يمتاز العقل البشري بقدرة هائلة على التخزين واستخراج المعلومات...آلاف الصور.. المواقف المحزنة والمفرحة.. وجوه.. فترات زمنية نجاحات وإحباطات.. والذاكرة من عملها المستمر.. تتوهج.. وتخبو.. أشياء باقية موثقة نتنسم عبيرها.. وأشياء نود لو جعلنا لها منفى في أقصى الذاكرة! إن الإنسان يملك ذاكرة متطورة.. طفولية ثم شابة تعج بالحيوية والقدرة واحتواء أكبر قدر من المعلومات.. وبعدها ناضجة وتحليلية.. تسترجع القديم وتربطه بالحديث وتشكل ملامح شخصية الإنسان وشكل عطائه وكيفيته.. ثم تبدأ الذاكرة في التراجع مثلها مثل أي عضو في جسم الإنسان الضعيف.. فتتبعثر المعلومات.. وتتضاءل الذكريات.. ونتناسى كثيراً من الوجوه.. نتذكر الملامح وننسى الأسماء!! نحب اللحن وننسى كلمات الأغنية.. تمر علينا مواقف نحن متأكدون هناك في أعماقنا.. أن ذات الموقف مر علينا!!.. ترى أين ومتى؟.. نحتاج أحياناً بشدة للتذكر.. وأحياناً أخرى للنسيان.. لا بل نتمنى أن «نفقد الذاكرة» لنمحوا كثيراً من المواقف والذكريات التي كانت سبباً لشقائنا ردحاً من الزمن ! كثير من الذكريات ترتبط بأشخاص وأمكنة وأشياء أخرى.. وما أن نستعيد الذاكرة حتى ترتسم الصورة بكل ملامحها أمامنا ! إن أصعب المواقف التي مرت في حياتنا وتمنينا أن ننساها.. يصعب فعلاً نسيانها. لي ذكريات مرتبطة بأغنيات.. رائحة عطر معين.. لون فستان كنت أرتديه.. ما أن تعاودني تلك الذكرى إلا وتحمل معها رائحة العطر.. وتفاصيل المكان.. وذات اللون.. سواء كانت سعيدة أو حزينة ! إن كل ما في الكون مسخر لسعادتنا وشقائنا.. الذاكرة القوية هبة ومنحة إلهية.. تساعدنا في تحقيق كل أهدافنا وطموحاتنا وتميزنا عن الغير.. والذاكرة القوية أيضاً آلة تدمر كل أماكن الفرح والسعادة في داخلنا إذا شحذناها لنتذكر آلامنا وخساراتنا وخيباتنا! زاوية أخيرة: إذا كانت لك ذاكرة قوية وذكريات مريرة.. فأنت أشقى الناس!!