تقرير: اماني محي الدين الخرطوم 28-12-2019م (سونا)- مشروع موازنة 2020م الذي تمت اجازته بصورة مبدئية مساء امس في مجلس الوزراء آثار جدلا واسعا وسط شركاء الحكومة الانتقالية ومن المراقبين ََوسط توقعات وترقب من الشارع الذي ينتظر حلولا للضائقة المعيشية في ظل جملة من التحديات المهددة للاقتصاد السوداني. وقد اجاز مجلس الوزراء فى جلسته برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك رئيس المجلس مبدئيا مشروع موازنة 2020م بالابقاء على دعم القمح وغاز الطهي كما هو والرفع التدريجي للمحروقات. وقال الدكتورابراهيم البدوي وزيرالمالية والتخطيط الاقتصادي فى تصريحات صحفية عقب الجلسة ، ان مشروع الموازنة سيتم رفعه خلال يومين الى المجلس التشريعي المؤقت (المجلس السيادي ومجلس الوزراء ) للاضافة والتعديل بهدف الاجازة النهائية . وقدم وزير المالية عرضا لملامح ميزانية 2020م التي قال أنها جسدت شعار الثورة حرية سلام وعدالة وتشمل ثلاث محاور منها إصلاح الخدمة المدنية ومعالجة كافة التشوهات ومراجعتها ومراجعة هياكلها واستهداف التنمية الأممية المستدامة من حيث تخصيص الموارد ومتابعة البرامج وتحقيق موجهات الميزانية في مجال التعليم والصحة والبنيات التحتية لخدمات المياه والخدمات الاجتماعية بصورة عامة والأخذ بالاعتبار معاناة الشعب نتيجة الافقار الممنهج الذي ورثه من النظام البائد من حيث التمكين والفساد المؤسسي مما أدى الي اضعاف القوى الشرائية واضعاف مستوى الدخل والمعيشة خاصة ذوي الدخل المحدود الأمر الذي دفع الموازنة بالتركيز على قطاع الخدمة ألمدنية من حيث ترتيب وتقييم الوظائف وإزالة التشوهات وعدم التماثل الذي طبع الخدمة المدنية واعتمدت الموازنة زيادة كبيرة في المرتبات تصل الي 100% من حيث البند وليس بالضرورة لكل المرتبات وتساهم في الدعم القوى الشرائية..وهنالك برامج للحماية الاجتماعية متعددة تبدأ ببرنامج تجريبي يشمل حوالي 9000الف أسرة تغطي مايعادل 4مليون و 500 مواطن. بشريات . سيتضاعف الصرف الفعلي على قطاعي التعليم والصحة مقارنة بميزانية العام الماضي 2019 م والتزام بمجانية التعليم الأساسي ومنع فرض اي رسوم من أي جهة كانت في المدارس الحكومية وتوفير الوجبة المدرسية للتلاميذ كذلك الالتزام بمجانية العلاج في المستشفيات الحكومية ومنع اي رسوم من اي جهة وإزالة التشوهات في المرتبات والأجور وزيادة بند المرتبات بنسبة 100% مع زيادة الحد الأدنى للأجور من 425جنيها الى الف جنيه في الشهر وخلق أكثر من 250 ألف وظيفة كحد أدنى للشباب . وإنفاذ برنامج تجربيي لتحويل النقد المباشر بواقع 1500جنيه للاسرة في الشهر يشمل 4الف ومليون و500 مستحق حوالي 9000الف أسرة خلال النصف الأول من 2020 م من كل ولايات البلاد . وأيضا زيادة مظلة الكفالة النقدية المباشرة لدعم الطالب الجامعي بإضافة 50 الف طالب ليصل الى 300الف طالب من العدد الكلي . وتوسيع مظلة التأمين الصحي للأسر الفقيرة إضافة مليون أسرة ليصل الي 4مليون و900الف أسرة مع زيادة سقف التأمين بنسبة 100%. من البشريات ايضا إنشاء صندوق الاعمار والتنمية للسلام بمبلغ مبدئي حوالي 9مليار و300مليون جنيه من الموارد الذاتية للولايات المتأثرة بالنزاعات. وفي إطار دعم المجهود السياسي تخصيص مبلغ مبدئي حوالي مليار جنيه لبرنامج تسريح وإعادة التأهيل والدمج المقاتلين والجنود المسرحين وقابل للزيادة بصورة كبيرة بناء على مايترتب على الاتفاقيات إعادة التأهيل وغيرها من الاتفاقيات الأمنية الخاصة بالسلام . بجانب تخصيص 7%الولايات المتأثرة بالحروب . جدل رفع الدعم: