نعت إدارة جريدة آخر لحظة الجريدة الموقرة، بعددها 1869 بتاريخ الأربعاء 26/10/2011م المغفور لها بإذن الله الحاجة/ أم النصر مساعد الأمين والتي لقيت ربها بحوش بانقا بعد عمر مديد قضته في صالح الأعمال وخير مثال لذلك علاقتها المثالية مع الحاجة الرسالة الزوجة الأخرى (ضرتها)، وهي علاقة حميمة صارت مضرباً للأمثال- والفقيدة هي زوجة المرحوم- عبد السلام مقبول قائد القطارات الماهر والذي كان يعمل وقتها بالسكة الحديد. وهي والدة السيد أحمد عبد السلام مقبول وأخوانه الأفاضل من الجنسين، ولما كان الموت حقاً وهو سبيل للأولين والآخرين، فلا يسعنا هنا نحن أهلها ومعارفها إلا أن نتضرع للمولى عز وجل أن يسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً .. ولكن يبقى هناك سؤال مهم تتوجب الإجابة عليه وهو: من هذه (أم النصر).. وما سبب اختياري لسيرتها كموضوع لهذه المقالة؟ يقول الله في كتابه العزيز في سورة الروم الآية رقم «19» (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون) صدق الله العظيم. وهذا ما حدث بالضبط لفقيدتنا العزيزه المرحومة أم النصر بهذه الدنيا، فقد ولدتها أمها أم النصر (الكبرى) بت الحاج ود النويري بقرية حوش بانقا في إحدى الليالي المظلمة على يد (داية الحبل)، وفي زمن يعلمه الجميع لم تظهر فيه علوم الطب الحديث، إذ أنه بمجرد نزولها من بطن أمها فاضت روح والدتها إلى بارئها ويداها (معلقتان بالحبل)، مما دفع جميع جمهرة النساء الحاضرات لعملية الولادة أن يدخلن في عويل صاخب ومتواصل (كعادة أغلبية نساء السودان في مثل ذاك الموقف الصعب الرهيب)- فما كان من داية الحبل (وهي مضطربة طبعاً)، إلا أن تأخذ المولود وتوابعه المخلوقة معه (خوفاً عليه من أن تطأه أقدام النساء) وتضعه في (الحيب) وهو المكان الذي يندلق فيه العجين مندفعاً من المرحاكة إذا لم تكن الطواحين وقتها موجودة.. كما كان في ذاك الزمان.. والحال هكذا.. بعدها انشغل الناس بتجهيز الجثمان والتعازي وعملية الدفن.. الخ.. وفي (صباح اليوم الثاني) سأل الحاج ود النويري الحاضرين في فراش العزاء وهو طبعاً والد المتوفية (أم النصر الكبرى).. سألهم عن مصير ما ولدته بنته.. أهو خرج من بطن أمه للوجود أم توفت به قبل أن تضعه ودفن معها؟ عندها أنتبه الحضور وتذكروا ما حدث أمس لحظة الولادة.. فاندفعوا ناحية مكان الوضوع ليجدوا هنا شيئاً يتحرك داخل (التبيعة) الموجودة بالحيب وقد تجمعت حولها جيوش جرارة من حشرات النمل.. ففتحوها ليجدوا بداخلها تلك المفاجأة العجيبة- وهي طفلة حية ووديعة.. فظهرت تباشير الفرح هنا..! بينما تجدد الحزن هناك. عندما اختلط (الدمعان) واللذان لم يقدر على إيقافهما أحد غير تكبير وتهليل عقلاء القرية- فيتناول الجد حفيدته ويضمها إلى صدره مطلقاً عليها اسم (أم النصر) عوضاً عن ابنته (تلك التي استشهدت).. إذن هذه أم النصر (الصغرى) والتي خصصنا هذه المقالة لها بمناسبة انتقالها إلى جوار ربها سائلين العلي القدير أن يجعل البركة في ذريتها.. آملين من الجميع أن يتذكروا أن الله كريم وقادر على أن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.. ويكون ما ذكرناه بمثابة وعظ وعبرة للناس.. مع تمنياتنا للجميع بالسعادة والعمر المديد وسلام على ما اتبع الهدى في البداية والختام. مهندس/ أحمد الزين حسن- الحلة الجديدة- اتحاد تعليم قيادة السيارات