من نافلة القول الاعتقاد بأن الجو يؤثر على «المزاجية» العامة للنّاس، خصوصاً إذا كانت الأجواء متقلبة كحالنا في هذا السودان!! الأجواء السياسية ملبدة بأنباء الحرب والاقتتال التي تدور رحاها الآن في جنوب كردفان الجو هناك يبعث على الأسى والقلق. والغيوم كثيفة وهطلت «أمطار سوداء» لم تنزل برداً وسلاماً على الناس هناك! . والذين كانوا في مثل هذه الأيام يملؤون الجو بالأهازيج والمهرجانات الشعبية احتفالاً بمقدم الخريف ودعاشه و«ضرعه» وزرعه وهذه المرة جاءتهم زخات الرصاص ودخان البارود والاقتتال العبثي والدموي الذي يروح ضحيته في المقام الأول المدنيون والناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل في صراعات الأحزاب والأشخاص وكراسي الحكم والانتخابات. إنه جو الحرب والشحنات الزائدة وغياب الحكمة هنا وهناك والانزلاق نحو مهاوي الخسارة والدمار الشامل والكبير. أجواء الخرطوم «متربة» وكذلك الولايات وشرطة المرور لم تجد سبيلاً لتلافي حوادث المرور سوى الركون لنظام التفويج للمركبات العامة في طرقات المرور السريع بين العاصمة والولايات. وليتها كانت الأجواء السياسية تستجيب وتنقاد لشرطي من نوع آخر وتسمع كلامه ويأخذها بعيداً نحو مواطن الخسارة والضياع!! ما أحوج أجواء السياسة لهارموني قادر على ضبط إيقاعها وفوضاها الضاربة في جنبات وعتبات الدار!! ليتهم يسمعون ويعرفون ماذا يعني الغبار العالق في الجو؟ وماذا يعني إنعدام الرؤية الصحيحة وفقدان القدرة على التحرك للأمام!! وأنا اكتب في هذا العمود هاتفني صديقي دفع الله محمد قال لي في البطانة بدأ الخريف قلت له في الخرطوم «كتاحة» ضحك .. وقال الكتاحة تمثل اليوم الأول في عينة .. العصا الهبوبية وعند العرب فوق تسمى «الهنعة» وقلت له ما احوجنا لهذه العصا في دنيا السياسة. جو الأتربة في الخرطوم يزيد النفس ضيقاً وكآبة وتحس أنك تنظر للأشياء من داخل كوب «دائري» أصفر!! وكذلك النفوس يمتلكها الإحساس العام «بتلبد وتبلد» أجواء السياسة بالغيوم والأتربة والألوان الصفراء والحمراء!! ولا وجود لألوان بيضاء أو خضراء أو حتى مزركشة الجو العام غير مريح!! وكذلك أجواء السياسة ومع ذلك ماذا نفعل فالحياة أصبحت دوماً على موعد مع «الكتّاحة»!!