الموقف التركي من الاحداث في المنطقة، وكيف تقاطعت مصلحة انقره مع مصالح الغرب، ولاسيما الاوروبي منه، خاصة ان اول سبب لرفض الاتحاد الاوروبي انضمام تركيا اليه، يعود الى ان السلطة في تركيا بيد(حزب العدالة والتنمية) المنبثق عن افكار وطروحات (حركةالاخوان المسلمين)، فكيف يُفسَّر تقاطع مصالح الغرب العلماني مع تركيا رجب طيب اردوغان وعبد الله غول اللذين فضلا حتى اللحظة في الاطاحة بتركيا العلمانية التي اسسها مصطفى كمال اتاتورك، ربما هذا الامر يجعل المراقبون يميلون الى ان فشل(حزب العدالة والتنمية) في اقتلاع العلمانية التركية، يتم التعويض عنه بحضانة السلطات التركية للاحزاب الدينية وفي طليعتها(الاخوان المسلمون) في تونس ومصر ،وحالياً في سورية، حيث فتحت تركيا ابوابها لاستقبال مؤتمر ما يسمى المعارضة السورية في انطاليا، يُعتبر (الاخوان المسلمون) عصب هذه المعارضة التي قامت بالتمرد على النظام السوري في مطلع الثمانينات انطلاقاً من مدينة حماة ،ونجح الرئيس حافظ الاسد في القضاء على الفتنة، وارسى نظاماً علمانياً تطمح تركيا الى اسقاطه من خلال تسويقها للفكر الاسلامي المعتدل كبديل للتطرف والتكفير الذي سعت الى تعميمه (القاعدة)، وما تضعه تركيا اليوم هو تطبيق الهندسة الاميركية للشرق الاوسط الجديد بمواصفات عثمانية، وبمشاركة واشراف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بعدما اقنع الاخير الادارة الاميركية بأن الاعتدال الاسلامي المتمثل بجماعة (الاخوان المسلمين) هو البديل العملي لارهاب (القاعدة)، والمعروف ان الحزب المذكور لعب دوراً بارزاً في تونس، ومن ثم في مصر، لاقامة محور اسلامي يشكل فسحة خلفية للحزب التركي الحاكم في صراعه مع (نظام العلمنة) الذي ارشده مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك، ولعل اهم ما تستغربه الاوساط ان الادارة الاميركية، ومنها الاوروبيون، يصفون (قمع الشغب) حاليا في سورية بأنه مذبحة في حق الشعب السوري، علما ان معظم القتلى في الاحداث السورية هم من جنود الجيش السوري وضباطه، فهل تعني الديموقراطية والحرية تحليل دم العسكر لصالح المنتفضين ضد النظام فيحق لهم اعلان (امارات اسلامية)بالقوة على حساب الآمنين، ومن يثبت انهم الاكثرية، وكيف يفاوض النظام السوري لتطبيق الاصلاحات في وقت يطالب فيه هؤلاء باسقاطه، حيث باتت المبارزة في خانة صراع البقاء وفي هذه اللعبة لا احد يرحم احدا، وتضيف الاوساط ان الطبق الاميركي التركي الذي وضع على موائد الشعوب في المنطقة لن يسلم من تذوق طعمه البلد الصغير الذي يشتهر (بالمزمزة والتسكة) قبل ان يتناول الطبق الرئيسي على المائدة، وربما يدركه الشبع قبل تناول الطبق المذكور الا انه مجبر الى دفع فاتورته في مختلف الاحوال، فاذا كانت(الفوضى الخلاقة) قد انتشرت في المنطقة، فان الساحة المحلية غارقة فيها منذ فجر العهد الحالي، حيث لا حكومة تحكم، وسيان في الوقت الراهن شكلت الحكومة او لم تشكل، فالواضح في الموقف الاميركي ان الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد لبنان عالقاً في الفراغ، والدليل على ذلك تدخل الادارة الاميركية لدى توصل الافرقاء الى تفاهم حول تشكيل الحكومة لافشاله، ولعل البارز في هذا المجال الكلام الاميركي الذي نقلته السفيرة الاميركية في لبنان مورا كونيللي لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ان المجتمع الدولي سيقيم علاقته مع اية حكومة في لبنان على اساس تركيبة مجلس الوزراء والبيان الوزاري والاجراءات التي ستتخذها الحكومة في ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان، وهي لا تنفك تردد شروطها امام من تلتقيهم بأن وزارات الاتصالات والعدل والداخلية هي وزارات لا يجوز ان تكون من حصة محور الممانعة ولاسيما بعد التطورات في المنطقة وانعكاس عمل هذه الوزارات على ما يجري في بعض الدول.