تقرير- محمد عبد الرحيم الخرطوم 17-10-2019(سونا) تذخر ارض السودان بالعديد من الثروات المعدنية التى تتعدى ال50 نوعا وياتى الذهب فى مقدمتها، من الناحية الاقتصادية خاصة بعد انفصال دولة الجنوب والتى ذهبت بنحو 75% من الانتاج النفطى، مما حتم الاعتماد على المعدن النفيس كمورد بديل للاقتصاد، وتم اكتشاف كميات كبيرة منه بواسطة المعدنيين التقليديين الذين ينتشرون فى اكثر من 12 ولاية سودانية ويعادل إنتاج المُعدّنين التقليديين، وهم أفراد أو شركات صغيرة، ما نسبته 85% من إجمالي إنتاج الذهب السوداني وارتفع إنتاج السودان من الذهب بمناطق الإنتاج خلال أعوام (2015-2016-2017) بنسبة 20% من 73,4 طنا إلى 93,4 طنا، وكشف تقرير أداء وزارة المعادن للنصف الأول من العام الماضي 2018 أن إنتاج الذهب خلال النصف الأول من العام بلغ 63 طنا اشترى بنك السودان منها ثمانية أطنان، وبلغ صادر الشركات 1,4 طن، لتصبح جملة صادرات الذهب 10,7 أطنان بقيمة 422.5 مليون دولار، وكشف التقرير نصف السنوي ذاته أن ما فُقِد بين الذهب المُنتَج والمُصدَّر والمُصنَّع والمُخزَّن بلغ 48,8 طنا بنسبة وصلت إلى 77% لفاقد الذهب بين منطقة الإنتاج وبنك السودان كمشترٍ، في وقت يُمثِّل فيه صادر الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات السودان بالكامل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حسب تقرير وزارة المعادن المذكور أعلاه. إلا أن ل "موسى كرامة" -وزير الصناعة والتجارة السابق- فى مقارنة عقدها بين كمية إنتاج الذهب المُعلَنة من قِبل الحكومة في عام 2015، وهي 70 طنا، وبين المعلومات التي تحصّل عليها والتي أكّدت أن صادر الذهب عبر مطار الخرطوم فقط إلى مطار دبي عبر الخطوط الإماراتية في العام نفسه بلغ 102 طنا، فيما قدَّر خبراء الأممالمتحدة حول السودان -في تقرير صدر في سبتمبر للعام التالي 2016- الذهب المُهرَّب من السودان إلى الإمارات في الفترة ما بين 2010-2014 بما قيمته 4,6 مليارات دولار. ويتفق كلٌّ من "كرامة" و"عبد المنعم الصديق" رئيس غرفة مُصدِّري الذهب مع تقرير خبراء الأممالمتحدة بأن أكبر مُشترٍ فعلي للذهب السوداني هي الإمارات. وكشف "كرامة" عن تقديرات الصاغة والمعدنيين للإنتاج الفعلي من الذهب، حيث ارتفع إلى كميات تتراوح بين 230-240 طنا خلال عامي 2017-2018، في وقت كانت فيه الحكومة تتحدث عن إنتاج يتراوح بين 90-110 طنا فقط، بمعنى أن الفاقد يتراوح بين 100-130 طنا سنويا، ويشير "كرامة" إلى أن تهريب الذهب يتم عبر كل المنافذ، خاصةً مطار الخرطوم، والذي اعتبره أكبر منفذ تهريب، إلا أن التهريب لمصر عبر الطريق البري أصبح يُشكِّل هاجسا أكبر وقال عضو المجلس الاستشاري لوزارة المعادن، الخبير الاقتصادى "محمد الناير"(لسونا) انه يتفق مع الرأي القائل إن بنك السودان المركزي ظل لسنوات لا يمنح السعر المناسب للذهب بجانب احتكاره لفترات طويلة لعمليات شرائه وتصديره مما ساهم في تزايد معدل تهريب وتخزين المعدن النفيس، مضيفا أنه تحت ضغط قرارات البنك المُلزمة له كسلاح ذي حدين بشراء الذهب؛ اضطر المركزي لضخ كميات كبيرة من السيولة النقدية كانت السبب الرئيس في ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت في ديسمبر أواخر العام الماضي 2018 لأكثر من 63%، مع نقص السيولة النقدية الحادة التي يُعاني منها الاقتصاد السوداني. ويمضى الناير فى افادته (لسونا) ان دخول بنك السودان فى تجارة الذهب يتعارض مع مهامه المنوط به القيام بها منها الاحتفاظ باحتياطى من النقد الاجنبى ومن مكوناته الذهب ، مشيرا الى ان بنك السودان يفترض ان يخرج من المتاجرة بالذهب وتصديره وكذلك يجب ايقاف الشركات الحكومية من تصدير الذهب ،داعيا فى الوقت نفسه الى انشاء بورصة للذهب يتم التعامل بها بصورة شفافة وفقا للسعر العالمى مما يساهم فى الحد من تهريب الذهب المقدر بنحو 100 طن. ولفت الناير الى ان احصائية العام الحالى 2019م تشير الى تدنى الانتاج، وارجع ذلك لسياسات بنك السودان التى وصفها بغير الصحيحة وغير المستقرة والتى ادت الى عدم الاستفادة من الذهب. . ويتفق مع ذلك المحلل الاقتصادي أبو القاسم إبراهيم قائلا "احتكار بنك السودان لشراء وتصدير الذهب وتوفير العملة الصعبة يعتبر العامل الأساسي لانهيار العملة السودانية، وبدلا من أن يكون الذهب نعمة تحوّل إلى نقمة". ويجمع الخبراء والاقتصاديين واهل الاختصاص على ضرورة العمل الجاد فى جانب السياسات المشجعة للانتاج ،بابعاد البنك المركزى من شراء وتصدير الذهب وكافة الشركات الحكومية والعمل على سد منافذ التهريب،والسيطرة على انتاج الشركات واعادة هيكلة القطاع بما يضمن مساهمة هذا المورد الهام فى دعم الاقتصاد الكلى للبلاد. وهذا ما ينتظره المواطن من البرنامج الاسعافى لحكومة الفترة الانتقالية.