من أطرف حكايات النسيان مع صاحبكم العبد لله أنه كتب هذا العمود بالعنوان أعلاه ، ولكن نسيت إرساله الى صاحبتنا الجميلة ( آخر لحظة ) ولم يتكشف صاحبكم العبد لله ان العمود ( غائب في الركائب ) الا بعد ان تلقيت رسالة إلكترونية من القاريء المتميز لآخر لحظة عبد الواحد ابو كراوي يشعرني بغياب العمود ولحظتها لم اتمالك نفسي من الضحك على هذه المفارقة العجيبة ، حالة النسيان اصبحت تلازمني بشدة ، المهم قبل عدة أيام خرجت من العمل ، وبدأت ادور في حلقة مفرغة باحثا عن الموقع الذي أوقفت فيه سيارتي ، في البداية إعتقدت ان المسألة متعلقة بضغط العمل والشد العصبي اثناء الدوام ، لكن من سوء حظي فقد أصبح هذا السيناريو ملازما لصاحبكم العبد لله ، فتأكد لي إنني أصبت بجرثومة النسيان اللعين ، وحتى ابعد الهواجس عن نفسي الأمارة بالسوء هاتفت صاحبي الطبيب وسردت له حكاياتي مع النسيان ، ولأن صديقي الدكتور رجل لا يعرف اللف والدروان فقد اكد لي أنني مرشح للإصابة بأعراض الزهايمر ، قلت لصاحبي يخرب عقلك يا لئيم زهايمر إيه وهباب إيه ؟، لكن الرجل أصر على موقفه وأكد لي ان كثرة النسيان تعد إحدى علامات مرض الزهايمر الذي يعاني منه الملايين حول العالم ومن اشهر المصابين به بطل الملاكمة العالمي السابق محمد علي كلاي، كما كان الرئيس الامريكي الراحل رونالد ريجان رجلا ( مزهمر ) وهذه الكلمة من عندياتي وليس لها اصل في اللغة ، المهم صاحبي بعد أن بردت حرارة كلامه أكد لصاحبكم العبد لله ان ضغوط الحياة والتداعيات المرتبطة بها والتفكير المتواصل للإنسان تجعله عرضة للنسيان ، طبعا لأن العبد لله ملقوف فقد سألت الرجل ان كانت هناك كبسولات لعلاج اعراض النسيان فأكد ان هناك كبسولات مساعدة ،ولكن لا تعد علاجا ناجحا في كافة الأحوال ودعاني الى ضرورة محاولة حل الكلمات المتقاطعة اي والله الكلمات المتقاطعة من اجل تنشيط ذاكرتي الخربة ، المهم خلونا من هذا كله وتعالوا نتجول في مسألة النسيان في السودان حيث نجد انه في كل عهود الحكم إنطلاقا من عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود ومرورا ب(أنت يا مايو الخلاص ) وحتى عهد الانقاذ فإن هناك الكثيرون من سجناء الرأي تعرضوا إلى شتى صنوف العذاب والإرهاق النفسي والبدني ، بعض هؤلاء انتقلوا إلى الضفة الأخرى وطويت معهم صفحة ( التعنيف ) والبعض الآخر ما يزال حيا يمضغ بقايا ( الذكرى الأليمة لو تعرف معناها )، لكن رغم كل ذلك نجد ان الكثيرين ممن تعرضوا للقهر السياسي نسوا او تناسوا الغبن ، ولكن بصراحة فإن عهد الانقاذ بالنسبة لسجناء الرأي يعد الاكثر قسوة ، خصوصا في البدايات ، حيث اتسمت تلك الفترة ( الله لا عادها ) ، ولا جاب طاريها ، بظهور أشخاص على شاكلة ( الطواويس ) المنتشية بالفوز والخائفة في نفس الوقت من كل من يفتح ( فمه ) بكلمة بقم ، ولا أتصور ان الذين عاشوا الغبن سوف ينسون ما تعرضوا له من قبل أصحابنا العتاولة ، نسيتك يا حبيبي نسيتك ... نسيتك وزي ما نسيتني نسيتك .