ، في دروبِ المعرفةِ يسيرونَ وبالقراءةِ يرتقون . هذا البهاء موعودة به مدن وساحات السودان الأخرى ... فقد أكدت مجموعة تعليم بلاحدود سعيها لنقل التجربة للولايات ، ليكون هناك (يوم للقراءة في كل مدينة) ، واكدت نقل التجربة للجامعات و المعاهد العليا ومدارس الاساس والثانوي . ع س