تقرير:رشا البله عبدالقادر الخرطوم 18-9-2019م (سونا)- يرغب الكثير من المسلمين في تحفيظ القرآن الكريم لأبنائهم ويتمنون وجود بيئة سليمة يلتحق بها راغب الحفظ من البنين والبنات، ولكن ثمة صعوبات تواجه تحقيق هذه الرغبة، تتمثل أحدها في أن الخلاوى المعدة لتحفيظ القرآن تنشأ عادة في أطراف المدن الحضرية وتفتقر إلى بيئة سليمة تشجع بعض الأسر لإلحاق أبنائها بهذه الخلاوى، والأمر يزداد صعوبة إذا كانت المسألة متعلقة بالفتيات، وثمة صعوبتان تقفان حائلا أمام تحقيق رغبة تحفيظ القرآن للأبناء؛ إحدهما ما أشرنا إليه من بعد خلاوى القرآن عن المناطق الحضرية وبيئتها غير المناسبة، والأخرى تتمثل في انتظام النشء من الأطفال في الدراسة النظامية معظم العام والقرآن يحتاج غالبا في هذه السن للتفرغ حتى يتمكن المرء من حفظه. منظمة وقف الخيرات نظرت في أصول هذه المشكلة وقدمت معالجة ناجعة تسهم في التمكن من حفظ القرآن للراغبين من النشء والمفاجأة الأخرى تمكين الفتيات تحديدا من حفظ القرآن. فكيف استطاعت التغلب على هذه المشاكل؟ وما هي الطريقة المتبعة في تحفيظ القرآن؟ هذا ما استطلعناه خلال سؤالنا لإسماعيل قايا مدير منظمة وقف الخيرات بالخرطوم حيث خرجنا بالإفادات التالية. بيئة جاذبة لتحفيظ الفتيات ابتدر إسماعيل قايا حديثه قائلاً إننا لاحظنا في منظمة وقف الخيرات أن الخلاوى تقام في أطراف المدن، وليس هذا فحسب، بل نجدها في حالة سيئة من ناحية الخدمات سواء أكانت للأولاد أو للبنات، وغالبا يلتحق بهذه الخلاوى الأيتام والنازحون والفقراء من الناس، وأحيانا تصبح هذه الخلاوى مأوى يعيش فيها الطالب سنوات أكثر بكثير مما يستوجبه حفظ القرآن. وبعض ميسوري الحال من التجار مثلا لا يرغبون في إرسال أولادهم لهذه الخلاوى لأنهم يشعرون أن البيئة هناك غير مناسبة، وهذا يجعلهم يحجمون ويتأخرون عن حفظ القرآن. إذن كيف تعاملت منظمة وقف الخيرات مع هذه المشكلة لتمكين الراغبين من حفظ القرآن؟ وللفتيات تحديدا؟ يضيف قايا لكل ذلك أنشأنا مركز النور والإيمان لتحفيظ القرآن الكريم للفتيات ليتمكن كل ولي أمر من إرسال ابنته إليه دون خوف عليها، وبدأت التجربة بشقة بحي المجاهدين بالخرطوم تسع اثنى عشرة طفلة وتشرف عليهن أستاذة ومشرفتان لمراجعة الحفظ، وتتراوح أعمار الفتيات من اربعة عشرة إلى سبعة عشرة سنة وشرطنا أن تكون الفتاة أكملت آخر سنة دراسية بتقدير امتياز، وفي هذا تشجيع الناس ليحسنوا مستواهم الأكاديمي. وحتى تتفرغ الفتاة لحفظ القرآن الكريم خلال عام واحد تقوم الفتاة بتجميد العام الدراسي وتلتحق بمركز النور والإيمان لتحفيظ القرآن الكريم ويتم إكمال الحفظ خلال عام، وبعد إكمال الحفظ تعود لدراستها مرة أخرى. منهج الدولة العثمانية وحول الطريقة والأسلوب والمنهجية التي يتبعها مركز النور والإيمان لتحفيظ القرآن الكريم أوضح قايا أن الأسلوب المتبع في تحفيظ القرآن الأسلوب التركي الذي ورثناه من الدولة العثمانية، وحسب هذا المنهج تقوم الفتاة بحفظ صفحة كل يوم، لكن بعد كل ثلاثة أيام تراجع الصفحتين السابقتين مع الصفحة الجديدة، وهكذا في كل يوم جديد تتم مراجعة الصفحات السابقة مع الصفحة الجديدة، فيترسخ الحفظ نتيجة للتكرار الكثير للصفحات، وقد أكملت ثلاث منهن الحفظ حتى الآن. وليس هذا فحسب، وإنما يضيف قايا إننا نسعى لأن تنال الحافظة للقرآن من مركزنا شهادة حفظ القرآن من جامعة القرآن الكريم، ولذلك ندربهن على الامتحان التحريري لأن هذا هو الأسلوب المتبع في جامعة القرآن الكريم، كما اتفقنا مع السفارة التركية بالخرطوم عبر الملحق الديني التركي بالخرطوم. وربما لا يعلم البعض أن بعض الجامعات السودانية تقوم بإعفاء حافظ القرآن الكريم من رسوم الدراسة إذا أحرز الدرجة المطلوبة للكلية المعنية. آداب وخدمات وبالإضافة إلى تحفيظ القرآن الكريم يأخذ الجانب السلوكي اهتماما أيضا، إذ يقول الأستاذ قايا إننا نهتم أيضا بالجانب السلوكي كالأوراد اليومية والتعود على النظافة، وكذلك نهتم بجانب الإيمانيات ونسعى لتقوية مفهوم الإيمان ومفهوم الأمة. وفي الجانب الخدمي خاصة التغذية يؤكد قايا من حيث الخدمات نقدم ثلاث وجبات في اليوم، وندرك أن هذه المرحلة من العمر هي مرحلة النمو الجسمي ولذلك لا بد أن تكون التغذية صحيحة. يُقدم اختبار للفتاة التي التحقت بالمركز في العشرة أيام الأولى للتأكد من مقدرتها على الحفظ، والقدرة على المواصلة، وإذا وجدنا أن الفتاة لا تستطيع اجتياز هذا الاختبار من البداية ننصحها بالرجوع إلى مدرستها واللحاق بالعام الدراسي.
