الأخ... الدكتور.. عبد الرحمن الخضر.. والي الخرطوم لك التحايا.. والسلام. وهذه أولى حروفنا لك.. وأنت والي منتخب.. من جماهير.. ولاية الخرطوم.. ونرسل لك التهاني.. وإن كانت.. متأخرة جداً.. ودعني.. أردد مقولتي.. التي أصبحت مثلاً.. وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها.. وهي إن من يحكم الخرطوم.. هو الذي يحكم السودان.. لا تقل لي.. (ما تعمل لينا مشاكل).. ولكني أعني ما أقول.. أنظر جيداً.. إلى فسيفساء الخرطوم.. أنظر إلى روعة السحنات وتباين المعتقدات.. لتكتشف إنها السودان مصغراً.. ولتكتشف إن الذي ينجح في حكم الخرطوم.. حتماً يمكنه إدارة دولة في حجم قارة.. وندخل في الموضوع مباشرة.. لنقول: بالأسف كله وبالحزن كله.. فقد تبدلت الصورة تماماً.. صورة قطار الغرب.. الذي كان يقوده (ود المكي).. وهو يذرف الدموع.. بكاءً ونحيباً على بؤس كل مدينة يمر بها ذاك القطار.. حتى يدخل محطة الخرطوم.. التي كانت تشع منها الأنوار وتتلألأ فيها الكهارب.. عندما كانت مدينة غنية سعيدة.. ومترفة.. هنا كان يقول القطار ما أتعس رأساً مشلول الأقدام- والرأس هنا كان الخرطوم- والأقدام المشلولة كانت أقاليم السودان المنهكة.. البائسة الفقيرة المنسية.. والآن يا دكتور.. لو عاد (ود المكي) من بلاد اليانكي.. وخاصم عزلته المحيرة لكتب.. (ما أبأس رأساً قوي الأقدام).. سيدي الدكتور.. نعلم تماماً.. إنك لست مسؤولاً ولو بمقدار حبة من خردل.. عن الذي حاق بالخرطوم.. لا تتحمل وزراً واحداً من أوزار من سبقوك، وهم يغتالون الخرطوم.. في رابعة النهار.. لا تغرنك تلك العمارات الشاهقة المكسوة بالبرسول، المجلدة بالسراميك نحن شعب الخرطوم.. لا ناقة لنا فيها ولا جمل.. لا نعرف عنها شيئاً.. ولا نجني منها شيئاً غير(الفرجة) فقط لا غير. نقول.. إنك لست مسؤولاً عن كل ذلك.. ولكن سيدي يجب أن تعلم.. إن شعب الخرطوم.. الذي حملك.. آملاً وراجياً.. و(عشماناً).. يعيش بل يكافح ويكابد الحياة.. أنه يعيش.. أسوأ أيام عمره وحياته.. نحتاج بحراً من المداد.. وأقلاماً من فروع الأشجار.. لكتابة عرضحالات... بؤس وشقاء شعب ولاية الخرطوم.. وتأكد سيدي الوالي.. إننا سنكتب لك.. متى ما رأينا ذلك ضرورياً.. وقطعاً سوف نفصل.. ونسرد ونحكي أحزاننا وآلامنا.. وآمالنا.. ومطالبنا.. لا نخشى في ذلك لومة لائم.. ودعني أهمس في أذنك.. إن التاريخ يهبك فرصة ذهبية وتاريخية أرجو أن تهتبلها.. حتى تكتب اسمك في سفر الخالدين.. فقط استمع الينا نحن.. مهما كان حديثنا مُراً وقاسياً.. ودعك من الهتِّيفة وأولئك الذين يزينون القُبح... ويحفظون الاسطوانة المشروخة.. (كلو تمام سعادتك).. وصدقني يادكتور.. إن هناك أشياء كثيرة..(ما تمام أبداً ومطلقاً).. وكلمات مهمة وضرورية.. وهي إننا.. لا نعرف ولن نشكو.. ولن نناشد.. الحكومة الاتحادية.. فقط نعرفك أنت(والياً) للخرطوم.. فاسمعنا ليس مرة بل كل مرة.. ونبدأ المطالب.. أولاً.. لقد أطربنا.. وأسعدنا كثيراً تصريحك القوي.. والذي يؤكد.. تحريم الرسوم نهائياً.. لكل مراحل التعليم.. أساس وثانوي.. ولكن حتى لا تغشانا.. حسرة المتنبئ.. وهطول المواعيد من الأمراء له من غير حصاد كيلة واحدة من (حنطة)، حتى كتب وهو في قمة الألم.. والحزن (أنا الغني وأموالي المواعيد).. نقول.. أعلم سيادة الوالي.. إن هناك مراكز قوى.. وأرباب حصانة.. وأصحاب نفوذ.. ومصابي(قوة الرأس) من المعلمين.. لا يأبهون البتة بهذا التحذير.. أو ذاك القرار.. واقتراحنا، وحتى يمشي توجيهكم على أرض الواقع.. نقترح أن يكون هناك مكتب(شكاوي) في كل محلية من محليات ولاية الخرطوم.. للتبليغ الفوري لأية مدرسة أو معلم، أو مدير.. أو ناظر أو وكيل طلب مليماً أحمر من أي طالب.. وتكون مهمة موظف المكتب.. هي تلقي الشكاوي.. ثم رفعها لجهات الاختصاص.. للبت الفوري.. أو العقاب الرادع.. وغداً نواصل معك.. إذا سمح وقتك واتسع صدرك.