الإحساس بالإذلال وطعم المرارة لم يفارق العقيد بالقوات المسلحة جون موريل مجاك رول بعد أسبوع من إطلاق سراحه من إحدى المعتقلات بمدينة جوبا في الثالث من أبريل الماضي على أيدي المباحث الجنائية بحكومة الجنوب لمدة (5) أيام. استفز كبرياء جون تجاوز حكومة الجنوب لكل الأعراف والقوانين التي تحمى الأشخاص في مثل منصبه، وتعرضه للتعذيب داخل المعتقل الذي أطلق عليه غوانتنامو الجنوب.. وكشف موريل عن تفاصيل اعتقاله وإطلاق سراحه وتدخل الرئيس عمر البشير لذلك، وقال بعدم وجود دولة جنوب بل دولة أكاذيب كمال قال في حواره مع آخرلحظة الذي كشف فيه المثير والغريب، فإلى تفاصيل الحوار: ماهي قصة اعتقالك سعادة العقيد جون؟ - أنا أصلاً من منطقة رمبيك انتمي لقبيلة الدينكا، وكنت في زيارة تلبية لدعوة مؤتمر لأبناء رومبيك بمدينة جوبا في يوم 3 أبريل الماضي، وهو نفس اليوم الذي تم فيه اعتقالي من فندق جنوب السودان الساعة (8) مساء، عندما كنت أتناول وجبة العشاء برفقة أحد أعضاء اللجنة الدستورية بحكومة الجنوب ورئيس لجنة الاستفتاء بولاية البحيرات.. وفجأة دخل الفندق مجموعة من الأشخاص وأشار أحدهم ناحيتي وهاجموني على الفور ووضعوا الكلبشات في يدي ضربوني بالدبشك وتعاملوا معي بصورة غير لائقة وقادوني لأحد المعتقلات الإرهابية بمدينة جوبا يتبع للشرطة.. ويعتبر هذا المعتقل غوانتنامو الجنوب، وتعرضت خلال أيام الاعتقال ال(5) إلى الضرب والتعذيب والإهانة دون مراعاة لوضعي كضابط بالقوات المسلحة. من قام باعتقالك وما هي دواعي الاعتقال؟ -لا توجد دواعي للاعتقال سوى أنني عائد من الشمال، لأنهم يستهدفون كل من يأتي من الشمال وخاصة الذين يعملون بالقوات النظامية، ومن اعتقلني وزير الشؤون الأمنية ومستشار بالوزارة ذاتها، وأثناء فترة الاعتقال لم يقدموني للتحقيق. كيف أُطلق سراحك؟ - أطلق سراحي بعد أن أجرى الرئيس عمر حسن أحمد البشير اتصالاً بالفريق سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب، وأخذوني من المعتقل إلى المطار مباشرة دون أن آخذ ممتلكاتي وأشيائي التي تخصني والتي قاموا بسرقتها، ولقد فقدت مبلغ 750 ألف جنيه من داخل الغرفة وجردوني من السلاح الذي أحمله. ما هي الإجراءات التي ستتخذها حيال هذا الأمر سعادة الفريق؟ - أنا لن أترك حقي أبداً، فإذا نزعوا مني سلاحي سأنزع (10) منهم، وسآخذ حق كأي فرد عسكري وليس متمرد. حدثنا عن السجن الذي اعتقلوك به؟ -يوجد بالمعتقل أكثر من 200 سجين كلهم من أبناء الجنوب، ولا يوجد أي أجانب داخله.. وهو عبارة عن مكان قذر يتعرض من فيه للتعذيب والضرب والإهانة، وللأسف يوجد داخله نساء معتقلات أيضاً ويتعرضن للتعذيب أيضاً.. وفترة اعتقالي مرت وكأنها سنين وهي 5 أيام.. وهناك ضابط بالقوات المسلحة برتبة رائد في معتقل سري بواو وهو داخل الأرض بعمق 4 أمتار ومعتقل منذ أواخر شهر مارس الماضي وهو من أبناء الفرتيت وتهمته أنه ضابط استخبارات في الجيش السوداني وعلى الحكومة إنقاذ هذا الضابط لأنه يتعرض للتعذيب. كيف تقرأ مستقبل دولة الجنوب في ظل هذه الظروف؟ -لن تكون هناك دولة جنوب وإذا وجدت ستكون دولة أكاذيب، ولا توجد هناك مراقبة وكل ما يحدث من اعتقالات وتعذيب يتم دون علم سلفاكير.. وهناك مجرمون اقتحموا الحركة الشعبية وأصبحوا ينهبون باسمها، وهم سبب عدم الاستقرار بالجنوب وليس هناك أدني احترام لحقوق الإنسان، ولذلك فإن الجنوبيين بالشمال لن يذهبوا للجنوب بعد 9 يوليو «منو البيقول لزول أمش موت»، وما يحدث هناك قتل وتعذيب ونهب، فهؤلاء لن يجدون الأمان الذي يعيشون فيه بالشمال حتى ضباط الحركة الشعبية يتجولون بحرية في الخرطوم ولا أحد يعتقلهم ولا يعذبهم.. فإذا كانت هناك مراعاة لحقوق الإنسان فيجب أن لا ندع الجنوبيين بالشمال يذهبون للجنوب.. والقيادات التي تمردت على حكومة الجنوب لديها الحق في ذلك.. على سلفاكير أن لا ينصاع للمعلومات الكاذبة التي تأتيه، وأن يتحقق بنفسه عما يحدث بالجنوب وأن يبعد الفاسدين والمجرمين عنه حتي يضمن استقرار الدولة الجديدة. كما أن عليه تجميع الجنوبين بوحدة حقيقية ليكوِّن دولة للأجيال القادمة، لكنه ترك الجنوب للقبائل فلن تكون هناك دولة جنوب فالوضع الآن كارثي ويحتاج لمنظمات حقوق الإنسان، فإذا كنت أنا برتبة عقيد في القوات المسلحة تعرضت لما تعرضت له فما بالك بالمواطنين العاديين ماذا يصنعون بهم. هل تعتقد وجود أسباب شخصية وراء اعتقالك؟ -قد يكون ذلك صحيحاً، فقد أخبرني أحد رجال الأعمال الكبار بأن الشخص الذي قام باعتقالي أخبره بأنه سيقتلني لأنني انتمي للمؤتمر الوطني.. وعلمت منه مرتين أن قيادات بالجنوب يتقاضون أموالاً تصل في بعض المرات (3) ألف دولار في الشهر.. وأن (خ) الذي قام باعتقالي قال «بعد إعلان الانفصال سيكون هناك الموت وليس الاعتقال».. ولذلك فإن دولة الجنوب لن تتطور إذا كان هذا منطق قياداتها، فأنا شخصياً بعد الانفصال لن أغادر الخرطوم إلى الجنوب، وسأظل بالشمال وهذا سيكون قرار كثير من الجنوبيين الموجودين بالشمال، لأن هناك اعتقاد بأن الجنوبيين بالشمال ينتمون للمؤتمر الوطني ولذلك يتم اعتقالهم وتهذيبهم.