أجرينا هذا الحوار مع السيد آدم جماع المدير العام المكلف للهيئة العامة للحج والعمرة بمكتبه بمقر البعثة بالعزيزية بمكةالمكرمة ، ويكتسب الحوار أهميته في أنه طازج وجلسنا معه بأسئلتنا التي نقلناها من داخل معسكرات الحجاج فجاءت الإجابات في اعتقادنا أيضاً طازجة ومجيبة على كثير من الأسئلة، وقد ابتدر حديثه قائلاً: نحن بدأنا موسم حج 1432ه وسط أحداث كان الشعب السوداني متابعاً لها، ورغم ذلك استطاع الكادر الإداري تخطي كل هذه المشكلات وبدأنا ترتيبات الحج في شهر رجب، وهذه الترتيبات المبكرة أعطتنا مساحة لمعالجة كل الأخطاء التي كانت تحدث في السابق حتى استطعنا تنفيذ خطة تفويج الحجاج، وعامل النجاح هنا يرجع للتنسيق والمتابعة والثقة المتبادلة، بيننا وإدارة الجوازات وتفهم السفارة السعودية لدور الجواز... فإلى مضابط الحوار .. ومع ذلك توجد مشكلات لا يمكن إنكارها؟ - حقيقة المشاكل التي عصفت بنا لا أقول بسبب إخفاقات، بل هي نتاج عوامل خارجية لا يد للهيئة فيها وهي تتحمل أخطاء وقد لا تكون شريكة فيها. هنالك شكاوى من أداء أمراء الحج؟ - الهيئة تضع معايير عامة، واختيار الأمراء ليس مسؤولية الهيئة، القطاعات هي التي تقوم بعملية الاختيار. إذن ما هي الطريقة المثلى للاختيار حتى لا تتكرر مشاكل الحجيج كل عام؟ - على المسؤولين في عملية الاختيار أن يكون «ضميرهم صاحي»، نحن في الهيئة لا نحدد خيارات بعينها، وعلى القطاعات التنفيذ. هل ثمة تداخل بين عمل القطاعات الولائية و«الهيئة»؟ - لا يوجد تداخل، الهيئة مسؤولة عن الإشراف والرقابة ووضع الإستراتيجية العامة، والقطاع جهة تنفيذية. ولكن قطاع الخرطوم قدم هذه المرة تجربة مختلفة؟ كل القطاعات لا تستطيع العمل بمفردها ومسؤولية الهيئة سيادية.. والسلطات السعودية لا تعترف إلا بمؤسسة الحج السودانية التي يمثلها الوزير ومدير الهيئة. كيف تنظرون لمشكلة النقل؟ - مشكلة النقل تجاوزناها بنسبة 100% خصوصاً النقل البحري، فقد قمنا بكسر حاجز الاحتكار وتعاقدنا مع شركة تملك مواعين واسعة وحديثة، وليتنا نتوسع في فكرة السفر البحري الآن يمكننا أن تقوم بترحيل الحجاج وإرجاعهم في زمن قياسي وبتكلفة أقل.. في النقل الجوي دائماً تواجهنا مشكلة ارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة التذكرة التي نقدمها لشركات الطيران تجعل الكثيرين يحجمون عن التعامل معنا ونضطر للتعامل مع شركة أو شركتين حسب ظروفنا وإمكانياتنا. الناس أيضاً يشكون من ارتفاع تكلفة الحج؟ - أنا كنت في دعوة خادم الحرمين الشريفين السنوية للبعثات الإسلامية وتحدثت مع عدد من رؤساء الوفود، فوجدت أن تكلفة الحج عندنا أقل بكثير.. ففي سلطنة بروناي تكلفة الحج تبدأ من 20-30 ألف ريال، وفي أفريقيا الوسطى 3-5 ألف دولار، والكاميرون 3- 8 ألف دولار، وجزر القمر 15 ألف دولار، إذا قارنا بين خمس دول أفريقية والسودان ستجد أن التكلفة عندنا أقل، وهنالك معادلة مهمة وهي كلما قلت التكلفة تقل جودة الخدمات المقدمة في مجالات السكن والنقل والإعاشة. هنالك من يتحدث عن حجم البعثة الإدارية؟ - هذا الموسم عدد البعثة كان أقل في حدوده 400، وعندما فاقد يبلغ 595، وهذا العام ضغطنا على أنفسنا وأدرنا العمل بأقل قوة لإدارة الخطة التشغيلية الواسعة والمتعددة المهام والأدوار في زمن وجيز. هنالك ظاهرة حج عدد كبير من الدستوريين وكبار رجال الدولة، حتى أن هناك من يقول إن الحكومة كلها في الحج!! ما رأيك في هذه الظاهرة؟ - أنا حسب رؤيتي لا أرى أن هناك عبئاً قد وقع علي، لا يوجد مسؤول دولة في حصتي كبعثة حج سودانية، لا يوجد وزير أو مسؤول جاء معنا في بعثة الحج السودانية، وإن وجد هناك مسؤول فهو مثله ومثل أي حاج سوداني تنطبق عليه كل الشروط ويقوم بسداد التزامات تكلفة حجه. ما هو تقييمك العام لهذا الموسم وإلى أي مدى نجحتم في تنفيذ الخطة الموضوعة؟ - في محور السودان نجحنا كما أسلفت في مسألة الجوازات منذ وقت مبكر، ونجحنا في عملية التمويل لتفعيل الخدمات، ورغم ظروف البلد فقد وافق بنك السودان على كل ما طالبناه به، فشيك الإعاشة رفعناه من ألف ريال إلى 1500، وسودانير نجحت في نقل الحجيج لمطارات جدةوالمدينة في زمن وجيز.. وفي المدينةالمنورة استاجرنا في المنطقة المركزية المحيطة بالحرم، وساهمت المجموعات السكنية في توفير سعة استيعابية للحجاج وساهم العمل الإداري لبعثة الحج السودانية في الوصول لهذه النتائج التي وجدت رضا وقبولاً من الحجيج السوداني، سواءً كان ذلك في المدينةالمنورة أو في عرفات أو في منى.. ومع ذلك وجدت من يشتكي من ضعف الخدمات في بعض المخيمات السودانية؟ - منى وادي مساحته محدودة، ولك أن تتخيل استيعاب «4» مليون، ونصيب الفرد لا يتعدى ال(90سم) ولهذا لابد أن يكون هناك ازدحام، ومع ذلك هناك تقدم سنوي في مجال الخدمات المقدمة للحجاج وهناك تحسن مستمر وأدخلنا هذا العام نظام الإطعام داخل المخيمات. وماذا عن ظاهرة التوهان وسط الحجاج؟ - الحالات محدودة وأسبابها ربما تبدأ من ركوب البعض للطائرة لأول مرة فالصدمة تبدأ من هنا، وفي عرفة، ونحن ونحن نتفقد الحجاج السودانيين وجدنا رجل كبير في السن سألناه لماذا لم تغادر قال إنه في انتظار ولده الذي سيجيئه من النادي!! ومثل هذه الحالات هي جزء من مسؤوليتنا ويتم التعامل معها أول بأول. نرجو أن تحدثنا عن الأوقاف السودانية في الأراضي المقدسة؟ - جزء من الأوقاف السودانية تم شراؤه منذ الاستقلال لمصلحة بعثة الحج السودانية، أخونا المرحوم محمد أحمد النعمان المدير الأسبق أوجد أوقاف في مكةوالمدينة شرط الواقف فيها لحجاج السودان.. احمد قاسم في مكة ووقف باسم الشهيد الزبير في المدينةالمنورة، وهذه الأوقاف تم شراؤها من عائدات الحجاج في أوقات سابقة بشرط الواقف لخدمة الحجاج والعمال وطلبة العلم، كل هذا الجسم كان تحت إدارة موحدة هي منسقية الحج والعمرة بالسعودية. و في عام 2008 أصدر الوزير أزهري التيجاني قراراً بفصل الأوقاف الخارجية من الهيئة، و هذا الفصل أثر على دعم أعمال تسيير الحج بالمملكة العربية السعودية والآن أكثر من 4 سنوات ريع الأوقاف غير موطن ولا نعرف أين هو وكان سيفيد في تقديم خدمات الحج. أين يذهب الآن هذا الريع؟ - لا نعرف. ومن هو المسؤول؟ - هذه مسؤولية وزير الإرشاد..! كيف تنظر لتجربة القطاع الخاص في الحج؟ - تجربة القطاع الخاص هي مقدمة لخصخصة الحج.. وهذا الأمر أمر دين. فاليوم الذي سندخل فيه الحج للسوق نكون قد هزمنا المشروع كله.. لا أنكر أن هناك وكالات تعمل بصورة جيدة ولها مسؤولية تجاه حجاجها، وهناك وكالات كثيرة لا تفي بالعقود الموقعة معها ، ويعتقدون أن هذا المنشط موسم للربح.. والحج السياحي متنازع بين وزارة السياحة والهيئة، ورؤيتنا أن يتم هذا الأمر بتدرج وبحصص مقدرة تستوعبها وكالات عندها مسؤولية، ولابد أن تتوفر لهذه الوكالات الإمكانيات المالية والإدارية لتنفيذ التزاماتها تجاه الحجاج، ولابد أن يكون كل هذا تحت إشراف الدولة، وعلى الدولة توحيد الجهة الرقابية والحسابية لهذه الوكالات حتى نضمن عملها بصورة جيدة ومسؤولة. وماذا عن تجربة صندوق ادخار الحج؟ - تقدمنا بهذا المقترح، وجاءت بيوت خبرة من مصر وماليزيا والمسألة تقدمت ورؤيتنا أن يكون هناك بنك يجمع مدخرات من يريد الحج وهناك حصة للمؤسسات التي تريد أن يذهب منسوبوها للحج، ولكن الأزمة الأخيرة في الهيئة أخرت المشروع كثيراً، والفكرة عموماً هي وعاء ادخاري للجهات الفئوية لتنمية روح الادخار لشعيرة تعبدية، والناس دخولهم محدودة، وبعد 5 أو 6 سنوات يمكن للمشترك في هذا الصندوق أن يؤدي هذه الشعيرة بكل سهولة ويسر.