الجدل الواسع كان حول رفع الدعم حيث جدد مهندس . عادل خلف الله مسئول اللجنة الاقتصادية لحزب البعث، وعضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير الدعوة لرئيس الوزراء بالتأكيد على عودة الدولة لأداء وظيفتها الاجتماعية، بالاتساق مع أهداف انتفاضة ديسمبر، وتطلعاتها الشعبية، بإعتماد الدعم الحقيقي للسلع الأساسية، وضمان مجانية التعليم والعلاج، ودعم قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي، والإعلان عن فتح حساب (عزة ديسمبر) في بنك السودان وعدد من البنوك التجارية داخل البلاد وخارجها ليساهم السودانيون، في تمويل الموازنة ودعم الاقتصاد، بالعملة المحلية والأجنبية، وهو مطلب شعبي يعبر عن الاستعداد الشعبي الواسع، والذي ارتقى إلى مستوى الاستشهاد والتضحية. وأوضح خلف الله، أن إتجاه موازنة م2020 لزيادة سعر المحروقات وخفض قيمة الجنيه من 45 إلى 60 بنسبة 33%، وتحرير الدولار الجمركي، ما هو إلا استمرار، وبوقع الحافر على الحافر، لنهج النظام السابق الذي بلغ ذروته في 2013م بزيادة سعر الجازولين والبنزين بحوالي50% وتخفيض الجنيه إلى 47.5 والدولار الجمركي من 6.4 إلى 18.. وهو مسار ما يعرف بالتكيف الهيكلي المعبر عن الرضوخ لوصفة صندوق النقد الدولي التقليدية، والتي أدت إلى مزيد من تعميق أزمة اقتصاديات من استسلموا لها بما في ذلك السودان. وأشار خلف الله، في تصريح نقلته قناة الحرة، إلى حقيقة أنه ليس هنالك دعم حقيقي للمحروقات والكهرباء، أو ما يسميه الممولون الدوليون بالدعم السلعي. رابطة الاطباء الاشتراكيين في بيان لها حول الموازنة أشارت الي ان الموازنة تبنت أيدويلوجية الليبرالية الجديدة بشكل كامل من خلال تبني إنسحاب الدولة من إدارة النشاط الإقتصادي، وإنسحابها من دعم السلع الأساسية (تحرير أسعار المحروقات). وقالت إن مشروع الموازنة حاليا يعني الإفقار الممنهج للجماهير المغلوبة والمضي في نفس السياسات الإقتصادية والإجتماعية للجبهة الإسلامية مما يستلزم إصطفاف كل جماهير الثورة لاسقاط هذه الموازنة والضغط علي السلطة الإنتقالية لتبني موازنة بديلة تعبر عن مصالح جماهير الثورة وتحقق أهداف إنتفاضة ديسمبر المجيدة. وشبه زعيم حزب الأمة الصادق المهدي: اعداد الميزانية ورفع الدعم ببيضة ام كتيتي . وبيضة أم كتيتي دارجة في مثل كردفاني حكايته أو أسطورته ان طيرة أم كتيتى تبيض مرة واحدة فى العمر بيضة واحدة .. لكن من ساورته نفسه وأخذ البيضة مات أبوه .. وإذا رغب عنها وتركها ماتت أمه. أما حسين أحمد حسين فيقول ان موجهات موازنة وزير المالية تتبنى سياسة السيطرة على التضخم واختلال ميزان المدفوعات وتقلبات سعر الصرف وضبط السياسة المالية والحسابات القطاعية واستقرارها (وصفة صندوق النقد التقليدية) مشيرا الي انها أسقطت العديد من الدول في ثمانينيات القرن المنصرم بما فيها حكومة الصادق المهدي نفسها في العام 1989، وقادت لهبة سبتمبر 2013، وعصيان 2016 و 2017 وأخيراً إلى إسقاط النظام السابق في إطار ثورة الوطن الوسيمة 2018-2019م. وبالتالي هذه الوصفة مجربة في عملية اسقاط الحكومات مهما كان جبروتها، ومهما حاول وزير المالية من إضفاء البُشارات عليها. ونبه الي أنَّ أيَّ دعم يُبشِّر به د. البدوي (سلعي أو نقدي) سيؤول أثرُهُ إلى الصفر، وإلى ما دون الصفر بمجرد رفع الدعم عن المحروقات. وقال ان رفع الدعم سيقود البلد حتماً إلى البلبلة السياسية والفوضي، التي سوف تؤجِّجها شرائح رأس المال بحجب الأغذية والوقود والخبز ورميها في البحر أو تهريبها إلى دول الجوار وربما تعجل بانتخابات مبكرة.