تستغرق الرحلة من القاهرة إلى الخرطوم ساعتين ونصف، ومن أسمرا إلى الخرطوم ساعة وخمس دقائق، ومن أديس أبابا ساعة ونصف الساعة تقريباً، وما أن تحط الطائرة عجلاتها على أرض مطارالخرطوم، إلا ويدافع الركاب نحو باب الخروج والحافلة ثم يتسابقون نحو مسؤولي الجوزارات ويتجاوزون في دقائق إلى صالة الحقائب، حيث يبدأ فصل المعاناة في انتظار الحقائب التي يطول انتظارها، وقد تتجاوز فترة الانتظار الساعتين أو الثلاث خاصة إذا وصلت المطار أكثر من طائرة في توقيت متقارب، وقد تصل الطائرة التي أقلتك من حيث جاءت وأنت ما تزال في انتظار الحقائب، وعلة تأخير الحقائب لا تتعلق بالعمال، حيث يُلقى اللوم في أغلب الأحيان على العمال، ولكن أجد أن أسَ المشكلة وسبب التأخير هو الفحص المسبق للحقائب قبل وصولها إلى السير، حيث يتم فحص الحقائب من قبل الجمارك عبر جهاز الأشعة، مما يؤخر الحقائب بدءاً، وصحيح أن هذا الإجراء يُعجل بخروج الراكب بعد تسلمه الحقيبة، ولكن يُطيل انتظاره لتسلم حقيبته عبر السير الكهربائي، وهناك خطورة أخرى في هذا الإجراء أن الراكب قد يفقد حقيبته إذا أخذها شخص آخر لتشابهها مع حقيبته مثلاً، وهناك حوادث كثيرة فقد فيها ركاب حقائبهم، وقد تكون هناك سرقات منظمة تجاه الحقائب التي تتجاوز السير الكهربائي وقد تم فحصها! رغم أنني لم ألقَ حتى الآن ما يفيد بحدوث سرقات منظمة! الأخ الصديق الناشر المصري المعروف حمادة زغلول الذي قدم للسودان في زيارة عمل وجاء على متن الخطوط الجوية السودانية، أشتكى لي من طول الانتظار لتسلم حقيبته، فقد وصلت الطائرة عند الساعة السادسة وتجاوز انتظار الحقيبة الساعة ونصف الساعة، وإذا أخذ شخص حقيبة ما عن طريق الخطأ ولم تكن الحقيبة(مُعَلّمة) بالطابشورة الشهيرة ومر بسلام عبر البوابة، فلن يسأله أحد، وإذا كان شخصاً أميناً فقد يعيد الحقيبة. وهناك الكثير من التجارب لكثير من المسافرين حول العالم في التعامل مع الحقائب، وكثيراً ما تكون الحقيبة نفسها مصدر إزعاج وعكننة في السفر..! وكثيراً ما يجد المسافرون وخاصة المغتربين، صعوبات جمة في وزن الحقائب التي عادة ما تكون زائدة الوزن، وتكلف مبلغاً طائلاً، وقد ينجح الذين يسافرون بالطائرة السودانية ومن خلال العلاقات والمعرفة والاستعانة بمسافرين آخرين أقل وزنا، في تقليل المبلغ المدفوع، ولكن من الصعب جداً أن تنجح تلك المحاولات مع الغالبية العظمى من شركات الطيران العالمية الأخرى لأن لها نظماً صارمة في الوزن الزائد، ولها وزن محدد للحقيبة لا يجب تجاوزه، وتكون الطامة الكبرى إذا لم تصل هذه الحقيبة إلى السير الكهربائي، أو لم تغادر موقعها عند المحطة الأولى التي شحنت منها أو أخذها راكب بطريق الخطأ!