من قال إن شباب هذا الجيل تافه فارغ لا يحسن سوى التهريج والإسفاف.. يكون قد ظلم الغالبية العظمى من شباب فتي شهم همام يسعى لتكريس جل وقته وطاقاته الخلاقة في أعمال الخير لوجه الله تعالى ولوجه التاريخ الذي لا ينسى كل عظيم وجليل. وإن كنا نكتب عن بعض الممارسات السالبة من بعض الشباب، نقصد بذلك لفت انتباه الأسر والمجتمعات بغية علاجها، ولأننا مجتمع يمتاز والحمد لله بأنه محافظ ملتزم لا زال يتمتع بقيم ثابتة راسخة، لا يغير من مضمونها بعض الإنفلات أو الخروج من الإطار المتعارف عليه، وكلما رأيت أو سمعت عن الشعوب الأخرى حمدت الله أن جعلنا (مسلمين سودانيين). دعتني قبل أيام جمعية مستشفى سرطان الأطفال لزيارة مقرها، ولبيت الدعوة ووجدت مجموعة كبيرة من الشباب والشابات يعملون في صمت وتفانٍ وإخلاص من أجل تحقيق حلم كبير أن يجد الطفل المصاب بأخطر داء عضال، مستشفى متخصصاً مجهزاً لعلاجه، وعجبت حين علمت أن الفكرة بدأت بشاب اسمه (مهند دبورة) وثلاثة من أصدقائه لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين.. بعد أن شاهدوا الدعاية لمستشفى السرطان في مصر الذي بدأ فكرة وانتهى صرحاً شامخاً يضم آلاف الحالات وآلاف المتبرعين من الأطباء! شباب من مدينة الرياضالخرطوم ذهبوا لزيارة مستشفى الذرة والعلاج الكيميائي وشاهدوا معاناة الأطفال المرضى والبيئة المتردية والنقص الحاد في الأدوية، فاتفقوا على إقامة هذا الصرح الكبيرالذي يحتاج لعدة مليارات ولكنه الأمل والطموح وحب الخير، بدأوا أربعة شباب وفي غضون شهور صاروا آلافاً لا يملكون سوى دافعهم لمساعدة الضعفاء والمحتاجين من أبناء هذا الوطن خصوصاً الأطفال... اختاروا تسميتها (99199).. باعتبار أن هذا مشروعهم الأول الذي يرمز له بالرقم واحد بين أسماء الله تعالى التسعة والتسعين من الجانبين حتى يعينهم الله بقدرة أسمائه على إتمام هذا العمل الكبير.. تحصلوا على قطعة أرض كبيرة وأموال لابأس بها من عدة جهات.. الجميل أن عدداً كبيراًً من الفنانين والفنانات شاركوا بحفلات خيرية مجانية لصالح بناء هذا المستشفى الذي لديه حساب مفتوح ببنك أبوظبي الوطني بنفس الرقم (99199) لمن أراد أن يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له.....! زاوية أخيرة: هنيئاً لأمة يعمل شبابها في صمت ونكران ذات.. سيجيبون غداً أفضل إجابة يتقبلها الله عندما (يسألون فيم أفنوا شبابهم)!!