كان لإعلان الرئيس البشير تطهير الخدمة الوطنية من الولاء السياسي والمحسوبية أثر كبير في نفوس الشباب الذين طالما تذوقوا جرعات التشاؤم، وأغلقت أبواب العمل والوظيفة في وجوههم بعد التخرج لأنهم لا يحملون «الكارت الأخضر» وهو الولاء السياسي، الأمر الذي حول المنافسة بين الأفراد إلى منافسة على «الواسطة القوية» وليس على تنمية القدرات ونيل الدرجات العلمية. الإنقاذ طوال 22 عاماً عودتنا أن لا يكون للكفاءة ارتباط بالوظيفة وها هي اليوم تخرج بنا من هذا النفق المظلم بعد أن أصبحت الشهادة مظهراً اجتماعياً لا أكثر ولا أقل، ولا شك في خطورة هذا الأمر. السياسة كانت الشرارة الأولى لاندلاع ثورات الربيع العربي في تونس ومصر عبر «الفيس بوك»، وإن كانت السلطات الأمنية في السودان تحكم قبضتها إلا أن هذا السبب هو الآخر كان سيتسبب في ربيع عربي سوداني. 22 عاماً تحول العلماء إلى تجار في الأسواق بفرض الواقع الاقتصادي الذي تعيشه الأسر منذ 22 عاماً.. شابات «حرائر» خلف قضبان السجون ضحية العمل في سوق الذئاب عندما ضاق بهن الحال واستحال الحصول على وظيفة. «آخر لحظة» خرجت إلى الشارع العام واستطلعت الشباب والخريجين على خلفية صدور قرار الرئيس بأنه «تاني مافي واسطة ومافي ولاء». نظارة بيضاء: يقول أحمد محمد الحسن جامعة السودان إن إعلان البشير رأس الدولة هذا القرار يجعلنا حقاً نطمئن إلى أنه سينفذ ولن يكون من باب المراوغة السياسية التي طالما «شبعنا» منها وجعلنا نشعر بقيمة التخرج ما دمت ستنافس منافسة شريفة وفي الماضي كانت «المقاعد» «محجوزة» لأصحابها قبل ان يتخرجوا مما جعل الكثيرين لا يستعجلون التخرج وينظرون إليه بنظارة سوداء أما الآن فقد تحولت لنظارة بيضاء. دموع أمهات: أما إيمان عبد الرحمن جامعة السودان وافقت أحمد بأنه قرار سليم ويأتي من مفهوم العدالة الاجتماعية وأضافت آن الآوان أن نمسح دموع أمهات عملن في البيوت لأجل توفير مصروفات المدارس لأبنائهن الذين تخرجوا ليكون مصيرهم «العطالة» أو «السوق»، وآباء ظل العرق يسيل من جباههم حتى يرسلوا مصاريف أبنائهم الذين يعانون لأجل نيل هذه الشهادة، وأذكر حادثة مؤلمة جداً وهي ذلك الأب الذي باع حماره في الجزيرة لتحضر ابنته للدراسة وهي الكبرى حتى ترفع المعاناة عن الأسرة فاعتقد اذ طبق هذا القرار بشفافية فإن هذا بدوره سيقود لاختفاء «المهن البديلة». شرف المحاولة: أما حامد آدم قال إنه يخشى أن يكون هذا التصريح «بقر بلا حبال» ووعود بغرض سياسي وبعدها يعود الحال الى ما عليه وأرجو أن تعلم الحكومة اننا أصبحنا نضع أملنا في الربيع العربي والتغيير الجذري للنظام حتى تعم العدالة ما يمكن ان يلفت النظر في هذا القرار هو اتجاه الحكومة لترضية الشعب أخيراً ولو «بالكلام» لأنها قضت الوقت كله في ترضيات للمسلحين والأحزاب، ولم تنزل هذا الشارع يوماً لترى ما يعانيه الشعب الجائع الصابر و الخريجون العطالى مما ادى الى زيادة الامراض الاجتماعية من مخدرات وغيرها سببها الشعور بالعجز وفقدان الأمل هي محاولة ارجو ان تكون صادقة او تنال شرف المحاولة. الما عندو «ضهر»: وتقول إيناس العاقب مرحباً بمحاربة «الواسطة» والمثل الذي حول كل تفاصيل حياتنا إلى تعقيدات «الما عندو ضهر ينضرب على بطنو» وأصبحنا نشعر باليأس من مجرد البحث عن وظيفة، وأدى ذلك لانحرافات «أخلاقية» لفتيات وبنات أسر. علي عثمان أكد أن قرار الرئيس يحتاج إلى المتابعة وتفعيل القانون حتى تستقيم الخدمة المدنية والجهاز الرقابي وضرورة تطبيق العقوبة على مخترقي القوانين بذلك ستنتصر الكفاءة.