، وما زلت أذكر حسرة وحزن فتى صغير (أحمد) وشقيقته (سناء) بعد أن فقدا حقيبتهما عند عودتهما من إجازة ممتعة أمضياها مع خالتهما في القاهرة، وقد كانت الحقيبة عامرة بالهدايا ومقتنياتهما الخاصة، ولم يجدا لها أثراً حتى تاريخه، رغم مدوامة خالتهما وزوجها على الحضور يومياً ولمدة عشرة أيام كاملة، ثم ثبت لهما أن الحقيبة ربما أخذت بطريق الخطأ من السير، مما ترك لدى الطفلين غصة وحزناً ما زال ماثلاً! ولقد سافرت مع الأخ العزيز الأستاذ كمال عروة أكثر من مرة، فوجدته في أكثر الأحوال حريصاً على أن تكون بيده حقيبة خفيفة فلا ينتظر سيراً كهربائياً ولا يضيع زمناً في انتظار حقيبة! ولقد ظللت أكثر من ساعتين في انتظار الحقائب وقد وصل منزله بسلام ونام قرير العين، وأنا انتظر أن يتحرك السير الكهربائي، ونغادر الصالة وقد بلغ منا الرهق والتعب مبلغاً عظيماً! وفي حالة تعدد الحقائب فإن للأخ كمال كرتونة مشهورة من مبتكرات عمله في الشحن السريع، فيضع فيها حقائبه ثم يشحنها معه، ولكن في هذه الحالة سيظل منتظراً حتى حين ولكن يضمن أن كرتونته (المُوسمة) لن تضيع! ومع تقديري للطريقة المتبعة في المطار تجاه حقائب الركاب وفحصها قبل تسليمها لأصحابها، لكن أجد أن الطرق المتبعة دولياً وفي معظم مطارات العالم هي الأفضل، فمن الأفضل أن يتسلم الشخص حقيبته بنفسه ثم يتم فحصها عبر جهاز الأشعة ثم ينطلق نحو بوابة الخروج إذا لم يكن بحوزته ما يستحق جمركته أو حجزه، أو أن تكون هناك صالة خضراء وهي التي يمر عبرها الراكب الذي لا يحمل شيئاً يستحق أن تتم جمركته، والحمراء إذا كان بحوزته ما تتم جمركته!، وعادة ما يكون هناك تفتيش عشوائي من قبل ضباط الجمارك عند الصالة الخضراء وأحياناً تكون الخبرة والحدس والحس الأمني سبباً في قبض بعض الممنوعات التي يحاول الراكب تهريبها عبر الصالة الخضراء!، ولكنها هي صالة خضراء للمرور السريع إلى خارج المطار. وأذكر أنني قبل أكثر من عقدين من الزمان قلت لمدير مطار الخرطوم وقتها في لقاء جامع بالنادي السوداني بالشارقة، إننا لا نرى في مطارات الإمارات ضابط الجمارك وتتم إجراءات خروجنا من المطار في سهولة ويسر، فعلق على كلامي ضاحكاً: إذا كنت لا تريد أن ترانا في مطار الخرطوم فلن يحدث ذلك مطلقاً، بل سترانا وبكثافة كمان!، بالطبع نحن نحيي الإخوة من منسوبي الجمارك في كل موقع، ونشيد بأدائهم وعملهم، ولكن نطالب بحلول متطورة وسهلة وأن لا يطول انتظارنا للحقائب في صالة المطار، وهذه رسالة عاجلة في بدايات العام الجديد أوجهها مباشرة إلى المسؤول عن مطار الخرطوم الحالي وليس المطار الجديد، وتحديداً إلى المسؤول عن حقائب الركاب إلى أصحابها بعد نزولهم من الطائرة وهم في صالة انتظار الحقائب- ولا أجد لها اسماً غير ذلك- ولا أدري من هو المسؤول المباشر ولكن أياً كان المسؤول، فهي رسالة أرجو أن تجد حظها من الاهتمام وأن نصل إلى حل سريع يُعجل بمغادرة المسافر بحقيبته من المطار سريعاً.